..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

سؤال الشعوب العربية: ماذا يريد الحكام العرب في حياتهم؟

أحمد أبو مطر

٣٠ ديسمبر ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5570

سؤال الشعوب العربية: ماذا يريد الحكام العرب في حياتهم؟
العرب1.jpg

شـــــارك المادة

هذا السؤال المفترض أنّه يدور في مخيلة وعقول كافة الشعوب العربية موجه لكل الحكام العرب (بدون استثناء)، أيا كانت تسمياتهم: ملوكا،رؤساء، سلاطين وأمراء، أو شيوخا، فالتسمية لا تهم بقدر الممارسة المصاحبة أو المنطلقة عن تلك التسمية، فأشهر تسميتين للحكم وهي (الملك) و(الرئيس) موجودتان في غالبية الأقطار الأوربية والأمريكية، ولكن هل ممارسات وسلوكيات من يمسكون بتلك المناصب في الأقطار الأوربية والأمريكية تشبه تصرفات وسلوكيات الملوك والرؤساء في الأقطار العربية؟.


هذا هو منطلق وخلفية السؤال عنوان المقالة، الذي أعتقد أنّه يدور في أذهان وعقول غالبية الشعوب العربية، خاصة عندما يكون كل الرؤساء والملوك العرب مواطنين عاديين جدا، قادتهم ظروف خاصة منها الانقلابات العسكرية للوصول لكرسي السلطة، فإذا بهم يتحولون خلال أسابيع قليلة إلى مواطنين من صنف آخر يتنكر لأصله ولغالبية الشعب، ما عدا الحاشية أو العصابات المنافقة لهم والمدافعة عنه، وبالتالي السيطرة المطلقة على النسبة الأكبر من ثروة البلاد والعباد لحسابه وعائلته.
والأرقام التي عرفت وأعلنت عن ثروة من تمّ خلعهم وطردهم من هؤلاء الرؤساء مخيفة للغاية، وكمثال فقط ما أعلنته وزارة الخارجية الأسبانية يوم الخميس الثالث عشر من ديسمبر 2012، أنّها (احتجزت ما قيمته 28 مليون يورو من الأموال والعقارات التي ترجع ملكيتها إلى الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك) وفي التفاصيل التي أعلنتها الوزارة (إنها احتجزت 18.4 مليون يورو مودعة في البنوك الإسبانية، وعلى منزلين في حي ''لا موراليخا'' بالعاصمة الإسبانية مدريد، إضافة إلى حجز 5 عربات فاخرة و7 منازل بمنطقة ''ماربيا'' السياحية الراقية جنوب البلاد، وحسب مصادر الشرطة الإسبانية، فإن مبارك اقتنى تلك الممتلكات عن طريق الاستغلال غير المشروع لأموال الشعب المصري، والاختلاس والأعمال الخارجة على القانون، عندما كان يشغل منصب رئيس جمهورية مصر العربية).
هذا ما تمّ كشفه في أسبانيا فقط، وما أدراك بغيرها من البلدان والبنوك، وفي الحقيقة فإنّ هذا الرقم متواضع للغاية قياسا بأموال حكام آخرون تصل حد المليارات كلها مسروقة ومنهوبة من ثروة الشعوب، وكذلك ما لم يتمّ كشفه بعد عن مليارات زين العابدين بن علي والمقبور القذافي والمطرود علي عبد الله صالح، وبقية الحكام الذين ما زالوا في السلطة، ولا يعلم أحد عن مليارات ملياراتهم إلا الله والبنوك الأوربية، ويكفي أيضا إطلاق الصحافة الأوربية منذ سنوات طويلة على ثروة وحوش سوريا وأخوالهم تسمية (إمبراطورية آل مخلوف الاقتصادية.
ويكفي سؤال واحد منهم وهو عمّ الوحش الحالي (رفعت) الذي قادته لهفة السيطرة على المال والثروة للانقلاب على أخيه (حافظ) فتمّ طرده خارج سوريا مع ملياراته التي منذ سنوات يعيش ويستثمر فيها في عدة بلدان أوربية، وهو الذي كان مجرد ضابط مغمور قبل انقلاب شقيقه حافظ عام 1970 .
هل ينفع مع هذه النماذج اللصوصية في كافة الأقطار العربية سؤال: من أين لك هذا؟.
لن ينفع لأنّها لن تجيب وأساسا لا تسمح لأحد أن يوجه لها هذا السؤال.
ما هي خلفية هذا السلوك العربي؟
هذا السلوك ليس طارئا ولا جديدا على الحياة العربية، فقد تمّ غرسه في الجينات العربية ليصبح متوارثا منذ انتهاء عصر الخلفاء الراشدين، وهذه نقطة تدعو للتأمل.
لماذا يطلق التاريخ العربي الإسلامي المعتمد عبر أهم مصادره التراثية، صفة "الراشدين" على الخلفاء الأربعة الأوائل فقط؟
وهل يمكن أن نعتبر ضمن نفس السياق والنسق أنّ هذا التاريخ يعني أنّ كل من جاء بعدهم غير راشدين؟.
ويكفي أنّ نورد بعضا من حياة وثروة وأملاك وشهوات الخلفاء العباسيين بمن فيهم الخليفة العباسي "هارون الرشيد" الذي له في التاريخ العربي والإسلامي من الشهرة مما جعله أشهر من بعض كواكب الفضاء، إلى حد أنّ بعض المصادر تعتبره مجاهدا وورعا وفاتحا لأمصار عديدة، ورغم ذلك يكفي أن نقرأ في نفس المصادر التاريخية العربية عن عدد الجواري في قصوره وقصور غالبية هؤلاء الخلفاء، والمؤامرات التي كانوا يحيكونها ضد بعض، بما فيها مؤامرات الولد على أبيه والأخ على أخيه أو ابن عمه، وتتكرّر هذه الانقلابات في حياتنا العربية المعاصرة. وهكذا فهذه الجوانب من هذا التاريخ انتقلت جينيا لأجيالنا العربية المعاصرة خاصة الحكام العرب في مجالي نهب السلطة والثروة وبالتالي يكون السؤال المطروح هو: ماذا يريد الحاكم العربي في حياته؟
لماذا يصرّ الحاكم العربي على هذا السلوك الشاذ المرفوض والمدان من شعبه أولا؟.
هل يريد الحاكم العربي أكثر من العيش الكريم هو وعائلته، وهذا سيتوفر له بأعلى المستويات بالاعتماد على القانون والدستور فقط دون حاجته للجوء للسرقة والنهب؟
وضمن نفس السياق نرى حجم الفارق بين سلوك المسؤول الأوربي والعربي، فالوزير أو رئيس الوزراء في غالبية البلدان الأوربية والأمريكية يستقيل لمجرد خطأ بسيط في وزارته لم يرتكبه الوزير شخصيا بل موظف أو مسؤول في وزارته، بينما المسؤول العربي، فأبشع مثال له هو وحش سوريا، الذي يصرُ على البقاء في السلطة وما يتبعها من نهب على حساب عشرات ألاف القتلى والضحايا من الشعب السوري، وتدمير القرى والمدن وقصفها بأسلحة لم يستعملها مطلقا ضد الاحتلال الإسرائيلي للجولان منذ عام 1967..
فلماذا هذه الوحشية والعربدة؟
ماذا كان سيخسر لو استجاب لنداء وثورة الشعب السوري منذ مارس 2011 وتنازل عن السلطة وسلمّها لرئيس منتخب عبر انتخابات حرّة نزيهة؟.
هل يستطيع أحد حتى من مصفقي الطاغية أن يبرّر سلوكه هذا؟.
نعم إنّه سلوك عربي متوارث جينيا، وهذا ما سيجعل شعوب المنطقة العربية تبقى في رأس قائمة التخلف العالمية ودولهم من ضمن قائمة الدول الفاشلة، طالما يقودها ويتحكم فيها هكذا حكام، ليتهم شعوب وحكام يتأملون دولة الاحتلال الإسرائيلي كيف تتعامل مع حكامها ومسؤوليها، عندما أصدرت محكمة العدل العليا في القدس الغربية في نوفمبر 2011 تثبيتا للحكم بالسجن سبع سنوات على الرئيس الإسرائيلي السابق موشيه قصّاب بعد إدانته بجرائم اعتداء جنسي واغتصاب، وما زال في السجن يقضي فترة محكوميته. فما هو الحكم على حكام عرب يغتصبون السلطة وثروة الشعب؟.
هل يفسّر هذا لماذا تعجز حكومات ومسؤولي 22 دولة عربية على إلحاق الهزيمة بدولة الاحتلال الإسرائيلي، فهم مشغولون بهزيمة شعوبهم أولا ثم سرقة ونهب ثروات أوطانهم ثانية.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع