سلوى الوفائي
تصدير المادة
المشاهدات : 4246
شـــــارك المادة
تمرّ الثورة السورية اليوم بمرحلة خطيرة جداً، أشبه بعنق الزجاجة، ويراهن العالم على تطويقها، وحصارها، وإخمادها، كما يراهن السوريون الشرفاء على استمرارها وثباتها.
فبعد عام ويزيد على انطلاقة الثورة السورية المباركة –بإذن الله-، يجد السوريون أنفسهم ملاحقين بتهمة التنفس الطبيعي دون كاتم أنفاس، وتتسابق قوات ردع الحريات العالمية إلى مصادرة قصائدهم وأغانيهم ولوحاتهم وكل إبداعاتهم الفاتنة المفتونة بعشق الحرية، وتجري محاولات عدة على كافة الأصعدة العربية والدولية لاستئصال حناجرهم وإحالتهم إلى محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جريمة الحرية مع سبق الإصرار والترصد. فالحرية بالنسبة لهم منطقة حظر يُمنع الاقتراب منها دون ترخيص مسبق ويُمنع المرور بها أصلاً لغير أغراض التصوير والبهرجة الإعلامية. ولأنّ إصرار الشعب السوري على اقتحام ساحات الحرية بلغ حداً تجاوز المعقول فقد أصبح يشكّل خطراً يهدد الأمن العالمي ليس فقط الأمن السورية الأسدي. وقد شهد العالم كيف نهض المارد السوري وكيف كسر القمقم وراءه كي لا يعود إليه أبداً مهما كان الثمن. وانطلق يحلق في فضاءات الحرية، كصقر مقاوم انقلابي ثائر لا تحده حدود ولا تقيده القيود. وكثرت المؤامرات لاصطياد هذا الصقر، يتآمرون عليه لأنّه طبيعي وهم شذوذ، لأنّه معافى وهم مرضى، لأنّه سوري أصيل وهم دخلاء وفرس وروم وعجم وخوارج. وما تزال المافيا العالمية تتربص بهذا الصقر الجامح بانتظار مروره أمام قناصاتها لتطلق عليه رصاصة الغدر. وأرسلت خلفه الجيوش تحاصره من كلّ صوب وحدب، حتى ضيّقت الخناق عليه وأنهكت قواه ومنعت عنه كلّ السفوح كي يبقى محلقاً دون لحظة راحة حتى يسقط منهاراً ونصبت له الكمائن الواحد تلو الآخر. زرعت له ألغام الحرب الطائفية فانفجرت به حتى أصبح القتل على الهوية، في محاولة للتطهير على أساس طائفي؛ فقتلت كتائب الأسد من قتلت وشردت من شردت وهجّرت الأهالي من بيوتها واستولت على ممتلكاتها وحرقت بيوتها وقصفت ما لم تستطع الوصول إليه لتحرقه فوق رؤوس ساكنيه، وذبحت الناس فرادى وجماعات في بيوتهم الآمنة ذبحاً بالسكاكين يحمل كلّ معاني الوحشية والبربرية التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، واغتصبت الحرائر على مرأى أزواجهن وأولادهن وإخوتهن! لأنّ كتائب الأسد تعلم أنّ هذا أقصى ما تستطيع فعله لإذلال الشعب وإرغامه على الانسحاب والصمت. ولم يكن لها ما تمنت.. دكّت البيوت والقرى بالجرارات حقداً وانتقاماً فلم يزيد الشعب سوى إصراراً وعناداً. واليوم تنتهج سياسة جديدة، هي سياسة زرع الفتنة والتخوين والتشكيك والدسائس بين صفوف المعارضة والثوار، وتحاول زعزعة ثقة الشعب بممثليه من أطياف المعارضة، كما تحاول شراء بعضهم ممن عرف بضعف الذمم، وهشاشة الأخلاق، ونقص المناعة أمام مغريات المال والجاه والسلطة. وقد شهدنا الكثير من الجدل السياسي العقيم بين أطياف المعارضة وممثليها على مرّ الشهور الماضية أدى إلى انسحاب الكثير من المعارضين من المجلس الوطني واتهامهم بعض رموزه بالديكتاتورية والسادية والتآمر، وفي أقلّ درجات الانتقاد وجهوا اتهامات بانعدام الحس الوطني والغيرة على مصلحة الثورة والتركيز على المناصب والمكاسب الشخصية وتسلق الثورة للوصول إلى غايات شخصية دنيئة. وكثرت المهاترات والمناحرات إلى درجة صرفت أنظار البعض عن القضية الأهم والأسمى والأجل: فضية نزف الشريان السوري وأنهار الدماء التي لم تجفّ إلى الآن في ربوع الوطن. وفي محاولة أخرى لزعزعة الصفوف وتطويق الثورة بدأ النظام الأسدي بممارسة الضغوط النفسية بإثارة الشائعات على اختلافها، شائعات حول مقتل الرئيس أو أحد أقربائه ومعاونيه وضباطه المقربين، وشائعات حول رغبته بالتنحي والرحيل والاستعداد لترك السلطة مقابل العفو وعدم المحاسبة، وشائعات حول التخطيط لعمليات تفجير إرهابي داخل سورية وخارجها، وإحداث زلازل وبراكين تغير خارطة العالم وشائعات حول إحراق سورية وتسوية حضارتها العريقة بالتراب تحقيقاً لمبدئهم الماسوني (الأسد أو نحرق البلد)، وقد بدؤوا بالفعل تنفيذه في حمص ودرعا وريف دمشق وريف حلب وإدلب وحماة ودير الزور وغيرها من المدن الثائرة. إضافة إلى محاولة زرع فكرة التقسيم الجغرافي لسورية على أساس طائفي بإقامة دولة العلويين في حمص وطرطوس وجبلة واللاذقية، وبدؤوا بإقامة ما سمّوه جدار الفصل في بعض أحياء حمص. وآخر نصيحة من لونا الشبل للأسد، أن يسرق أفكار الثوار وإبداعاتهم ويقلّدها داخلياً وعربياً، فبدأ الشبيحة بتجييش الفنانين الموالين للنظام لإقامة حفلات خيرية في العالم لكسب الرأي العام العالمي والتضامن مع حقوق الأقليات المهددة بالانقراض في سورية، وسرقوا أغاني الثورة ولوحاتها وبوستاتها، وقصائدها وحتى المأكولات التي أبدعتها أنامل حرائر الثورة في كل مدن العالم في الحفلات الخيرية قلّدوها وباعوها تضامناً مع شعار (الأسد أو لا أحد)... وبعد.... كيف نتعامل مع هؤلاء المولودين في أقبية الكراهية؟ العدوانيين على كلّ شيء حتى أنفسهم، الحاقدين بالوراثة على كلّ سوريّ أصيل، وكلّ ياسمينة دمشقية ووردة حموية ونسمة هواء حمصية، صار لا بدّ لنا أن نصادر كلّ الأسلحة التي يحاربوننا بها ويستعملونها لاغتيال ثورتنا، المافيا الأسدية مؤسسة قائمة بذاتها، عرّابها الأول مناحيم بيغن، وأعضاء مجلسها فرس وروم وعجم، وخلال اجتماعاتهم السرية يتمّ توزيع التعليمات والأسلحة والقوائم التفصيلية بأسماء المطلوبين للتصفية وللاعتقال والتعذيب والتنكيل، وثمة ألف دليل على أن محاولات القتل الجماعي التي يتعرض لها الشعب السوري ليست محاولات فردية، عشوائية، وإنّما هجمات دنيئة مدروسة يخطط لها في أقبية المافيا الأسدية الماسونية غايتها نسف الثورة واستعباد الشعب السوري إلى أبد الآبدين. علينا وبكلّ ما أوتينا من إيمان بنبل أهدافنا، وعزيمة وصبر وحسن توكل على الله خير الماكرين، أن نبطل مفعول الألغام الموقوتة التي زرعوها في أساسات عقولنا، وأصابع الديناميت التي وضعوها تحت سرير ثورتنا، فلا جدال بعد اليوم، ولا تناحر ولا تخوين ولا تشكيك، ولا استسلام للطائفية البغيضة، ولا للسماح للمتسلقين والانتهازيين والنفعيين والمراوغين والمنافقين أن ينالوا من تفكيرنا لحظة، لأنّ موج البحر الثائر يأتي ويعود بالزبد ولا يبقى على الشاطئ سوى الرمل الذهبي النقي الخالص، ولنؤجل المحاسبة حتى نحقق هدفنا الأول ولا ركون للأرض مهما طالت بنا الأيام، عامل الوقت لا بدّ أن يكون سهماً في جعبتنا نحن لا جعبتهم، ولنلعب معهم لعبة العضّ على الأصابع، من يقول (آخ) أولاً يخسر... ولنتسلى بحشيشة الصبر... إنّ الله مع الصابرين.
منذر عيد الزملكاني
محمد حسن عدلان
محمد العبدة
محمد أحمد الفراج
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير