..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

لا وألف لا.. وحدة العرب غير ممكنة

أحمد أبو مطر

١٦ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4351

لا وألف لا.. وحدة العرب غير ممكنة
1المشروع-النهضوي-العربي.jpg

شـــــارك المادة

يبدو من عنوان المقالة أنّها مناقشة لأفكار مقالة الزميل الأستاذ نجم عبد الكريم بعنوان وحدة العرب ممكنة، لكنّهم يكبلونها بالعوائق. أودّ أن أوضح في البداية مشاركتي الكاملة للزميل في غيرته على ضرورة قيام الوحدة العربية، وحرقتي مثله على هذه العوائق التي منذ ما لا يقل عن ثمانين عاما تحول دون قيام هذه الوحدة، وضمن نفس السياق أؤيده في أغلب الحيثيات والوقائع التاريخية التي سردها موثقة، ومن ضمن انعكاسات بعضها على الواقع العربي تشكلت عوائق إضافية حالت دون قيام هذه الوحدة العربية.


لكّن نقاشي مع الزميل يتركز في مسألة العوائق الذاتية أي النابعة من التركيبة العربية في أسسها الثقافية والتربوية التي ترسخت عبر التاريخ ، ترفض مبدأ الوحدة والاندماج نتيجة الإحساس الفردي بالذات التي تضخمت في القرن الماضي لدرجة الصراع بين الشعوب، وهذه المسألة ليست خاصة بالشعوب العربية بل توجد لدى غالبية الشعوب من أجناس مختلفة، بدليل أنّهم في أوربا لا يطرحون مطلقا مسألة (الوحدة الأوربية بمعنى الدولة الواحدة) بل مسألة التنسيق المشترك اقتصاديا وسياسيا وعسكريا بين دول القارة الأوربية بما يحقق مصالح الشعوب ويرتقي بمستوى حياتها، وقد تحققت حتى الآن نسبة عالية من هذا التنسيق على مستوى التنقل بدون تأشيرة دخول وتوحيد العملة وتقديم مساعدات بالمليارات للدول الفقيرة منها للارتقاء بمستوى اقتصادها ليصبح قريبا من اقتصاد بقية الدول الأوربية.
أمّا قيام دولة أوربية واحدة تشمل كافة دول ما يسمّى (الاتحاد الأوربي) البالغة اليوم 27 دولة فهو غير وارد، بدليل أنّ هناك 6 دول تنتظر الانضمام لهذا الاتحاد، بينما هناك حوالي 15 دولة ترفض ذلك ولا تسعى إليه، ومن الجدير بالذكر أن بريطانيا رفضت الانضمام إلى العملة الموحدة (اليورو) التي أقرت عقب معاهدة ماستريخت عام 1992 ، وما زالت محتفظة بعملتها الوطنية (الجنية الاسترليني) وتدور منذ شهور عديدة دراسات حول إمكانية العودة للعملة المحلية السابقة لكل دولة بعد الهزات الاقتصادية التي تعرّض لها اليورو، خاصة بعد تفاقم الانهيار في الاقتصاد اليوناني التي تعجز كافة دول الاتحاد الأوربي حتى الآن على تجاوز أزمته وسلبيات انعكاساته.
لماذا الوحدة العربية غير ممكنة؟
ضمن المعطيات السابق خاصة حرص كل شعب على بعض خصوصياته، وضمن خصوصيات الشعوب العربية المتعددة، أرى أنّ الوحدة العربية بمعنى دولة واحدة برئيس واحد يتم انتخابه من قبل شعوب 22 دولة عربية، كما يتمّ انتخاب رئيس أمريكي واحد من قبل 51 ولاية أمريكية بعض هذه الولايات أكبر من العديد من الدول العربية مساحة وسكانا واقتصادا، فهي مستحيلة لدرجة الرقم واحد من المستحيلات للأسباب التالية:

1- الحكام العرب أيا كانت صفتهم (رؤساء، ملوك، أمراء،شيوخ، سلاطين) هم بالإجماع ضد هذه الوحدة العربية الشاملة، لأنّها تعني اختفاء 21 منهم ويبقى لهذه الدولة العربية الواحدة رئيسا واحدا فقط يتمّ انتخابه من قبل الشعوب العربية في دولها الاثنتين وعشرين، والمضحك المبكي لدرجة الإغماء أنّ بعض هذه الدول مثل (جيبوتي، الصومال، وجزر القمر) غالبية سكانها لا يتكلمون العربية ولا يفهمون كلمة واحدة منها.
لذلك ليس مستهجنا فيما يسمّى (القمم العربية) أن تتم دعوة رؤساء أجانب لحضور هذه القمم كما حصل في يناير عام 2009 حضور الرئيس الإيراني أحمدي نجاد للقمة العربية في قطر، وهذا لا يحصل في أية قمم إلا القمم العربية
2- الشعوب العربية التي هي العنصر الأساسي في هذه الوحدة المنشودة، هل هي مع الوحدة وتسعى إليها وتطالب الحكام بإقامتها؟.
جوابي هو: لا..وألف لا.. فليس كل الشعوب العربية تريد هذه الوحدة وبعضها مستعد للقتال كي لا تتم هذه الوحدة، لماذا؟.
لأنّ الوحدة العربية الشاملة تعني جواز سفر عربي واحد كما هو جواز سفر أمريكي واحد لواحد وخمسين ولاية أمريكية، وهذه الوحدة تعني عملة عربية واحدة وقانون عربي واحد يغطّي كافة أوجه الحياة من الوظائف إلى التعييينات والرواتب والصحة والعلاج والتعليم ..إلخ، كما أنّه يعني إلغاء الحدود ويستطيع أي مواطن عربي من أية دولة أن يتنقل ويقيم ويتعلم وينام أينما يريد في أية دولة، بما يعني أنّه لا توجد عندئذ دولة فقيرة ودولة غنية، فكافة الثروات مجتمعة ستوزع بالتساوي على كافة الشعوب، فلا وجود لشعب درجة أولى وشعب درجة عاشرة، وبالتالي فالكل سواسية كأسنان المشط في كل أمور حياتهم...

فهل ترضى كافة الشعوب العربية بهذا الوضع الذي تفرضه الوحدة العربية الشاملة؟
هل ترضى شعوب الخليج والجزيرة العربية، بتوزيع الثروة التي ينعمون بها منذ عشرات السنين (ولا حسد عندي) على كافة سكان الدولة العربية الموحدة؟.
وهم أي سكان الخليج والجزيرة العربية حسب مجلة (ميد) المتخصصة في اقتصاد الشرق الأوسط ، يبلغون الآن حوالي 47 مليون من بينهم نسبة لا تقل عن 45 بالمائة من الوافدين آسيويين وأفارقة وعرب من أقطار أخرى، وإذا قامت الوحدة العربية فهذا سينتج عنه أنّ الثروة التي ينعم بها حوالي اثنين و ثلاثين مليون مواطن خليجي سوف توزع على سكان دولة الوحدة العربية الواحدة التي لا يقل سكانها عندئذ عن 370 مليون مواطن من ضمنهم ملايين الآسيويين والأفارقة؟.

أعتقد أنّ الشعوب العربية في الخليج والجزيرة العربية سترفض ذلك وتقاومه بكل ما تستطيع، فمن منهم سيقبل أن الموظف المصري أو الفلسطيني أو...أو...أو الهندي أو الصومالي سيأخذ نفس راتب القطري أو الكويتي أو السعودي أو...أو... والكل سيتمتع بمجانية التعليم والعلاج وقروض السكن والزواج... إلى آخر الامتيازات التي ينعم بها المواطن الخليجي ويحرم منها الوافد لديارهم بمن فيهم من يفترض أنّهم أشقاؤهم العرب، حيث لا يسمح لأطفالهم بدخول المدارس الحكومية ولا يتمتعون جميعهم بمجانية التعليم والصحة والعلاج.
مع ضرورة التوضيح أن المواطن الخليجي بنفس الشهادة وفي نفس الوظيفة والدرجة راتبه على الأقل أربع مرات أكثر من راتب زميله العربي من جنسية أخرى، بينما الأمريكي في 51 ولاية يتمتع بنفس الامتيازات والشروط.
والنتيجة لسنا أمة عربية واحدة بل شعوب عربية مختلفة، تماما مثل الشعوب الأوربية التي تختلف في أمور كثيرة، لذلك تسعى للتقارب والتنسيق وليس قيام دولة واحدة موحدة، ولكن الفارق بيننا كشعوب عربية وتلك الشعوب الأوربية أنّها نجحت في قيام أقصى درجات التعاون والتنسيق والتكامل بينها، بينما نحن الشعوب العربية بيننا من الخلافات والتناقض أكثر مما يتصوره العقل والمنطق!!!.
من يتخيل أن مواطني 27 دولة أوربية حسب اتفاقية تشينجن يتنقلون بين هذه الدول بدون تأشيرة دخول، ولهم في كل الدول حق الإقامة والعمل والعلاج والتعليم..إلخ، وأي مواطن من أية دولة في العالم يحصل على فيزة تشينجن من سفارة أية دولة من هذه الدول، يستطيع أيضا التنقل بين الدول السبعة والعشرين بنفس الفيزا.
فهل ستأتي اللحظة العربية التي يتنقل فيها مواطنو 22 دولة عربية بدون تأشيرة دخول؟.
هذا أول المستحيلات، فأية أمة عربية واحدة التي يتنقل فيها مواطنو الخليج والجزيرة العربية في كافة الأقطار المسماة "العربية" بدون تأشيرة دخول، بينما مواطنو كافة الدول الأخرى يحتاجون لمواطن كفيل كي يستصدر له تأشيرة دخول وبالتالي فهي من الصعوبات التي لا يمكن تصورها..
لذلك..لا..وألف لا..فوحدة العرب ليست ممكنة، وهذا ليس تشاؤما ولكنّه قراءة للواقع كما ذكرت تفاصيله، فإن كنت مخطئا في بعضها فليدلني القراء على الصحيح ولهم الشكر والوحدة اليوم..اليوم وليس غدا!!!

ملاحظات ترفع الضغط وتدعم استحالة الوحدة العربية
1- من يصدق أنه في اليمن الذي قامت الوحدة بين شماله وجنوبه عام 1990، الآن بعد 22 عاما من هذه الوحدة يندم شعب اليمن الجنوبي على التوحد مع شماله وتطالب غالبية الجنوبيين بالانفصال، وقد هددت قيادات جنوبية باللجوء للعمل المسلح وصولا للانفصال؟
2- أكتب وأمامي البطاقة الصحية النرويجية التي تسمح لي كمواطن نرويجي بالعلاج أيا كانت تكاليفه في 27 دولة أوربية دون أن أدفع مليما واحدا، وهنا أيضا إذا وصل أي شخص لقسم الطوارئ في أي مستشفى نرويجي لا يمكن سؤاله عن أي إثبات شخصية أو دفع نقود قبل علاجه وإسعافه، حتى لو كان سائحا عربيا أو أفريقيا أو من بلاد الواق واق، بينما في أقطار عربية مات مواطنون في قسم الطوارئ لأنه لم يتم إسعافهم قبل أن يدفعوا مبلغا ماليا خياليا لم يكن معهم، ولا يتوفر لهم في كافة الأحوال.
فهل ستقوم وحدة عربية من خلال هكذا عقليات وتصرفات لا إنسانية.لا..وألف لا..وآمل أن يخيب الحكام والشعوب العربية كافة توقعاتي وتحليلاتي هذه ويعلنوا قيام الوحدة العربية وتخلي 21 من الحكام العرب عن كراسيهم، حتى لو كان رئيس الدولة العربية الواحدة القادمة هو رئيس جمهورية جزر القمر.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع