..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

مخدر أم أبله

جهاد خيتي

٢٦ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5147

مخدر أم أبله
1.jpg

شـــــارك المادة

كتب مصطفى خليفة في روايته، يحكي يوماً في سجن تدمر الصحراوي: " 10 حزيران : أكثر من نصف شهر لم يحدث خلالها شيء , أصوات التعذيب أنهكت أعصابي , أن تتعذب أنت أهون من أن تسمع أصوات الصراخ الإنساني ليلاً نهاراً ..."


وفي سجن صيدنايا ساوموه للتوقيع على الاعتذار للرئيس مقابل إطلاق سراحه بعد خمس عشرة سنة من السجن، لكنه رفض، وكتب يقول: "بعد خروجي من عند رئيس الفرع وبعد محاولة مدير السجن معي لأوقع، أهملوني تماماً أكثر من شهر ونصف، في الأيام الأولى من هذه الفترة كنت فرحاً ومزهواً وراضياً عن نفسي تماماً, لكن مع استمرار الإهمال بدأ الإحساس بالضيق و الملل ينتابني،
يومياً كنت اسمع أصوات التعذيب والصراخ, وفي يوم من الأيام سمعت صراخ ولدٍ صغير يتعذب, فكرت أن أطرق الباب لأطلب منهم مقابلة رئيس الفرع !. حتى الكلمات التي يجب أن أقولها له كانت جاهزة : (سيدي العميد .. لقد فكرت طويلاً , وأنا على استعداد للتوقيع على أي ورقة تريد!) فركت جبيني وأنا أسير خطوتين إلى الأمام ومثلهما إلى الخلف, جلست, وضعت رأسي بين يدي, فكرت, ضربت رأسي بالحائط, بكيت .. بكيت, تمددت ونمت".

عندما نقلوه من سجن تدمر إلى سجن صيدنايا، وهو في سيارة الأجرة التي كانت تنقله، جالت في ذهنه خواطر، كتب عنها يقول: "كنت أنظر إلى الناس، وأتفحص وجوههم, ما هذه اللامبالاة ..
ترى كم واحداً منهم يعرف ماذا جرى ويجري في السجن الصحراوي؟ ..
ترى كم واحداً منهم يهتم؟
أهذا هو الشعب الذي يتكلم عنه السياسيون كثيراً ؟ .. يتغنون به .. يمجدونه .. يؤلهونه ! ... 
ولكن هل من المعقول أن هذا الشعب العظيم لا يعرف ماذا يجري في بلده؟!
إذا لم يكن يعرف فتلك مصيبة, وإذا كان يعرف ولم يفعل شيئاً لتغيير ذلك فالمصيبة أعظم، استنتجت أن هذا الشعب إما أن يكون مخدراً .. أو أبلهَ ! "

بطبيعة الحال: كان الاحتمال الأول هو الأقرب إلى الصحة، فالقمع والتعذيب والخطف والاعتقال والاغتصاب وانتهاك الحرمات وتدمير البيوت على رؤوس أصحابها؛ كان ذلك كله سبباً في منع الناس قسرياً من مجرد التفكير في أولئك المسجونين، وما يجري عليهم من ألوان العذاب وصنوف التنكيل، فضلاً عن أن مثل هذه المعلومات كانت مغيبة تماماً عن الناس، فلا يعلم ما يجري في السجون إلا الجلادون المجرمون.
أما الآن فالتعذيب علني أمام كاميرات التصوير، يلتقطها الجزارون ويتفاخرون بها، وتنقلها وسائل الإعلام إلى العالم كله، وبعضها تحذفها المواقع بسبب فظاعة الناظر التي تحتويها.
وأمس، الاثنين: أرسل لي أحد الإخوة من الكسوة في ريف دمشق خبراً مفاده: (أن أصوات تعذيب المعتقلين من على حاجز مسجد أبي بكر الصديق تعلو وتسمع من مسافات بعيدة(
فهل العالم مخدر أم أبله؟
إن ما يجري في سوريا وصمة عار في جبين العالم، والإنسانية جمعاء.
وإن كنت أستثني العالم الكافر -وليس بعد الكفر ذنب- رغم وجود النخوة لدى بعض أولئك القوم، إلا أني لا أستثني إخوة الدين، الذين لا يتحرك وجدانهم، ولا تنتفض شهامتهم وأصالتهم للدفاع عن إخوانهم.
من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع