حسان الحموي
تصدير المادة
المشاهدات : 3388
شـــــارك المادة
لكل المتابعين للشأنين السوري والمصري يستطيع ملاحظة حجم المعارك العسكرية والسياسية التي يخوضها الشعبان لاستعادة التوازن للحياة الديمقراطية داخل المجتمعين اللذين يشكلان النواة الحقيقية لأية انفراجة على المستويين العربي والاسلامي.
بالأمس أمريكا حاولت تسليم الملف السوري برمته للروس تتصرف فيه كيف تشاء، وهذا ربما يعود لعدة اعتبارات تراها أمريكا: تبدأ بتورط الروس أكثر فأكثر في الوحل السوري، وتنتهي باعتراف سافر لأحقية روسيا في هذه البقعة من العالم مقابل بعض التنازلات في ملفات أخرى كافغانستان والعراق وإيران ولبنان ومصر وهذا هو بيت القصيد. فأمريكا تريد أن تقود العالم بسياسة اليد الخفية الناعمة بغية التقليل من الخسائر المادية التي لا تريد أصلا أن تتكبدها في هذه المرحلة، ولا ننسى الاعتبارات الانتخابية التي تسير في غير صالح أوباما هذه المرة؛ خاصة في ظل الانتقاد المستمر من قبل الجمهوريين، الذين أصبحوا قاب قوس من البيت الأبيض. وبالتالي فإن المقاومة الأمريكية لأي تغيير في المنطقة سواء بأدواتها القمعية السياسية كما هو حاصل في مصر، والمتمثل بتمسك المجلس العسكري الموالي لأمريكا بالسلطة، واغتصاب الصلاحيات من السلطة السياسية المنتخبة من خلال مجموعة إجراءات جائرة عمد الى تنفيذها المجلس العسكري الموالي للخارج (أمريكا)؛ خلال اليومين السابقين، ابتداءا من حل البرلمان، واستلاب السلطة التشريعية من قبل المجلس، ومن ثم إصدار قرار بمنح الضبطية القضائية للعسكر والمخابرات العسكرية (العودة إلى فرض حالة الطوارئ)، مروراً بالبيان الدستوري المكمل والذي بواسطته استل المجلس العسكري بعض السلطات التنفيذية من يد الرئيس المنتخب؛ وخاصة الموازنة، وانتهاءا بتشكيل المجلس الأعلى للدفاع الوطني ذو الغالبية العسكرية والتي تصدر قراراته بالأغلبية، ولا ننسى منح المجلس العسكري السلطة على إعادة تشكيل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور الجديد بالتعيين؛ والاحتفاظ بحق الاعتراض على مواد الدستور قبل التصويت عليها من قبل الشعب. كل ذلك يشكل إعادة للثورة المصرية للمربع صفر في حسابات الثوار على الأرض، والتي ستحتاج إلى مسيرة جديدة من العمل الثوري لا ندري أين مؤداها فيما إذا تعنت المجلس العسكري في الاستجابة لها وتسليم السلطة للرئيس المنتخب، وربما يلجأ المجلس كما لجأ نظيره السوري إلى استخدام العنف تجاة الشعب الثائر والتي سبق أن لوح بها في مواقف سابقة كما شاهدنا في عابدين. وبالتالي فإن التفسير الخاطئ للقوى الثورية سواء في سورية أو مصر بأن أمريكا ومن خلفها من المجتمع الغربي سوف يقف بجانبهم في سعيهم نحو الحرية والكرامة وتكوين مجتمعهم الديمقراطي، وظنهم أن ذلك ربما سيوفر عليهم بعض الدماء المسالة، ويساعدهم في المضي قدما نحو تحقيق أهداف الثورة، دون تضحيات، وغضهم الطرف عن اليد الخفية التي تسير العجلة السياسية، والتي لن تسمح للشعبين المصري والسوري أن يمضيا قدماً دون إزالة كاملة لأدوات التحكم الخارجية المزروعة داخل المنظومتين الأمنية والعسكرية داخل هذين البلدين. ربما الصورة في سورية كانت أوضح من خلال ردة الفعل الأمنية والعسكرية السريعة والمباشرة بسبب التركيبة الطائفية للقيادات الأمنية والعسكرية، لكن الحقيقة المشتركة في كلا البلدين هي في الولاء أولاً وأخيراً كان للمصالح الخارجية، سواء لأمريكا من قبل المجلس العسكري في مصر، أو لروسيا كما هي الحال في سوريا، لذلك رأينا الإسراع غير المبرر من قبل السلطات السورية في تهريب أحتياطيات الذهب والعملات الأجنبية إليها، وهذا الأمر شكل حافزاً لروسيا للإسراع في تنفيذ صفقات الأسلحة التي تم الاتفاق عليها ولم تنجز في السنوات السابقة؛ بغية الاستيلاء على هذا الاحتياطي النقدي المنقول، والذي سوف يتم تقاصه في المراحل المقبلة. وبالتالي على الثوار السوريين الاستفادة من الدرس المصري، وعدم الاستسلام لأي تدخل خارجي لحل المعضلة السورية، أو القبول بأنصاف الحلول، لأن ذلك سوف يعيد الثورة السورية الى المربع صفر، وبالتالي تضيع جميع المكتسبات التي يسعى إليها الشعب، ويدفع يوميا ثمنها غاليا من التضحيات. ونحن متأكدون أننا وصلنا الى مرحلة الفصل بسبب خروج الجيش السوري بكامله من ثكناته وبأعداد كبيرة، وهذا مؤشر على أن الانشقاقات ستزداد في الأيام القادمة؛ كون الجيش الذي خرج هم مقاتلون ينتمون لسورية وشعبها، إضافة إلى إنهيار معنويات الكتائب الموالية لبشار وعصابته، وهذا سيكون نقطة مقتل النظام، وما يحصل اليوم في دوما وريف دمشق بأكمله، أيضاً في دير الزور وادلب وحمص لهو مؤشر كبير، على اقتراب النصر المؤزر بإذن الله.
وليد شقير
أحمد موفق زيدان
غازي دحمان
ياسر الزعاترة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة