القدس
تصدير المادة
المشاهدات : 3437
شـــــارك المادة
نشرت مجلة "تايم" الأميركية اليوم الأربعاء تقريراً عن الصراع في سوريا تحت عنوان "سوريا: هل هذا ربيع عربي أم شتاء بلقاني"؟ أعده توني كارون هذا نصه:
"أخبر كوفي أنان المبعوث الخاص للأمم المتحدة مجلس الأمن الدولي أمس أن خطته المتعثرة للسلام هي آخر أمل للحيلولة دون انحدار سوريا إلى حرب أهلية شاملة. لكن السبب في أن وقف إطلاق النار في خطته والبدء في حوار سياسي لم يؤديا إلى وقف القتال، على الرغم من أن الهدنة تم الاتفاق عليها قبل شهر، هو أن سوريا في الحقيقة كانت قد دخلت فعلاً في حرب أهلية. وبعد حوالي 15 شهراً على الثورة، من الواضح أن بشار الأسد تجنب الرواية التي كانت ستؤدي به إلى مصير الرئيس المصري السابق حسني مبارك أو الليبي معمر القذافي. وبدلاً من ذلك فقد أخذ الأسد العبرة من مسرحية الزعيم الصربي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش. العنف السياسي في سوريا كان يتصدر ذات يوم الصفحات الأولى في الإعلام الغربي، حيث كانت التغطية تشير إلى افتراض أن الربيع العربي وصل إلى سوريا، وأن الأسد سيسير قريباً في طريق مبارك والقذافي. لكن سوريا اليوم تبدو أنها صدى للحروب البلقانية في أوائل تسعينات القرن الماضي، أكثر من كونها تنتمي للربيع العربي في بداية العقد الحالي. وهذا الصراع الأهلي الوحشي يضع التجمعات السكانية المتنافسة في مواجهة بعضها بعضاً على أساس طائفي، في الوقت الذي تبدو فيه القوى الغربية مشلولة ويتم انتهاك مبادرات السلام التي يتقدم بها الدبلوماسيون الأجانب من جانب الطرفين. ونادراً ما تصل التغطية الصفحات إلى الأولى عندما يُذبح السوريون بأيدي السوريين، على الرغم من أن حصيلة القتلى ارتفعت إلى ما يزيد عن 9 آلاف. والحجج مع التدخل أو ضده أصبحت مستهلكة ومألوفة. وصارت الحرب الأهلية السورية الروتين الجديد.
قبل حوالي عقدين، وخلال تفتت يوغوسلافيا، شنت القوات الصربية بقيادة الرئيس السابق ميلوسوفيتش وعملائه من صرب البوسنة حربا للاستيلاء على البوسنة، وتوسيع الأراضي الواقعة تحت السيطرة الصربية من خلال حملة تطهير عرقي وحشية، وهو تعبير لم يعد يظهر بين علامات اقتباس في التغطية الإعلامية الغربية، ولكن في ذلك الحين كان مصطلحاً ملطفاً وغير متناسق يشير إلى المذابح المرتكبة بحق المسلمين والكروات. بدأت الحرب شديدة بعد شهر من توقيع اللاعبين الرئيسيين على خطة سلام دولية أطلق عليها اسما الشخصين اللذين أعداها وهما: الدبلوماسي البريطاني اللورد بيتر كارينغتون، والسفير البرتغالي خوسيه كوتليرو. ما أعقب ذلك كان سنوات من الحرب والقتال الوحشي قبل أن تبدأ قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) بفرض منطقة لحظر الطيران عام 1994م وتكثف تدخلها الفعلي لإجبار الأطراف على قبول تقاسم تعس للسلطة في اتفاق سلام وقع في دايتون بولاية أوهايو الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) 1995م. وكان أحد الموقعين عليه ميلوسوفيتش الذي عزز موقفه خلال الحرب إلى حد أنه أصبح لا يمكن الاستغناء عنه من أجل فرص استعادة السلام. (كان على العدالة أن تنتظر حوالي خمس سنوات أخرى قبل أن ينبذ الشعب الصربي ميلوسوفيتش ويرسله لمواجهة المحاكمة بتهم ارتكاب جرائم حرب في لاهاي، حيث مات). أما بشار الأسد فيبدو أنه قرر في وقت مبكر من حملته أنه يفضل أن يكون ميلوسوفيتش وليس القذافي، وإن كان مع نهاية مختلفة. وهكذا فهو يقوم بعمل أكثر فعالية. الآن وقد استطاع الآن بعد أن تحولت الاحتجاجات السلمية إلى حرب طائفية أهلية أن يهمش المطالبة بتنحيه. بدلاً من ذلك فإن خطط السلام تستند حالياً إلى ضمان موافقته على وقف عنف الدولة. ورغم تقرير أنان عن انخفاض العنف، فليس واضحاً على الإطلاق ما إذا كان الذين يقاتلون الأسد مستعدين للتقيد بوقف إطلاق النار، حتى مع أنهم من خلال انتهاكه، يعطون ميزة سياسية ودبلوماسية لنظام الأسد. ومن المؤكد أن النظام يواصل توجيه نيرانه في أي وقت يتعرض فيه للتحدي، مدركاً أنه المسيطر عندما يتعلق الأمر بالعنف. قوات الأسد لها اليد العليا عسكرياً ويبدو أن من السهل عليها منع قوات المعارضة من السيطرة على الأرض، حتى وإن كان النظام عاجزاً على القضاء عسكرياً على الثورة. ورغم الكلام، خصوصاً من جانب السعودية وقطر، عن تسليح الثوار، فليست هناك مؤشرات تذكر عن مساعدة كهذه، إذ يكافح الثوار للحصول على أموال يشترون بها أسلحة. واستطاع الأسد بالطبع أن يوقف إصرار القوى الغربية على ضرورة تنحيه، وأن تركز بدلاً من ذلك على حل يوقف العنف بينما يظل هو في السلطة. وعلى العكس من القذافي، فالأسد يستفيد من الدعم الدبلوماسي القوي من جانب روسيا والصين اللتين تعارضان أي تدخل خارجي يهدف لتغيير النظام في سوريا، كما يحصل الأسد على دعم عسكري أو اقتصادي من حليفته الإقليمية إيران. وتركز أوروبا على الكارثة الاقتصادية البطيئة الحدوث في دولها والتي أوصلتها إلى أزمة مالية بينما الولايات المتحدة، كما في العام 1992م، في حالة ركود ومنشغلة بالحملة الانتخابية الرئاسية، وتضاءلت شهيتها للمجهود الحربي المكلف في العراق وأفغانستان. وهُزم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي تزعم تدخل "ناتو" في ليبيا قبل أيام في الانتخابات الرئاسية. أما خلفه المنتخب فرانسوا هولاند فقد أوضح أن فرنسا لن تتدخل عسكرياُ في سوريا إلا في إطار تفويض من الأمم المتحدة. وليس من المتوقع أن يصدر هذا التفويض، لأن روسيا والصين من المحتمل أن ينقضا أي مشروع قرار بخصوص هذا التفويض في مجلس الأمن الدولي. وصارت تركيا محط آمال نوعاً ما من التدخل بالنظر إلى دورها في استضافة الجيش السوري الحر وغضبها من طريقة تعامل الأسد مع الأزمة. ولكن الحقيقة أن مخيمات اللاجئين في تركيا بدأت تكتسي صفة الديمومة توحي بأن تركيا لست على وشك التدخل لإطاحة النظام من أجل تحقيق نهاية حاسمة للصراع. وبدلاً من ذلك فإنها تتوقع حرباً طويلة الأجل. ولكن بينما تحمل كل سيناريوهات التدخل مخاطر كبيرة معها، فإن التقاعس في وجه تصاعد الصراع يدفع إلى تصلب المعارضة. ويؤدي ازدياد حصول تفجيرات القنابل الانتحارية وأدلة أخرى على تورط "الجهاديين" بالحكومات الغربية للتفكير. غير أن التدخل الدولي يقتصر حتى الآن على جهود أنان لوقف إطلاق النار والمراقبين الـ30 الموجودين على الأرض للإشراف على تنفيذه. وبالرغم من أن من المقرر زيادة عددهم إلى 300، فإن من غير المقصود أن يكونوا قوة لوقف العنف فعلياً بقدر ما هو توليد ضغط سياسي ودبلوماسي. وعكس اختيار السكرتير الصحافي للبيت الأبيض جيه كارني الأسبوع الماضي لكلماته لهجة يأس عندما قال: إنه "إذا استمر تعنت النظام (السوري)، فسيضطر المجتمع الدولي للإقرار بالهزيمة...إن من الواضح، ونحن لن ننفي، أن الخطة لم تحقق نجاحاً حتى الآن". وما عناه كارني بالطبع هو أن الإقرار بالفشل سيتطلب من المجتمع الدولي أن يأتي ببديل (للخطة الحالية). ولكن ليس هناك دليل يستحق الذكر على أن خطة "ب" مختلفة كثيراً ستبرز في أي وقت قريب. وفي البوسنة، استغرق الأمر سنوات، وحتى عندئذ لم يكن الحل نهاية سعيدة بقدر ما كانت التوصل إلى أفضل المتوافر في وضع سيء".
عادل الطريفي
طارق الحميد
غازي دحمان
حسان الحموي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة