معن عبد القادر
تصدير المادة
المشاهدات : 7416
شـــــارك المادة
حقاً ما أرهبها من سلطة، سلطة طرح الأسئلة(1). بل ما أبشعها من سلطة حين تمارَس دون أدنى مروءة أو حياء أو احترام لكرامة الإنسان. يقولون: أيها الشعب السوري، حدثنا...
لا نريد أن نسمع عن جراحك وآلامك، ولا عن الظلم والبطش الذي يمارَس عليك، ولا عن رجالك الذين يُذبحون ويحرَقون ويدفنون أحياء، ولا عن نسائك اللاتي يغتصَبن، ولا عن أطفالك الذين يقطّعون، ولا عن مدنك وقراك التي تهدَم على من فيها ولا ولا.... دعك من كل هذا.. حدّثنا عن شكل الدولة التي تقبل بها بعد أن يسقط النظام! وإمعاناً في ممارسة سلطة طرح الأسئلة، فليس لك الحرية المطلقة في الجواب، بل نريد منك جواباً على الطريقة الأمريكية، اختياراً بين إجابات محددَّة سلفاً، وفي هذه المرة بين إجابتين تحديداَ: أ) دولة دينية ب) دولة مدنية كفى!! لقد ثار إخواننا في الداخل على ظلم النظام الجائر، وخرجوا عن ربقته، مضحّين في سبيل ذلك بدمائهم وأموالهم وكل نفيس عندهم. ولن نكونَ أقلَّ منهم رجولة، ولا أدنى شهامة، ولا أبخس تضحية. كفى!! كلا الجوابين مرفوض، فتاريخنا لم يعرف يوماً دولة دينية بمفهومها الكنَسي اللاهوتي التي يحكُم الحاكم فيها باسم الرب، ويكون لقراراته القداسةُ نفسها التي لكلمات الرب، أما دسَم الدولة المدنية التي تبشرون بها فمحشو بسُمِّ العلمانية البغيضة! نحن عندنا جوابنا الحاضر، وأنتم تعرفونه كما تعرفون أبناءكم، ولكنكم لا تريدون سماعه. نحن مسلمون، ونحن "الأكثرية" في بلدنا، فسنسميها دولة إسلامية، هكذا صراحة وبلا مواربة، ألا يحق لنا ذلك؟ وما الغضاضة في هذه التسمية؟ ألستم تصنفون جميع دولنا بأنها دول إسلامية، وهي أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وهناك دول تصرح بالإسلام في اسمها مثل جمهورية باكستان الإسلامية، والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وغيرها؟ والدولة الإسلامية ليست دولة للمسلمين الذين فيها فقط، بل تتسع لكافة أطياف المجتمع وطوائفه، ينعمون فيها جميعاً بكامل حقوقهم دون حيفٍ أو ظلم، ويشهد تاريخنا بذلك. فليس في الدولة الإسلامية ما يدعو غير المسلمين للخوف أو القلق على مصيرهم، ولن تجد أقليةً في الدنيا رحمةً ولا عدلاً ولا حقوقاً محفوظة تحت حكم الأغلبية كما يجدها غير المسلمين تحت حكم المسلمين. بل إن تسمية جزء من الشعب مهما كان عرقه أو دينه بالأقليات ليس من ديننا ولا تراثنا، بل هم مواطنون، وإنما يُدندِن حول هذا المصطلح من يريد إيقادَ الفتنة وإيغارَ الصدور وتخويفَ الشعب بعضه من بعض. تعلمون ما الذي يحجز أهل السنة عن أن يستأصلوا الطائفة التي بغت عليهم إن هم قدروا عليها؟ إنه الإسلام الذي يعلّمهم {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى?} ويحذّرهم أنه {مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}، ويربّيهم بقوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}. ساق الطبري عند تفسير هذه الآية أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا لَمَّا فَعَلَ الْمُشْرِكُونَ بِقَتْلَاهُمْ يَوْم أُحُد: "لَئِنْ ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ لَنَفْعَلَنَّ وَلَنَفْعَلَنَّ"! فَأَنْزَلَ اللَّه - تعالى -: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْر لِلصَّابِرِينَ} قَالُوا: "بَلْ نَصْبِر". والشواهد في تاريخنا على العدل مع غير المسلمين، وعدم الاستطالة والبغي عليهم، والامتناع عن الانتقام منهم بغير حق كثيرة معلومة، وليس هذا مقام بسطها. وأكتفي منها بهذه القصة ذات الدلالة الظاهرة. مر أبو لؤلؤة (المجوسي) بعمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه -، فقال له عمر: "ألم أُحدَّث أنك تقول لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح"؟ فالتفت إليه عابساً فقال: "لأصنعنّ لك رحى يتحدث بها الناس"، فأقبل عمر على من معه وقال: "توعدني العبد (وكان غلاماً للمغيرة)". فهذا أحدُ أبناء "الطائفة" يتوعد الخليفة - أعلى سلطة في المسلمين - وأمير المؤمنين يتركه في سبيله، فيُقدِم الخبيث على طعنه. فأين سمعتم بمثل هذا في التاريخ؟ فدعونا وما اخترنا لأنفسنا، واعلموا أن من ضَحّى بكل شيء لن يطيب له عيش حتى يصل إلى ما يريد. ــــــــــــــ (1) مصطلح سلطة طرح الأسئلة، استفدته من محاضرة للداعية المفكر الشاب إبراهيم السكران نفع الله به.
المصدر: هيئة الشام الإسلامية
مجاهد مأمون ديرانية
عبد الرحمن عبد الله الجميلي
أبو عزام الأنصاري
علي الكيلاني
مقال رائع , نحتاج لمثله ردا على الغرب كمان نحتاج توجيها إلى مجتمعنا السوري حيث تخاف نسبة غير قليلة من مفهوم الدولة الاسلامية ( لماذا نخاف أن يحكمنا الاسلام)
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة