عبد الله اسكندر
تصدير المادة
المشاهدات : 6856
شـــــارك المادة
كان الشعب السوري كامل الأوصاف، بحسب التوصيف البعثي. فهو في مجموعه، باستثناء خونة وعملاء ومتآمرين و"إخوان مسلمين"، من نوع "البطل" النموذجي الذي يراه حزب البعث الاشتراكي. كان مقاوماً وممانعاً ومعادياً للغرب والاستعمار والامبريالية والصهيونية وعملائها. وأهم من كل ذلك كان، بحسب التوصيف نفسه، متطابقاً مع قيادته الحكيمة والصلبة وداعماً لها في إحباطها للمؤامرات.
وحتى أيام قليلة قبل اندلاع الحركة الاحتجاجية في سورية، وفي ظل بدء انهيار النظم في تونس ومصر وليبيا، كان هذا التوصيف ما زال صالحاً. لم يصدر هذا التوصيف عن ثقة ما في الشعب السوري، حتى لو كان لهذا الشعب، منذ الاستقلال وحتى وصول البعث إلى الحكم، إرث في العمل الوطني والديمقراطي والدفاع عن الحريات. لقد كانت وظيفته الأساسية والوحيدة هو مسح أي مسافة بين التطلع إلى الحرية والديمقراطية وبين الحكم. واستندت هذه الوظيفة إلى نظرية، اعتمدت خصوصاً منذ الحركة التصحيحية، أن للشعب ما تيسر من مأكل ومشرب، أما السياسة ومنافعها فهي للحاكم ومحيطه. وعلى هذا الأساس، وُضع الدستور وأُصدرت القوانين وأُجريت انتخابات وُشكلت حكومات، أي أن كل ما أقدم عليه الحاكم هو في إطار احتكاره التام للسياسة ومنعها عن الشعب. وفي هذا المعنى تُفهم خطوات نسف النقابات التي حاولت الاعتراض على سياسات الحكم، والزج بالسجون للمعارضين وتشريد آخرين. ذلك إن احتكار السياسة في ذاته ينطوي على إكراه وعنف، تبدأ في شكل دموي لدى انتقاله من صيغة فردية إلى جماعية قد تؤدي إلى عصبية وجمهور معارضين. أدوات إثبات هذه النظرية كانت الإكراه والقمع. وتحققت أغراضها حتى بدا الاستقرار في سورية أبدياً، بحسب مفهوم الحكم الذي افترض أنه قضى على أي تحد داخلي. وذلك بعد إحكام السيطرة على أدوات الأمن والاقتصاد. وهذا ما نوّه به الرئيس بشار الأسد باستبعاد أي تهديد لهذا الاستقرار وإعلانه العلاقة الخاصة مع شعبه، في حديثه الشهير. أي أن لا تحدي ممكناً للحكم في سورية، في ظل اندلاع الحركات الاحتجاجية العربية. استولدت هذه النظرية رديفتها حول "المجموعات المسلحة" والمؤامرة، فور اندلاع الحركة الاحتجاجية. ومع استمرار التظاهر، جرى تغيير في توصيف المتظاهرين، وهم جزء من الشعب السوري الذي بات يضم خليطاً من العملاء والمتآمرين. إذ أن أي نظرية أخرى حول مطالب اجتماعية وإصلاحية تعني كسر احتكار الحكم للسياسة، وانتقال العمل السياسي إلى المجال العام. ما يعني نفياً لطبيعة الحكم وآلية سيطرته على البلاد. ومن هنا يمكن فهم الدعاية الإعلامية لهذا الحكم وممارسته العنيفة ضد المتظاهرين على الأرض. فوظيفة الحرب الإعلامية على "المجموعات المسلحة" والتكفيريين و"القاعدة" هي بالضبط لنفي أي طابع سياسي داخلي للحركة الاحتجاجية. أما عمليات مطاردة المتظاهرين والاعتقالات والقتل والتدمير، فهي عقاب للشعب الذي لم يعد يرضى بالتوصيف البعثي، ويطالب بحقه في المشاركة السياسية. وفي هذا المعنى يمكن فهم ذلك الشريط المصور، حيث ينهال أحد الشبيحة بالضرب على متظاهر معتقل، ويؤنبه لمطالبته بـ"الحرية"، أحد الشعارات الثلاثة لحزب البعث. أما التفجيرات الدموية التي باتت تتزايد وتيرتها وتطاول مواقع مختلفة، وبغض النظر عن المسؤولين الفعليين عنها، فهي تؤكد النظرية نفسها عن "المجموعات الإرهابية". وتحتاج هذه النظرية حالياً، في ظل وجود المراقبين الدوليين والجدال حول دورهم وطبيعته وكيفية الانتقال إلى الشق السياسي من خطة كوفي أنان، إلى مزيد من العنف على الأرض، خصوصاً التفجيرات الإرهابية.
المصدر: السوريون نت
رضوان زيادة
غازي دحمان
حسين حمادة
محمد أيمن الجمال
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة