حمد الماجد
تصدير المادة
المشاهدات : 3265
شـــــارك المادة
يصعب ألا نربط الهجمات الإسرائيلية الوحشية على غزة بالهجمات الأسدية الوحشية على الشعب السوري، فالهجمة الإسرائيلية فكت بعض عقد الأنشوطة التي التفت مؤخرا على رقبة النظام السوري وصرفت الأضواء ولو قليلا عن الساحة السورية، وأعطت النظام السوري وحليفيه الإيراني والروسي لا أقول أملا في البقاء، فهذا ما لا يمكن تصوره، ولكن في إطالة أمد البقاء لعل تشابكات الوضع الإقليمي تفرز متغيرات وصراعات تصرف النظر عن أولوية الاتجاه العربي والدولي للإجهاز على النظام السوري وتسريع موتته.
الرأي الذي أبعد النجعة كثيرا هو الذي يقول بأن الصراع العسكري الحماسي الإسرائيلي هو في الحقيقة صراع إيراني إسرائيلي نابت فيه حماس عن إيران، وبتعليمات صريحة من طهران، لتخفيف الضغط عن نظام بشار، فحركة حماس وإن ربطتها بإيران علاقة مصالح عابرة خلخلت بعضها الثورة السورية، إلا أن الحقائق والمعطيات على الأرض تعطي مخرجات مختلفة، فمنذ انسحبت قيادة حماس من دمشق وانحياز الحركة الواضح والمنطقي مع الثورة السورية، والعلاقة مع نظام سوريا وإيران تعاني شيئا من التوتر، فلا نتصور أن ترضى حركة حماس أن تكون معبرا لتنفيذ أجندة قذرة لا أقول ضد الشعب السوري فحسب والذي تجمعها به روابط أقوى من نظام إيران، ولكن أيضا ضد الثورة التي يشكل «توأمها الإخواني» أحد عناصر القوة فيها. يقول خبراء التحقيقات الجنائية: حين يشكل عليك الجاني فتش عن المستفيد، اسرائيل وبامتياز هي المستفيد الأول وهي الجاني من كل تداعيات أحداث غزة.
فإسرائيل كما ذكرت صحيفة «الفايننشال تايمز» اللندنية هي التي أشعلت ثقاب المواجهة العسكرية (وذلك في أعقاب اغتيال اسرائيل قائد كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس أحمد الجعبري، وشنها غارات جوية على مواقع متعددة في القطاع، بعضها يحتوي على سلاح).
وإسرائيل أيضا هي التي حولت قطاع غزة إلى حقل تجارب لأسلحتها الجديدة، فاغتيال الجعبري نفذ من خلال تجربة استخدام طائرة من دون طيار، وتجرب إسرائيل هذه الأيام مدى فعالية منظومة «القبة الحديدية» في اعتراض صواريخ الفصائل الفلسطينية، والتي كانت في السابق محور جدل؛ حيث شكك الإعلام الإسرائيلي في مدى نجاعتها أثناء عملية «الرصاص المصبوب» في ديسمبر كانون الأول 2008.
وحققت حكومة نتنياهو باغتيال الجعبري نصرا معنويا أمام الشعب الإسرائيلي، فالجعبري هو الذي أهان حكومتها واستخباراتها التي تتباهى برصد الساحة الفلسطينية، من خلال هندسته لعملية إخفاء الجندي جلعاد شاليط، كما أن نتنياهو يريد أن يخوض الانتخابات الإسرائيلية المقبلة وفي جعبته قمع للفلسطينيين وحزمة من اغتيالات قادتهم، كما أن استدراج اسرائيل للفصائل الفلسطينية لتوجيه صواريخ ضد المناطق السكانية في إسرائيل من شأنه أن يقوي الموقف الإسرائيلي المناهض للاعتراف الغربي بالدولة الفلسطينية. إذن، فإسرائيل وبكل المقاييس اصطادت بحجر غزة الدامي عددا من العصافير السياسية والعسكرية، وعليه فتبدو نظرية تآمر حماس مع إيران لنصرة نظام بشار رأي ساذج لم يطبخ جيدا ليبدو مهضوما ومنطقيا، وإنما غذته مناكفات وخصومات آيديولوجية وسياسية
المصدر: الشرق الأوسط
سامح اليوسف
أبو عبد الله عثمان
نبيل العتوم
طارق الحميد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة