إبراهيم الأصيل
تصدير المادة
المشاهدات : 3314
شـــــارك المادة
مناقشة الخطاب السياسي وأهدافه يجب أن تبدأ من دراسة ظروفه وتوقيته، فالأسد خرج اليوم في ظلّ مفاوضات إقليمية ودولية كبرى لإنهاء الأزمة السورية، وتراجع وتباطؤ الدعم الأمريكي للثورة السورية بما يبدو أنّه إفساح المجال للروس والإيرانيين لينسجوا الحل الذي يسعون له. ويظن الأسد أن الصراع سيبلغ مرحلة من التوازن على الأرض ممّا يتيح له الدعوة إلى تسوية تلبّيها الناس الجائعة والمتعبة والمنهكة فيقبلوا بشروطه ويلعب دور الخصم والحكم بل والسيّد أيضاَ.
وهو يسعى للتلاعب بألم وحزن وغضب النّاس وتوجيهه ضد المعارضة موحياً أنّ كل ما يعيشه السوريون اليوم من مآسي سببه المعارضون والثوّار وأنّه آن للجميع أن يعودوا إلى عباءة النظام معتذرين مكفّرين عن ذنوبهم. كل ما سبق دفع بشار لأن يظهر اليوم بمظهر المنتشي، وهو يظن أنه انتصر حين استطاع إظهار الثورة السورية خاصّة والربيع العربي عموماً كحركات تمرّد أصولية متطرّفة، وراح يكرّر “جهادي، جهاديين، تكفيري، تكفيريون، قاعدة، تطرف، ذبح، خطف، نهب” معتبراً أنّها كلمات السر التي ستنهي المعركة… الأسد مخطئ، كما أن روسيا وإيران والصين وأمريكا على اختلاف سياساتهم مخطؤون، وكل من يظن أنّه يمكن وأد هذه الثورة مخطئ، لا يمكن الوصول لأي حل يكون بشار الأسد فيه أحد الأطراف في سوريا، وأنا لن أستشهد بتقدّم الجيش الحر شمالاً وشرقاً ولكن سأكتفي بأن أذكّر الأسد أن قواته وجحافله تحاول عاجزة اقتحام داريّا والتي لا تبعد عن قصره سوى بضعة كيلومترات دوى جدوى.وخسائره البشرية بالمئات مع عشرات الدبابات والمدرّعات. هل يظن الأسد ومن خلفه أنه بتجفيف موارد السلاح سيعود الناس لبيت الطاعة؟! معظم ما يستخدمه المقاتلون الآن من سلاح غنموه أو اشتروه من الجيش النظامي وميليشيات الشبيحة، لا فضل ولا منّة لأحد على هذه الثورة. وربّما هنا يجب أن نعرف كم كنّا محظوظين حين لم يحصل التدخل الخارجي، لأن ذلك التدخل كان ليفرض علينا شروطه، الأمر الذي لن يستطيع فعله أحد الآن، مهما شطحت به الأحلام والتخيّلات. لا يمكن للأسد أن يستمر، لأنه ببساطة ومهما ادعّى غير ذلك لا يمت لسوريا بصلة، وهتاف اليوم فضح صورة النظام الحقيقية ”الله.. بشار.. جيشنا المغوار” بمعنى آخر لم يعد هناك حتى وجود لسوريا وتم استبدالها بالجيش. ربما في الخطاب القادم يُحذف اسم الله أيضاً لتكتمل قصّة فرعون {فحشر فنادى، فقال أنا ربّكم الأعلى… فأخذه الله نكال الآخرة والأولى}.. أمران يمكن الاستفادة منهما من خطاب الأسد اليوم: الأول هو ملاحظة أن النظام السوري يحاول باستمرار تقديم نفسه على أنّه “الدولة السورية” وبأنّه “نظام وطني لكل السوريين” وكان من الملفت توجيه تحية لسكان رأس العين في الحسكة بعد الاشتباكات التي حصلت فيها، وهو بذلك يحاول إقناعنا بأنّ له مؤيدين على طول البلاد وعرضها وحتى في أقصى الشمال وقرب الحدود التركية. النظام السوري ليس طائفيا فحسب. هو أقذر من ذلك بمراحل، النظام السوري يستخدم الطائفية كإحدى أدواته، كما أنّه لم يتوان عن استخدام الجهاديين كأداة أخرى في مكان وزمان آخر، ويجب أن يذكر هذا من يخرج متكلّماً باسم الثورة ليحمّلها سمة الطائفية، إذا كان النظام القذر لا يقبل أن يحمل صفة الطائفية في خطابه لأنّه يعلم أن ذلك سيصيبه في مقتل، وما يزال يجنّد خطاباته وأذرعه الإعلامية لتظهره أمام أعين مؤيديه أنّه النظام الوطني، أفليس حريّاً بثورة الحرية والكرامة أن ترفض وتلفظ كل من يحاول -عن حسن أو سوء نيّة- لصق صفة الطائفية بها؟ أما آن لنا أن نرفض أن توضع تلك التهمة على أكتافنا فتغوص أقدامنا بالطّين ونعجز عن الحركة؟! والأمر الثاني هو سؤال الطاغية اليوم عن زعامات ومفكّري الثورة، صحيح أنّه كان حريّاً به أن يسأل جميل حسن والمخابرات الجوية وبقية أجهزة القمع عنهم، فهم وأقبيتهم أدرى بهم، ولكن علينا أن نسأل أنفسنا السؤال ذاته، هل لنا دور في غياب زعامات ومفكري الثورة؟ هل تمادينا كثيراً في التفكّك ورفع الرايات المختلفة حتى لم يبق لنا إلا القليل من الزعامات النادرة وهناك من ما زال يعمل على دفنها! ألم يحن الوقت أن نلتفّ جميعاً حول زعامات وطنية دون أن يرجو كلٌّ منّا أن يكون هو ذاك الزعيم، ألم يحن الوقت لنستمع لبعضنا البعض دون تخوين وتسفيه وشتم مغلقين الباب أمام بزوغ نجم أي مفكّر أو كاتب أو محلّل أو فنّان من الثورة… سؤال لنذكره جميعاً في المرحلة القادمة ولنعمل على أن نجد له إجابة مرضية… قبل أن يعود الطاغية ويشمت بنا من جديد.
مدونة مدينة
طارق الحميد
راتب شعبو
نجوى شبلي
مهدي الحموي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة