..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الثورة أمام المنعطفات الحادة

محمد وليد حكمت

٢٧ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6596

الثورة أمام المنعطفات الحادة
3.jpg

شـــــارك المادة

ما زالت الحالة السورية مستعصية على الحل، رغم مرور خمسة عشر شهراً من التضحيات، فالنظام يزداد توحشاً، ويزداد معه إصرار الثورة على الصمود، رغم الكلفة البشرية الهائلة التي يدفعها أبناء الشعب السوري.
ويعطي الإحجام الدولي عن الضغط العسكري وحتى الإنساني النظام السوري هامشاً وفيراً للمناورة وتقسيم صفوف المعارضة، كما أن الدعم الروسي والإيراني يطيل من أمد الأزمة، ويحاول منع الربيع العربي من الإزهار في بلاد الشام.


بالإضافة إلى الإرادة الروسية في مقاومة التفرد الأمريكي بالقرار الدولي، هناك رغبة لدى الروس في إيقاف المد السني الذي لو تمكن من بلاد الشام، فسيصل إلى الشعوب الإسلامية السنية في القوقاز وآسيا الوسطى والتي تشكل جزءاً كبيراً من الاتحاد الروسي.
والمتتبع لتطورات الموقف الدولي يلمس أن هناك رغبة في فرض حل سياسي للقضية السورية كل حسب رؤيته، فالولايات المتحدة لا تتطلع إلى الإطاحة بالنظام ككل وإنما إلى الإطاحة بالأسد وعائلته، والرؤوس الموالية لنظامه، ويقول لافروف وزير الخارجية الروسي: إن جميع الخبراء وأصحاب القرار في الغرب يوافقون الروس في إدارتهم للأزمة السورية، وأن الكلام العلني هو للاستهلاك الإعلامي فقط، وتعتبر روسيا والصين خطة عنان خريطة الطريق لمعالجة الوضع في سورية، وطبعاً حسب تفسيرها لتلك الخطة.
خطة عنان:
يقول المفهوم الغربي للمبادرة: أنها ستؤدي ببنودها الست إلى عملية انتقال من حكم الحزب الواحد إلى التعددية الديموقراطية وبالتالي إلى رحيل الأسد وتغيير النظام، بينما يقول المفهوم الروسي الصيني: أنها عملية تؤدي إلى إصلاحات (تقبل بها أو ترضخ لها) الحكومة السورية الحالية (صاحبة السيادة والشرعية) وهي لا تعني رحيل بشار الأسد وتغيير النظام، ومما يؤيد ذلك دعوة نبيل العربي أطراف المعارضة السورية إلى التحاور في القاهرة، في 16-17/5/2012 وربط ذلك بتوقعه أن يقوموا بعد ذلك بالاستعداد للتفاوض ككتلة واحدة مع الحكومة السورية، ويؤيده كذلك دعوة نائب وزير الخارجية الروسي (يوغدنوف) في 24/5/2012 المعارضة والسلطة السورية إلى محادثات على أراضيها برعاية الأمم المتحدة وتمت هذه الدعوة للانعقاد في موسكو نظراً لتحفظات المعارضة على التوجه إلى سوريا، والطابع غير المقبول في نظر السلطة لعقد الاجتماع في القاهرة برعاية الجامعة العربية، وقال بوغدانوف: إن الأسد كلف فاروق الشرع بإجراء هذا الحوار.
هل سينجح عنان في تنفيذ خطته؟
تنتهي خطة عنان في 21/تموز/2012 ويبدو أن حظوظها في النجاح شبه معدومة، لا لأن الخطة سيئة، ولكن لأن الأسد لا يريد التفاوض ولا يريد النجاح لأي عملية سياسية، وهو مقتنع بأن في وسعه التغلب والبقاء في السلطة بوسائل عسكرية ولا حاجة به لإجراء المفاوضات مع المعارضة، وقد قال الأسد يوم 23/5/2012 لمسؤول إيراني رفيع يزور سورية: نحن قادرون على الخروج من الأزمة..
إن فشل خطة عنان يضع الجامعة العربية والمجتمع الدولي أمام خطة باء التي تشكل لها إحراجات واستحقاقات لا يبدو أنها مستعدة لها، أو لديهما الإرادة للتعامل معها.
الخطة باء:
تعني التدخل الخارجي، واستخدام المناطق والممرات الآمنة كذريعة إنسانية لذلك التدخل وهذا يتطلب تحالفاً دولياً وإقليمياً تشكل تركيا فيه رأس الحربة.
وتعمل تركيا على طرح المادة الخامسة من ميثاق حلف الأطلسي (التي تبيح للحلف التدخل لأسباب دفاعية أو إنسانية خارج نطاق مجلس الأمن) أمام جميع دول الناتو، في شيكاغوا في 20-21-5/2012 لتحصل على دعم الممرات الآمنة أو لعمليات عسكرية (على أساس أن أمنها مهدد).
هذا لا يعني أن الناتو سيشن حرباً جوية أو برية عبر تركيا على سوريا ولكن يعني أن تركيا تحاول الحصول على ذلك الغطاء الذي تريده بعد التيقن من أن لا مجال على الإطلاق لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يغطي صلاحيات إنشاء تلك الممرات.
ولم يصدر عن اجتماع الناتو هذا ما يشير إلى الاستجابة لطلب تركيا؟ بل هناك تفادي في قمة حلف شمال الأطلسي وقمة الثماني للتطورات في سوريا مما زاد من اقتناع موسكو وطهران، ودمشق أن كفة الميزان لصالحها، وأن الصفقة الكبرى: (توقف إيران عن تصنيع القنبلة النووية مقابل استمرار نفوذها في العراق وسورية ولبنان عبر حزب الله) قد باتت ممكنة.
والآن وبعد هذا الاستعراض الفاصل للمستجدات، دعونا نجيب على أسئلة السيناريوهات مرة أخرى:
ـ هل يمكن للأسد أن يتنحى ويتم نقل السلطة سلمياً؟ كما حصل في اليمن: لا.
ـ هل يمكن للنظام أن يقصي الأسد، ويتم تعديله من الداخل كما حدث في تونس ومصر؟ الجواب: لا.
ـ هل يمكن وقوع حرب أهلية في سورية؟ الاحتمال: وارد، ويدمر النظام  والبلد.
ـ هل يمكن تقسيم سوريا طائفياً (دولة علوية)، وعرقياً (دولة كردية) ؟ الاحتمال وارد بعد حرب أهلية ضروس.
ـ هل يمكن إسقاط نظام الأسد بالقوة الخارجية؟ أكيد ولكن لا توجد إرادة دولية كذلك إلى الأمد المنظور.
ـ هل يمكن للشعب السوري العودة للعيش تحت حكم الأسد خوفاً من التقسيم والحرب الأهلية؟ لا فالتوقف هو الجحيم بعينه وكلفته أكبر من كلفة الاستمرار.
ـ هل يمكن إسقاط نظام الأسد بالقوة داخلياً؟ نعم من خلال الانتفاضة التي تكبر مع الوقت، رغم الحصار ربما بعد عام أو عامين.
وهنا لابد من رؤية واضحة للمعارضة السورية (والجماعة) للتعامل مع الأزمة السورية التي تزداد تعقيداً أن حراك المعارضة والخارج لا قيمة له إذا تم إخماد الثورة في الداخل ومن ثم يجب توجيه كل الجهود لدعم الحراك الداخلي بكل الموارد المالية والعسكرية والإيمانية، وتثبت قوته على الصمود في وجه هجمات النظام الشرسة التي يعطيها العالم المهلة بعد المهلة، لوأد الربيع العربي في بلاد الشام.
ـ ولابد من استمرار وتفعيل الدعم بشقيه المدني (استمرار الاحتجاجات السلمية) والعسكري بحيث تكون المكون العسكري:
1 ـ كبيراً نسبياً ومنتشراً على امتداد البلد.
2 ـ منظماً إدارياً وسياسياً ومالياً وحقوقياً، بحيث تم ضبط السلاح الموجه للنظام من جهة واحدة، ينضبط عملها بالمصلحة العامة للثورة.
هذه المهام ليست سهلة ولكنها ممكنة، ولا يجوز الرضى بأقل من إسقاط النظام بعد ما جرى من دماء وأزهقت من أرواح.
لقد دفع السوريون ضريبة الدم، ويبقى صمودهم (بمعونة الله تعالى) هو الحقيقة الأكيدة الراسخة، والحاملة للتغير المنشود، وإن ثمن الحرية غال، ولكنه يستحق الدفع مهما كان باهظاً.

 

المصدر: رابطة العلماء السوريين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع