..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

المعارضة السورية ونفاد الوقت الضائع

عبد الله اسكندر

٤ نوفمبر ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6648

المعارضة السورية ونفاد الوقت الضائع
akndr.jpg

شـــــارك المادة

في موازاة حركة المعارضة السياسية السورية في الخارج من اجل بلورة هيكلية موحدة تتقدم المعارضة المسلحة على الأرض عبر قضم تدريجي لمواقع النظام ونقاط ارتكازه العسكري في مناطق كثيرة. وبات واضحاً أن أسلوب القصف الجنوني القاتل والمجازر المتنقلة في حق المدنيين، والذي يعتمده النظام في كل الاتجاهات، يعبر عن ضيق لفقدان سيطرته على مساحات إضافية في البلاد، وربما عن عجزه عن تحقيق أي تقدم على الأرض.

 


تزداد الضغوط الدولية والإقليمية على المعارضة لإعداد نفسها للمرحلة الانتقالية، بعد سقوط النظام. وتتسع رقعة انحسار السيطرة الميدانية للنظام داخل البلاد. ما يؤشر إلى أن فترة الوقت الضائع تقترب من نهايتها.
قد تكون الخلافات الدولية في شأن طبيعة الحل في سورية ومستقبلها السياسي من الأسباب التي جعلت فترة الوقت الضائع طويلة. كما أن الإدارة الأميركية التي شاءت الظروف أن تكون على عتبة انتخابات رئاسية لم تبد حسماً في أي اتجاه، ما جعل دولاً غربية تخفف من حماستها في تسريع الحل. وفي النتيجة، تُرك السوريون يواجهون الآلة الحربية الفتاكة للنظام بحد أدنى من التسلح يكفي من اجل مواجهات حرب شوارع لكنه غير قادر على مواجهة الأسلحة الثقيلة الطويلة المدى. وهذا بدوره أطال فترة الوقت الضائع نظراً إلى شبه استحالة الحسم العسكري على الأرض.
في هذه الفترة كانت المعارضة السياسية، بكل تلاوينها، تتخبط في نزاعات غلب على معظمها الشخصي، بما هو انعكاس للمرحلة السابقة من الحكم السوري الذي ركز كل أدواته القمعية لمنع نشوء تيار مدني معارض واقتلاع رموزه، تهجيراً وسجناً وقتلاً. وعندما اندلعت حركة الاحتجاج الشعبية، باتت الأحزاب والهيئات والشخصيات المعارضة تركض لاهثة وراءها، من دون أن تتمكن، بفعل انهاكها على مدى أربعة عقود، أن تقدم النموذج القيادي لسورية الغد. لتبقى الحركة الاحتجاجية حركة عفوية تحاول أن تتأقلم في كل منطقة مع معطيات الاستمرار على المستوى المحلي، من دون أن تجد البرنامج والقيادة الجامعين.
ومع انشقاق العسكريين الذين رفضوا إطلاق النار على مواطنيهم المدنيين المتظاهرين، راحت «العسكرة» تتوسع على الأرض، ولتسد فراغ المواجهة العسكرية الأطراف الأكثر تمسكاً وخبرة في القتال. وجاء مع سد الفراغ متشددون متجولون غير معنيين بأجندة المعارضة السياسية السورية... وصولاً إلى ما نشهده اليوم من ممارسات وشعارات تثير الحذر والتساؤل إزاء مآلها.
وفي الوقت الذي تعد المعارضة لاجتماعها «التوحيدي» في الدوحة، ولاختيار قيادة مشتركة، ثمة تحديات أمامها يتقرر على كيفية الاستجابة لها مستقبل البلاد.


معلوم أن الانتخابات الأميركية تنقضي بعد أيام قليلة، وسيكون الملف السوري هو الأبرز أمام الإدارة المقبلة. وبدت إشارات من الإدارة الحالية إلى نوعية هذا التعامل الذي سيعتمد، سواء مع الرئيس الديموقراطي الحالي باراك أوباما (وهذا هو المرجح) أو مع منافسه الجمهوري ميت رومني. هذه الإشارات تشدد على ضرورة هيئة تمثيلية واسعة تضم كل أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج وتكون قادرة على إدارة البلاد مع انهيار النظام، وأيضاً تكون قادرة على مواجهة التيارات المتشددة والتكفيرية المنتشرة حالياً في سورية. ووجدت هذه الإشارات صدى لدى الغربيين فكرروها في تصريحاتهم، ونصحوا المعارضة في أن تأخذها في الاعتبار.
تنقلت مؤتمرات المعارضة، بحسب الانتماءات السياسية، بين إسطنبول والقاهرة والدوحة وأخيراً عمان، وبين عواصم غربية كثيرة. وكل من هذه المؤتمرات أراد أن يجعل من نفسه المرجعية السياسية للمعارضة، بما فيها العسكرية، ومن دون أن يكون له على الأرض أي وجود عسكري. قد تكون هذه المؤتمرات مناسبة للتحريض على النظام وضرورة إسقاطه وربما الحصول على بعض المساعدات المالية والعينية أنفق بعضها في إغاثة لاجئين في الداخل والخارج. لكنها في الوقت نفسه كانت مناسبة لتعميق الهوة بين فصائل المعارضة وتبادل النقد والاتهامات وأحياناً الشتائم. وفي أي حال لم تساهم فعلياً في المعركة الحقيقية على الأرض ولم تتمكن من تقصير عمر النظام.
الوقت السياسي الضائع آخذ في النفاد، والتطورات على الأرض تخلق وقائع جديدة وموازين قوى جديدة. وأمام مؤتمر الدوحة المفترض أن يكون جامعاً لقوى الداخل والخارج فرصة، ربما أخيرة، من اجل أن تعيد المعارضة الوجه المشرق للحركة الاحتجاجية الموحدة ومطالبها في دولة مدنية وديموقراطية للجميع، وأن تستعيد الصدقية السياسية التي فقدتها جراء التشرذم والانقسام.

 

المصدر : الحياة 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع