سمير صالحة
تصدير المادة
المشاهدات : 7413
شـــــارك المادة
لوحة قيل إنها رفعت كانت كافية لإثارة كل هذا الغضب في وجه تركيا وحكومة رجب طيب أردوغان، وهي عكست حقيقة عدم تجاوز العلاقات التركية العربية جروح الماضي ورواسبه وفشلها في مسح السلبيات وتبني المسار الجديد على الرغم من كل ما قيل عن تحسن كبير وجهود بذلت في الأعوام الأخيرة لفتح هذه الصفحة البيضاء. المعلومة الإخبارية تقول إن الوالي التركي المعين في غازي عنتاب لمتابعة شؤون اللاجئين السوريين وضع على مكتبه لوحة تحمل عبارة «والي السوريين» لكننا لم نتحرك بعد للتأكد من مدى صحة هذا الخبر.
العبارة جاءت قاسية، وسبب ذلك ليس فقط احتمال أن يقدم أحدهم على ارتكاب هذا الخطأ بل «إشادة» المجلس الوطني السوري بهذه الخطوة دون أن يقال لنا إذا ما كانت هذه الإشادة هي بقرار تعيين «وال للسوريين» أو نتيجة تكليف الرجل بمهام الإشراف على شؤون اللاجئين السوريين في المدن التركية أولا وتجاهل ما قد تتسبب به هذه العبارة من ردود فعل سلبية ثانيا. وحدث الأسوأ طبعا فسرعان ما تحولت المسألة إلى فرصة لإعلان الحرب على أنقرة وحكومتها وإطلاق العنان للأقلام والمخيلات والعودة للأرشيف الذي يذكر بجمال باشا وتعليق المشانق. خبر قصير أولا، ثم حديث مع الوالي سئل خلاله عن أسباب الجدل الدائر حول طبيعة مهمته، لكنه لم يخطر على البال أن ندقق في المسألة التي كانت كافية لإثارة غضب البعض وشحذ الأقلام والرجوع إلى الدفاتر القديمة: هل اليافطة موجودة أم لا؟ هل هو خطأ غير مقصود؟ هل بالغ البعض في تحريك المخيلات؟ لا أجوبة. كلنا يعرف أن مسألة رفع يافطة من هذا النوع لن يتحمل مسؤوليتها الوالي دلماز وحده بل ستكون سببا للإطاحة بكل ما بنته حكومة العدالة والتنمية في السنوات الأخيرة على طريق تحسين العلاقات مع العالم العربي. بعض ما كتب وقيل في الأخبار والتعليقات والتحليلات السياسية لأبرز الكتاب العرب: تركيا العثمانية تعين واليا على السوريين مولانا فيصل يلماظ هذه هي سياسة أردوغان السورية علاقة استتباع تقود إلى تنصيب وال على السوريين عملية تندرج في إطار استعادة دور السلطنة العثمانية ليتحول الخبر في النهاية إلى قرار تركي بتعيين هذا الوالي على المناطق السورية الخارجة عن سيطرة النظام ويكون الرد أننا لن نسمح بتحقيق هذا الوهم وتتريك المنطقة وأن المؤامرة التركية ستسقط في النهاية. بحثنا أولا عن اسم فيصل يلماز المعتمد في الأخبار وقارناه بأرشيف التعيينات الأخيرة لرئاسة الوزراء ووزارة الداخلية ففوجئنا أنه الوالي ويسل دلماز الذي نتابعه جيدا بحكم وجودنا في مدينة واحدة فهو الوالي المكلف بتنسيق شؤون اللاجئين السوريين في المناطق والمدن الحدودية التركية وإقامته هي في عنتاب وأنه عميد كلية القانون في المدينة نفسها منذ عامين تقريبا. ثم عثرنا على قرار التعيين فكان يتحدث عن الأحداث المؤلمة التي تشهدها سوريا، وعن ضرورة توفير الدعم للاجئين السوريين الوافدين من هناك، وعن تنظيم شؤون دخول وخروج السوريين إلى ومن الأراضي التركية، وعن توفير الدعم المعيشي والحياتي للسوريين الموجودين في المناطق الحدودية بين البلدين. لم نجد في القرار طبعا عبارة والي السوريين، لكن فرصة العودة إلى الوراء ولت وتقدمت مقولة الفرمان الممهور بختم أردوغان الذي ألبسه البعض ثياب السلاطين ولفتهم. والٍ عين بصفة مؤقتة بمهمة ظرفية واضحة محددة منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، وها نحن وبعد أشهر من التعيين وجملة تفجر غضب الشارع العربي ننشر توضيحا له أن مهمته في الداخل السوري تقتصر على تنسيق المساعدات المرسلة إلى هناك ويطلب منا تجاهل كل كتابات الإهانة والتجريح. أسبوع كامل والكثير من وسائل الإعلام والتحليلات تتحدث عن هذا الوالي وغايات تعيينه «التوسعية الاستعمارية» التي تحضر لسايكس بيكو جديد بطابع عثماني هذه المرة. لكن أحدا لم يتحدث عن الجهود التي يبذلها دلماز في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا والشعب السوري للتخفيف من معاناة اللاجئين إلى الأراضي التركية والنازحين داخل الأراضي السورية عبر الإشراف على جيش من الخبراء والموظفين والمتطوعين للمساهمة في حملات تقديم المساعدات المعيشية والحياتية والتعليمية للمحتاجين إليها. المسألة تحولت إلى «جيش انكشاري تركي» يريد الهيمنة على سوريا ومقدراتها. بعض ما جاء على لسانه بتاريخ التاسع من الشهر الماضي في الإعلام التركي: لقد تجاوز عدد اللاجئين السوريين المائة ألف، تحركنا بشكل أوسع للتعامل مع المسألة ببعدها الإنساني بتعليمات وتوجيهات من رئيس الوزراء رفعنا عدد الخيام والمخيمات والبيوت المؤقتة لتوفير احتياجات اللاجئين إلى الأراضي التركية ريثما تنتهي محنتهم ويعودون إلى بلادهم. في الوقت الذي كانت فيه الكتابات تتواصل حول والي السوريين كان الجنود الأتراك في جنوب لبنان يواصلون تقديم الخدمات لسكان المناطق هناك تحت شعار حماية وحدة وأمن واستقرار هذا البلد في أعقاب أكثر من عدوان إسرائيلي تم على مرأى ومسمع قيادات سورية كانت تمثل النظام السوري هناك وطبعا نحن هنا لن ندخل في توصيفات مهامها أو طبيعتها أو الصفات والألقاب. الجميع في المنطقة يجلس على أعصابه فوق بركان البارود هذا. ربما أبسط ما يمكن أن يفعله البعض هو ترجمة ونشر قرار تعيين الوالي دلماز في المواقع والأماكن التي حولوها إلى حصن للدفاع عن هجوم واستعداد لمواجهة لن يحدثا أصلا. هكذا تركنا اليوم في الموقف الصعب أنقرة لا ترد على ما قيل تتجاهل أو تتغاضى أو ربما هي لا تتابع فنظهر نحن بمظهر من يحارب نيابة عن العدالة والتنمية. الشرق الأوسط
عبد الرحمن الراشد
حازم صاغية
وليد الحاج
العصر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة