ميشيل كيلو
تصدير المادة
المشاهدات : 6780
شـــــارك المادة
يكاد من يتحدث عن سوريا ينسى في الأعم الأغلب حقيقة أن جمهرة كبيرة العدد من بنات وأبناء الأقليات شاركت في الحراك الشعبي، وأن الشباب المسيحي لعب فيه دورا جديا وإن بقي مجهولا أو منسيا، رغم أنه كان مهما إلى أبعد حد على الصعيدين المادي والرمزي.
ليس صحيحا أن ثورة سوريا الحالية هي تمرد للسُنيّين ضد العلويين، يمثل الأولون فيه الشعب والأخيرون السلطة القاتلة والظالمة، الأولون الخير والأخيرون الشر.
وليس صحيحا أنها ثورة إسلامية أو مذهبية، وأن إطارها العام ديني أو مذهبي.
وليس صحيحا في النهاية أن كل مسلم هو إسلامي حتما وبالضرورة، وأن كل مؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر تابع - أراد ذلك أم لم يرده - لحزب إسلامي، أو لجماعة إسلامية مسلحة، أو لعصابة من القتلة المأجورين الذين يخالفون أول ما يخالفون دين الله وكتابه العزيز. من غير الصحيح كذلك القول بأن السوريين يخوضون اليوم حربا مقدسة ضد كفرة مارقين يحتلون السلطة، فبعض أهل التأسلم يشبهون أهل السلطة كما تشبه عين الأخرى، وبعض ممارساتهم لا تقل إجراما عن ممارسات النظام، وليس بين السوريين من يريد أن ينتقل من حكم عصابة جعلت العلمانية دين سلطة ربها الرئيس، إلى عصابة يزعم أي جاهل فيها أنه نائب الله على الأرض، وأن مخالفته الرأي والموقف كفر يستوجب القتل.
شارك آلاف الشباب المسيحي في الثورة منذ بداياتها، سواء داخل دمشق أو خارجها، وأسهم في الإعداد لها، ولولا الاعتبارات الأمنية لنشرت قوائم بأسماء مئات من الذين كانوا يخرجون في المظاهرات من مساجد الميدان وجوبر والقابون وعربين وزملكا وبرزة وكفر سوسة.. إلخ..
ويشكلون تنسيقيات واحدة منها نشطت في حي مسيحي صغير وضمت عددا من الشابات والشبان زاد على الثلاثمائة، ولعبت دورا مبكرا في إفشال احتفالات لدعم السلطة نظمها عميل لها في إحدى كنائس حي القصاع.
كما عبأت جمهورا كبيرا من الشباب المسيحي دعما لثورة الحرية، تم اعتقال كثيرين منهم وهم يوزعون المنشورات والبيانات في عمق المناطق المسيحية، في حين أمضى بعضهم أشهرا طويلة في الزنازين وتحت السياط، بعد اعتقالهم، وعندما خرجوا عادوا في اليوم التالي إلى الشارع للمشاركة في المظاهرات، رغم أن رجال الأمن هددوهم بالتصفية في حال ألقي القبض عليهم من جديد، أو شاركوا من جديد في الحراك الثوري.
وكنت قبل الثورة بأسبوعين قد التقيت في بلدة جرمانا، القريبة من العاصمة السورية، بمجموعة شبان وشابات من مسيحيي المدينة كانوا قد تخرجوا لتوهم في كليتي الهندسة والطب بجامعة دمشق.
وقد تساءل هؤلاء خلال النقاش كيف استطاع جيلنا تحمل أربعين عاما من الإذلال والعار، وأضافوا: «نحن لن نقبل العيش على طريقتكم، فإما أن ننال الحرية أو نموت، ولا تسوية أو حل وسط بين هذين الأمرين عندنا، لأننا لا ننتظر من نمط حياة كحياتكم غير الإذلال الذي قبلتموه خانعين، ومن الخير والأفضل لنا أن نموت بكرامة على أن نمضي حياتنا غارقين في الخوف وفقدان الرجاء، من دون أن يكون لنا أي دور في وجودنا وأي قرار حول مصيرنا، تتلاعب بنا إرادات فاسدة وتقرر شؤوننا جهات تحتقرنا، لا نساوي عندها شروى نقير».
كان موقف الشباب المسيحيين معاكسا على طول الخط لموقف الكنائس التي ينتمون إليها. لكن سلوكهم، إلى جانب استمرار الصمود الشعبي الثوري لفترة تقارب العامين، أحدث أثرا على كثير من رجال الدين، الذين غيروا خياراتهم وتفهموا قضية الشعب، بدلالة بيان صدر مؤخرا عن اجتماع رجال دين أرثوذكس تم في البلمند بلبنان، ذكرهم بالحقيقة وهي أنهم جزء من الشعب، وأن عليهم التضامن معه والدفاع عن حقه في الحرية، وإدانة ما يمارس ضده من عنف.
حدث هذا التحول في أعقاب موقف سابق عارضت الكنائس فيه تسليح المسيحيين وإجبارهم على القتال في إطار الشبيحة، وبعد انفجار وقع في باب توما أدى إلى مقتل وجرح مسيحيين عديدين.
وأخيرا بعد اختطاف وقتل الأب فادي حداد، كاهن مدينة قطنا للروم الأرثوذكس، الذي كان واحدا من وجوه النضال الديمقراطي وحظي باحترام شعبي واسع، وقتل في سياق العمل لإثارة فتنة بين المسلمين والمسيحيين، وإخافة الأخيرين من بدائل النظام القائم، التي يزعم هذا أنها لن تكون غير أصولية وقاعدية ومتطرفة وعنيفة وعدوة للأقليات، لكن رهان السلطة على الفتنة أخفق بسبب موقف مسلمي قطنا وخروجهم زرافات ووحدانا في جنازة الأب الشهيد، وما يبدونه من تعاطف وتضامن مع إخوتهم مسيحيي البلدة.
استشهد مئات الشبان المسيحيين، واعتقلت ولوحقت واستشهدت واختفت شابات من أعمار مختلفة، كن قد شاركن في تأسيس جمعيات لدعم الثورة وإغاثة المتضررين من عنف النظام، ومعالجة وإسعاف الجرحى، وإخفاء المطلوبات والمطلوبين.
وستبقى قصص الدعم الذي قدمه بعض آباء الكنيسة في حمص إلى الثورة خالدة في ذاكرة الشعب السوري، فقد أقام هؤلاء مشافي ميدانية في أقبية كنائسهم، التي حولوها إلى مأوى للمتضررين وأماكن إغاثة للمشردين والجائعين، بينما فتح مسيحيو المدينة بيوتهم أمام إخوانهم المسلمين من أبناء المناطق الذين دمر القصف بيوتهم.
إلى هذا، فإن الذين هجروا من قراهم أو مدنهم من المسلمين قصدوا قرى ومدنا مسيحية مجاورة، حيث لقوا ما اعتاد الناس على تقديمه من كرم الضيافة وحسن الوفادة.
حدث هذا على سبيل المثال في منطقة الغاب، حيث أجبر النظام بعض الشباب المسيحي على حمل السلاح وإقامة الحواجز بحجة الدفاع عن أنفسهم، وحين دمرت مدافعه بلدة قلعة المضيق المجاورة وهجرت سكانها، قصد هؤلاء أصدقاءهم التاريخيين في بلدة الصقيلبية المسيحية المجاورة، حيث كان مسلحو الحواجز بين مستقبليهم والمرحبين بقدومهم.
شارك المسيحيون بدرجات متفاوتة في معركة الحرية التي يخوضها شعبهم، وكان الشباب المسيحيون بين أوائل النازلين إلى الشوارع، ومع أنه لا توجد أرقام دقيقة حول خسائرهم، فإن عدد شهيداتهم وشهداؤهم وصل إلى أكثر من ثلاثمائة خلال الأشهر التسعة الأولى من الثورة، سقطوا في مختلف مناطق سوريا، فلا عجب أن تشكلت تنسيقيات مسيحية عديدة في مناطق سورية مختلفة، وأن يقاتل مسيحيون في صفوف الجيش الحر والكتائب المسلحة والمجالس الثورية، وينشط عشرات الآلاف منهم في الحراك المدني والإغاثي والإعلامي، داخل البلاد وخارجها.
للأسف، تحجم معظم الفضائيات عن التركيز على هذه الوقائع المهمة، وتتجاهل دور الشباب المسيحي في الثورة، مما يترك الانطباع الخاطئ تماما بأن هؤلاء كانوا ضدها أو مع النظام، أو أحجموا عن المشاركة فيها، ويؤثر سلبيا على الوحدة الوطنية، ويخدم سياسات وضع أبناء الأديان والمذاهب المختلفة بعضهم في مواجهة البعض الآخر!
المصدر: الشرق الأوسط
بسام مقداد
حسن البراري
محمد بسام يوسف
سليم نصار
السيد ميشيل انصحك بعدم مهاجمة الاسلاميين لأنهم اخوة لنا في الثورة ودورهم لا ينكر وللاسلاميين نصبت عشرة الف مشنقة و١٠٠الف كلبجة وقتل منهم في حماه ٨٤ بالمئه من المقاتلين واصبحت اكرهك لعدوانك عليهم ليردوا فهاجم النظام فقط رجاء قبلة لكل أخ مسيحي شارك لكن الصراحه مشاركه متواضعه جدا وعليك تحريكهم بدل التجريح والدفاع وندعوك للاقتراب من الساحة بدل فرنسا ياصديق عمي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة