أحمد الجمال الحموي
تصدير المادة
المشاهدات : 12705
شـــــارك المادة
أرثي كثيراً لحال (بعض) (الإسلاميين) وأشفق وأعتب عليهم-ولاعتب لي على غيرهم- وليس هذا الرثاء والإشفاق لمصائب تنزل بهم ولا لأمراض مستعصية أمسكت بتلابيبهم وأنهكت أجسامهم، ولا لخسارات مالية حاقت بهم، وإنما لأمر بعيد عن هذا كله، وقد يكون أنكى من المصائب والأمراض والخسارات المالية، ألا وهو أنهم لا يقرؤون إلا لماماً، يستوي في هذا العامة وكثير من الخاصة والمثقفين. وربما كان (بعض) هذا (البعض) يتكبد عناء القراءة ومشقتها ولكنه وياللأسف قد لا يفكر فيما يقرؤه ولا يمعن النظر بمعناه.
ومن هذا البعض أيضاً فريق يقرأ العنوان فيطرب له ويذهب العنوان بلبه إلى درجة السكر، ثم لا يجاوزه إلى ما بعده ليكتشف ما هنالك من خير أو شر. وقبل أن تذهب الظنون ببعض الأخوة بعيداً فيحسبون أنني أقصد فئة أو جماعة أسرع فأقول: إنني لا أقصد بالإسلاميين حزباً بذاته ولا جماعة ما ولا فئة معينة، وإنما أتكلم عن نوع من الناس لا عن أشخاص ولا عن جماعات أو فئات. وإليكم مثالين على ماقلت: المثال الأول: ظهر عندما سافرت إلى استنبول حرسها الله تعالى مطلع صيف 2010م لحضور لقاء الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وقد أعيد في هذا اللقاء انتخاب العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رئيساً للإتحاد. وكان من جملة الحاضرين مفكر إسلامي مشهور_لن أذكر اسمه_ جرى بيني وبينه خلال إحدى الاستراحات حوار حول إيران ومواقفها من أمتنا وقضاياها، وحول الروافض ورأيهم فينا. فكان موقف ذلك المفكر الدفاع المندفع عن إيران وعن الروافض بحماسة حتى لكأنه واحد منهم. فسألته قائلاً ماذا قرأت من كتبهم _ وليس من الكتب التي ألفها المسلمون عنهم _ فتجاهل سؤالي ولم يرد عليه حتى حسبت أنه لم يسمعه. وعندما كررت السؤال زاد تجاهلاً له كأن في أذنيه وقراً. والأرجح أنه لم يقرأ شيئاً من كتبهم، ولا يعرف كثيراً من تاريخهم الطافح بعداوة أمتنا والحقد عليها وانتهاز الفرص لتدميرها. وما كان هذا المفكر ليتجاهل السؤال لو أنه قرأ بعض كتبهم. فهبط هذا المفكر عندي عن المكانة التي كان فيها والتي لم تكن عالية أصلاً. وهذا هو المثال الأول لمفكر إسلامي مفتون بأولئك الذين لم يقرأ شيئاً عن عقائدهم ولا عن تاريخهم، ولو أنه قرأ لكان له موقف آخر. وفي العام نفسه وبعد مرور حوالي شهرين على الواقعة السابقة جمعني مجلس في الأردن مع مفكر إسلامي أردني يحظى باحترام الكثيرين فجرى بيننا حديث في الموضوع السابق ذاته فسألته كما سألت سابقه ماذا قرأت من كتب الروافض فأجاب بصراحة وبلا تردد بأنه لم يقرأ شيئاً. فكبر الرجل في عيني وارتفع فوق المكانة التي كان فيها قبلاً والتي كانت عالية رفيعة أصلاً. وهذا هو المثال الثاني: لمفكر إسلامي له شأن وقد دافع عن مواقف إيران بحماسة أقل من ذاك بكثير وبعقلانية أكثر، لكن الجامع بين الاثنين هو أنهما يدافعان كل بطريقته من غير إطلاع ولا قراءة. وإذا كانت هذه حال اثنين من المفكرين الإسلاميين فما هو حال غيرهما يا ترى. والذي حملني على كتابة تلك المقدمة هو عبارة لم تغب عن بالي كنت قد قرأتها قبل سنوات في كتاب الحكومة الإسلامية للخميني _ وما أكثر العبارات التي لا تغيب عن البال في ذلك الكتاب وفي غيره من كتب الخميني_ فعجبت في حينها ولا أزال من إعجاب بعض الإسلاميين بالكتاب وتساءلت في نفسي هل قرأ المعجبون الكتاب وفهموا مافيه؟ أم أنهم أعجبوا به فرحاً بالعنوان دون قراءة الكتاب ولعل لسان حالهم يقول هل ثمة داع للقراءة بعد هذا العنوان البطولي؟! أيها الإخوة لن أقف عند الذي أورده الخميني عن اعتقاده بالأئمة في هذا الكتاب مع خطورته، فليعتقد فيهم ماشاء، والله تعالى هو الذي سيحاسبه عليه. من مثل قوله (فإن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون. وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل. وبموجب مالدينا من الروايات والأحاديث فإن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم والأئمة (ع) كانوا قبل هذا العالم أنواراً فجعلهم الله بعرشه محدقين...) الحكومة الإسلامية 48- 49. ولن أقف أيضاً عند تطاوله في أكثر من موضع من كتابه على الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-.
-وأين هو من الصحابة وأنّى لألوفٍ مثله أن يكونوا أهلاً لبلوغ مرتبة أدنى صحابي فضلاً عن الطعن فيه_ ولن أقف أيضاً عند زعمه أن تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن، ولا عند تطوعه بإعطاء من بلغ مرتبة معينة من فقهاء مذهبه كل ما للرسول -صلى الله عليه وسلم- من حقوق التشريع وغيره إلا ما كان من خصوصياته. وإنما أريد الوقوف فقط عند عبارة كأنّ عيون الذين أسعفهم عقلهم فقرؤوا الكتاب لم تقع عليها ولم ترها، عبارة تفيض حقداً ولؤماً وعداوة لأمتنا. وهي أشبه شيء بفتوى إبادة المسلمين والقضاء عليهم مع منح الأوسمة لمن يفعل هذا، ألا وهي قوله: ( وإذا كانت ظروف التقية تلزم أحداً منا بالدخول في ركب السلاطين فهنا يجب الامتناع عن ذلك حتى لو أدى الامتناع إلى قتله، إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصر حقيقي للإسلام والمسلمين مثل دخول علي بن يقطين ونصير الدين الطوسي رحمهما الله) الحكومة الإسلامية 118- 119 . هكذا تكلم الخميني معلناً بلا مواربة الثناء على قتل ملايين المسلمين. وإنه لمن الغباء والخزي والعار أن يعجب الإسلاميون بكتاب يشيد بقتل أبناء الأمة بالملايين ويعدّه نصراً حقيقياً للإسلام والمسلمين. ولربما يعجز بعض الناس عن اكتشاف ما في كلام الخميني من سم زعاف وعداوة شرسة للأمة العربية والإسلامية، لذا لابد من توضيح معنى كلامه كي يفهمه العالم والجاهل والمثقف وغير المثقف. إن معناه أن الحكومات كلها ابتداء من حكومة الصديق -رضي الله عنه- إلى الحكومات الحالية وحتى قيام الساعة هي حكومات غير شرعية وتجب محاربتها، كما هو مذكور في أكثر من موضع من كتابه، ولهذا لا يجوز أن يعمل الرافضي مع أي حكومة غير حكومات الأئمة الإثني عشر في أي وظيفة سواء أكانت رفيعة كوزير مثلاً، أو وضيعة كخادم أو عامل بسيط، بل يجب عليه الامتناع عن العمل حتى لو أدى ذلك إلى قتله. وتأتي الطامة في الإستثناء (إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصر حقيقي للإسلام والمسلمين مثل دخول علي بن يقطين ونصير الدين الطوسي) وفي هذه العبارة الأخيرة يجيز الخميني الدخول الشكلي مع الحكومات للخداع وخدمة دين الخميني ودين أمثاله من أعداء أمتنا. وقد ذكر الخميني اثنين مثالاً على الدخول الشكلي أحدهما (ابن يقطين) الذي عمل مع الخليفة العباسي هارون الرشيد -رحمه الله تعالى-. وثانيهما نصير الدين الطوسي الذي عاش في زمن آخر الخلفاء العباسين المستعصم بالله. فمن هما هذان البطلان اللذان دخلا دخولاً شكلياً مخادعاً في حكومات (غير شرعية) وما هو النصر الذي حققاه في نظر الخميني. ونبدأ بالأول (ابن يقطين) فقد خدع الخليفة العباسي هارون الرشيد بما يتمتع به هو وأمثاله من الروافض من قدرة فائقة على الكذب والتمثيل، فاستعمله الرشيد وزيراً لبعض شؤونه، فقتل بحيلة ماكرة خمسمائة ناصبي (مسلم) في يوم واحد. وأترك الكلام الآن لصاحب كتاب (الأنوار النعمانية)- من كتبهم المشهورة- الذي ذكر ابن يقطين في معرض الحديث عن كفر النواصب واستباحة دمائهم وأموالهم، مستشهداً بفعل ابن يقطين على الاستباحة فقال: (وفي الروايات أن علي بن يقطين وهو وزير الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين (المسلمين) وكان (ابن يقطين) من خواص الشيعة. فأمر غلمانه وهدموا سقف المحبس على المحبوسين فماتوا كلهم، وكانوا خمسمائة رجل تقريباً. فأراد اللخلاص من تبعات دمائهم فأرسل إلى الإمام مولانا الكاظم عليه السلام، فكتب -عليه السلام- إليه جواب كتابه أنك لو كنت تقدمت إليّ قبل قتلهم لما كان عليك شيء من دمائهم، وحيث إنك لم تتقدم إلي فكفّر عن كل رجل قتلته منهم بتيس والتيس خير منه. فانظر إلى هذه الدية الجزيلة التي لا تعادل دية أخيهم الأصغر كلب الصيد فإن ديته عشرون درهماً، ولا دية أخيهم الأكبر وهو اليهودي أو المجوسي فإنها ثمانمئة درهم. وحالهم في الآخرة أخس وأنجس) الأنوار النعمانية 2/308 . وليست هذه هي الواقعة الوحيدة التي تمكن فيها ابن يقطين من تحقيق نصر لإسلام الخميني بقتل المسلمين. وعلى كل أترك للقارىء اللبيب الحكم على ما جاء في الأنوار النعمانية سواء ما فعله ابن يقطين، أو ما نسبوه للإمام الكاظم من جواب. أما الثاني وهو نصير الدين الطوسي فأمره أظهر من ابن يقطين وليس يخفى على من عرف تاريخ سقوط الخلافة العباسية خيانتُه وحقدُه، فهذا الرافضي شريك محمد بن العلقمي في خداع آخر خلفاء بني العباس عندما (نُصح) بتدبيرهما أن يسرح الجند زاعمين أنه لا حاجة إليهم، وأنهم يرهقون بيت المال برواتبهم فانخدع المسكين ونفذ (النصيحة) حتى لم يبق من أصل مئة ألف مقاتل سوى عشرة آلاف، عندئذ تعاون الرافضيان على إرسال رسالة إلى هولاكو فيها شرح الموقف واستدعاؤه لمهاجمة بغداد. فجاء بعد الرسالة الثانية بجيشه الجرار فدمر الحضارة والإنسان وقتل في أقل تقدير مليون مسلم في بغداد وحدها. ثم تابعت جيوش هولاكو سيرها في بلاد المسلمين وسيرتها في القتل والتدمير فقتلت ملايين آخرى حتى وصلت تلك الجيوش إلى عين جالوت فخرج لهم جنود مصر الأبطال يشجعهم العالم الرباني العز بن عبد السلام فانهزم التتار شر هزيمة ثم تلاحقت بعدها هزائمهم ومن أراد التوسع فليرجع إلى الجزء الثالث عشر من البداية والنهاية لابن كثير وليقرأ القصة كاملة ابتداء من صفحة 113وحتى 118. ثم ليقرأ بعد هذا بست صفحات سيرة ابن العلقمي عدو الأمة وشريك الطوسي في سقوط بغداد وتدميرها وإسقاط الخلافة العباسية. أرأيتم أيها المسلمون كيف يثني الخميني ثناء غير عادي على من تسبب بقتل ملايين المسلمين وتدمير حضارتهم وما ذاك إلا لأننا في نظره لسنا مسلمين، لذا فإن قتلنا نصر حقيقي لإسلامه وطائفته، وإن كلام الخميني في حكومته الإسلامية فتوى صريحة بالقضاء على المسلمين وإبادتهم. وهاهي فتاوى مرشد الثورة خامئني في نصرة المجرم بشار تلتقي مع كلام الخميني فكلا الرجلين من دين واحد. ومن المحزن أن قلوب الروافض ممتلئة بعداوتنا شئنا أم أبينا، كما أن كتبهم محشوة حشواً بتكفيرنا والتشجيع على قتلنا ونهب أموالنا، وفيما نقلته عن كتاب الحكومة الإسلامية تأكيد على استمرار العداوة التاريخية وعدم انقطاعها. وبعد هذا أقول للذين يطلبون منا ألا نحذر المسلمين من شر الروافض هلا طالبتم الروافض أن يطهروا قلوبهم من رجس الحقد الذي يعمي أبصارهم وبصائرهم اقول للذين يحسنون الظن بهم اطلبوا منهم أن يكنسوا من كتبهم تكفير المسلمين وإباحة دمائهم وأموالهم والتشجيع على قتلنا وتدميرنا. إن المشكلة ليست في توعية المسلمين لكن المشكلة في موقف الروافض من المسلمين. ومن الظلم منعنا من التحذير والتوعية وعدم حملهم على ثورة في المذهب تخلصه من تلك العداوة الشرسة. وكنت قد كتبت من مدة قريبة مقالة عنوانها (عداوة من طرف واحد مفروضة على الطرف الآخر) فجاءت هذه المقالة موضحة للسابقة وداعمة لها. تنبهوا أيها المسلمون واحذروا لئلا تلدغوا من جحر الروافض وأشياعهم مرة بعد مرة وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
المصدر: رابطة العلماء السوريين
خالد المزيني
مالك فتح الله
عبد الكريم صالح الحميد
مجاهد مأمون ديرانية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة