عبد الله اسكندر
تصدير المادة
المشاهدات : 6850
شـــــارك المادة
ثمة إجماع على أن العميد وسام الحسن وقّع قرار اغتياله عندما كشف خطة التفجير التي تورط فيها الوزير السابق ميشال سماحة، خصوصاً أن هذا الكشف أظهر تورطاً سورياً رسمياً على أعلى المستويات. وذهبت الشبهات كلها في اتجاه دمشق، خصوصاً على لسان الذين يدعمون المعارضة السورية. وهذا يعني أن اغتيال الحسن ابعد بكثير من مجرد عملية ثأرية استهدفت رجل أمن، أنها جريمة سياسية بامتياز.
معروف أن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، والذي يرأسه الحسن، تعرض منذ تشكيله إلى حملة استثنائية من أنصار سورية في لبنان. فطعن هؤلاء بقانونية الجهاز واعتبروا أنه بات يعمل لمصلحة فئوية، وتحديداً تيار المستقبل والسُنّة وقوى 14 آذار. أي عمل هؤلاء على أن يُخرج الجهاز من دائرة الاعتراف الرسمي ليصبح مجرد تابع لقوى سياسية. وازدادت الحملة على الجهاز كلما تمكن من تحقيق انجاز أمني، سواء في رصد شبكات التعامل مع إسرائيل أو شبكات الجماعات الأصولية أو في عمليات الاغتيال التي وقعت منذ تفجير موكب رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. أي أن الجهاز، كلما حقق مصلحة أكيدة وعامة وتهم جميع اللبنانيين وتخدم مؤسسات الدولة خصوصاً القضاء في ملاحقة العمليات الإجرامية والإرهابية، كان يتعرض إلى مضاعفة الحملة عليه من قوى 8 آذار وأنصار سورية وإيران عموماً. ولما فشلت هذه الحملات في إلغاء الجهاز، تحولت الحملة على شخص رئيسه الحسن الذي كثيراً ما تعرض لتهديد مباشر على شاشات التلفزة والمؤتمرات الصحافية. شددت هذه الحملات على انتماء الحسن إلى الطائفة السنية، وعلى علاقته الخاصة بآل الحريري، رفيق ومن ثم سعد، وتيار المستقبل وقوى 14 آذار. لا بل تضمن بعض هذه الحملات اتهامات له بغض النظر، إن لم يكن تسهيل عمل مجموعات جهادية بحكم الانتماء الطائفي المشترك. وتحمل مثل هذه الاتهامات في ذاتها عنصراً شديد الأهمية يتعلق بالتوازن بين مراكز القوى الأمنية في لبنان، بعدما بات لأنصار سورية وجود مؤسساتي في مواقع أمنية لبنانية تسهّل لهم حركتهم وتغطيها. ثمة إجماع آخر لدى قيادات المعارضة اللبنانية إن الحسن كان الحماية شبه الوحيدة لها إزاء خطط استهدافها، سواء عبر تأمين أمنها المباشر أو التحذير من احتمالات استهدافها استناداً إلى معلومات جمعها جهازه. في هذا المعنى، شكل فرع المعلومات، وفي شخص رئيسه المغدور، عنصر توازن أكيداً في الاستقرار الهش الذي يعيشه لبنان. وذلك ليس فقط على مستوى حماية الأشخاص وكشف التهديدات وإنما أيضا على المستوى المؤسساتي، خصوصاً أن الجهاز ظل في منأى عن نفوذ أنصار سورية. كما شكل رمزياً الموقع الوحيد للدولة اللبنانية والذي يمكن اللجوء إليه من أجل الوصول إلى المعلومات الموثوق بها. والأرجح أن هذا هو المعنى العميق لاغتيال الحسن. أنه محاولة لضرب الموقع الفاعل المتبقي في الدولة والحافظ لتوازنها على المستوى المؤسساتي. لقد عمد أنصار سورية إلى تغيير ميزان القوى على الأرض عبر احتلال بيروت في 7 أيار (مايو) 2008، وما تلاه من اتفاق الدوحة ومن ثم قلب ميزان القوى السياسي عبر تغيير الغالبية الحكومية. وقد نجحوا في الحالين، لكن وجود فرع المعلومات ظل يشكل قطب توازن أمكن معه الحد من مفاعيل هذا التغيير. وفي 19 تشرين الأول (أكتوبر)، هدف التفجير الذي أودى بالحسن إلى إزالة هذا السد، لتنكشف الدولة ومؤسساتها أمام الهيمنة السياسية لأنصار سورية وفائض قوتهم في لبنان. وبالتأكيد يرتبط هذا الهدف بما يحصل في سورية وتوسع رقعة سيطرة المعارضة المسلحة فيها وانغماس أنصار سورية في لبنان أكثر فأكثر في النزاع السوري، بما يجعل استهداف جهاز يُنسب إلى الانتماء الطائفي لرئيسه في صميم المعركة الدائرة في سورية وعليها حالياً.
المصدر: الحياة
سامح اليوسف
علي حسين باكير
أحمد محمد
حسان الحموي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة