أبو ليث الجلقي
تصدير المادة
المشاهدات : 3878
شـــــارك المادة
يمكن تشبيه الطائفة العلوية الكريمة في سوريا بالطائفة اليهودية الكريمة (خيبر وقريظة) في المدينة المنورة إبان البعثة النبوية والحكم على الثانية -في حال التشابه بالجريمة- هو من نوع الحكم على الأولى، ولا حاجة للاجتهاد في وجود النص، يقوم التشابه من عدة وجوه:
أولاً: كلتاهما أقلية تمثلان تصوراً مختلفاً للدين والحياة عن تصور الأكثرية المسلمة التي تحتضنهما.
ثانياً: كلتاهما طائفتان مشاركتان كل المشاركة بالمواطنة للطائفة الأكبر، وبعقد اجتماعي سياسي عادل يضمن الحقوق والواجبات للجميع، العقد الذي عرف بوثيقة المدينة المنورة التي تعد أول وثيقة ضمنت حقوق الأقليات في التاريخ الذي لا يكاد يعترف لهذه الأقليات بحقوق من قبل، وفي الحالة العلوية وثيقة الدستور السوري الصادر في 1956، والتي تسوي بين الأقليات بالحقوق والواجبات في المواطنة بغض النظر عن العقيدة الدينية لأي مكون طائفي. ثالثاً: ثم ورغم رضا الأكثرية بالمساواة المذكورة، فكلتاهما غدرتا بالأكثرية التي تعاهدوا وتحاضنوا معها، الغدر الموثق بحسب الحقائق التاريخية الموثقة بالنسبة لليهود والغدر المعروف حسب الواقع المعاش اليوم بالنسبة للطائفة العلوية في سوريا، والذي بدأ بانقلاب عسكري، ثم تم تغيير الوثيقة على يد الطائفة ذاتها بعد احتلالها سوريا في 1968م، فجعلت ذاتها من وراء قناع البعث -حسب المادة الثامنة في الدستور العلوي- قائداً للدولة والمجتمع، أي في موضع السيادة والقيادة الدائمة فيه والأكثرية في موضع السخرة والإتباع!! الغدر الذي لم تقترفه يهود في المدينة، والتي يبدو غدرها طفرة بلا أصول مقارنة بالطائفة الكريمة. رابعاً: غدر الطائفة اليهودية لم يكتمل تاريخياً بسبب التيقظ والحزم النبوي، ومع ذلك عوقبت (وأجليت لكنها غدرت من جديد بالأكثرية التي احتضنتها وعايشتها في فلسطين). أما في الحالة العلوية فقد تم الغدر تماماً وذلك باختطاف الدولة كاملة واحتلال البلد واستعباد الأكثرية فيه، الأكثرية التي قامت حين شعرت بالمهانة والعار تصرخ: (حرية حرية) تريد الانعتاق من نير العبودية والانقياد للأقلية الغادرة فتخبطها الأقلية على وجهها بالحذاء حيناً وبالرصاص أحياناً وتقول: هذه هي الحرية. إذن الحراك على الأرض يقول أنه صراع بين العبودية والحرية، أو بين أقلية علوية سيدة وأكثرية مسلمة مستعبَدة. وبشكل واضح وإن لم يكتب صك العبودية ويسجل في دوائر النفوس!! لكنه كتب في الدستور النكد المذكور!! وإذا كادت خيانتهم أن تهلك المسلمين في المدينة فإنها أهلكتهم فعلاً في الشام في غدرة ماكرة. خامساً: وسبحان الله: كلتا الطائفتان تقيمان اليوم في الشام متضامنتان في تجاور وتوازن وتعايش مريب رغم حالة العداء المعلنة بينهما، الحالة التي عبر ابن خال رئيس الجالية الخاطفة (ر. مخلوف) بقوله لليهود خاطباً ودهم وعونهم: بل الدم الدم والهدم الهدم والأمن الأمن لا ينفصلان. أي أمن جالية الأمس وجالية اليوم اللتان تحولتا في غفلة من الزمن وفوعة من الغدر إلى دولتين خاطفتين محتلتين لأرض الأكثرية المسلمة ذاتها في مناطق مختلفة من بلاد الشام!! سوريا وفلسطين. ولذلك تتحول حالة العداء المعلنة بين طائفتي الأمس الكريمتين من عداء ظاهر (في الثمانينات) إلى صمود وتصدي (في التسعينات) إلى مقاومة (آخر التسعينات) إلى ممانعة (العشرة الألفية الأولى)... إلى ماذا؟.. لم يبق في الطرف الآخر للسلسلة المتراخية دوماً سوى الممالأة ثم المساندة المعلنة كما صرح مخلوف!!
هذه بعض نقاط التشابه والتدرج التاريخي حتى الوئام بين الطائفتين الكريمتين فماذا كانت عقوبة الطائفة اليهودية على الغدر في دولة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يجب أن نعلم جيداً فتشابه الجريمتين يوجب تشابه العقوبتين، ولا فتوى في وجود النص: يقول كتاب السيرة النبوية الموثقة لدى أهل السنة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وكلَ الحُكم على يهود قريظة إلى واحدٍ من رؤساءِ الأوسيين سعد بن معاذ - حيث كانوا حلفاءه في الجاهلية فلعله أرأف بهم!-، فالنبي –صلى الله عليه وسلم- يبحث لهم عن من يرأف بهم وهم متلبسون بجريمة الخيانة العظمى، فحكم سعد في يهود حكم الله من فوق 7 سماوات!!! يقول أهل السير: "أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم ونساؤهم" علام؟؟ ماذا فعلوا؟؟ لقد راسلوا القرشيين واتفقوا معهم على الدعم والإسناد في غزوة الخندق؟ هل تراسل القرظيون جميعاً مع القرشيين؟؟ هل خانوا جميعاً؟؟ لا أعتقد قط، بل فئة صغيرة رئيسة لهم، أما جريمتهم فهم جميعاً رضوا بقرار رؤسائهم وتابعوهم ولم ينكروا الاتفاق ويسارعوا إلى التبرؤ منه وفاء بالمواطنة ومضياً بالعهود أو على الأقل إيثاراً لسلامة العاقبة. وأظن أن أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب –رضي الله عنها- كانت من بني قريظة هؤلاء(1)، فعوقبت أفضل ما عوقبت به جارية في التاريخ أن تحولت من يهودية منكرة مغلوبة إلى زوجة نبي غالب وأم للمؤمنين!! والسؤال هنا: هل خان جميع القرظيين أو اشتركوا في المؤامرة؟؟ أجزم أن لا، ولكن سكتوا وتابعوا. هل فرَّق الحكم بين خائن وساكت (أو شيطان ناطق وشيطان أخرس)؟؟ أذكر أن أحدهم منح عفواً وهو يقدم عنقه للسيف فقال: "لا حاجة لي بالحياة بعد الأحبة"، في إصرار على الذنب والعقوبة منقطع النظير!!! قد يقول قائل: ما الدليل على الرضا والولاء بين العامة والرؤساء؟ أقول السكوت المطبق وعدم الاعتراض. أجل في موطن حساس ومفصل تاريخي خطير من حياة الفرد والأمة يغدو الإنكار والصراخ لصالح الحق منجاة للفرد؛ ذلك لأنه -رغم صدوره عن فرد- فعل ذو ثقل في ميزان الحق العام قد يؤدي إلى منجاة جماعية للأمة، وتشجيع الساكتين على الصراخ وكبح الغدر والإجرام، لذلك يستحق هذا الهاتف النجاة، تماماً كما يستحق الساكت الجزاء والعقوبة الجماعية التي تشركه مع الكبراء والمجرمين في معادلة عادلة تجمع الساكتين عن الحق مع الغادرين به. لطالما قالت العرب: السكوت علامة الرضا وعلامة الرفض الصراخ بغضب!! لكن النص النبوي يشرك الساكت والناطق في عقوبة واحدة حين جعل الأول شيطان أخرس!!! وهذا ما عوقب عليه جمهور قريظة لا سواه وبذات عقوبة الغادرين: "السيف"..
السيف أصدق أنباء من الكتب *** في حده الحد بين الصمت والغضب
طائفة خيبر الكريمة: في هذه الطائفة التي كانت تعيش حياة يهودية شبه مستقلة أو شبه استقلال ذاتي لم يهدأ يهود خيبر عن الكيد ضد الإسلام، فكوَّنوا جبهة معادية للمسلمين، واستمالوا قبيلة غطفان والأعراب المجاورين لهم في شمال المدينة، والفارين من بني النضير فخرج النبي –صلى الله عليه وسلم- على رأس جيش لتأديبهم والقضاء على خطرهم. وكانت تلك الموقعة "موقعة خيبر". ففتح النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر حصناً بعد حصن، ولم يبق إلا حصنان، ظل المسلمون يحاصرونهما، حتى أيقن من فيهما بالهلاك، فطلبوا أن يخرجوا ويتركوا الأموال مقابل الأمان، فوافقهم الرسول –صلى الله عليه وسلم- على ذلك، ثم سألوا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن يبقى خيبر تحت أيديهم يعملون فيها ويزرعون؛ لأنهم أعرف بأراضيهم ولهم نصف ما يخرج منها، فصالحهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وقال لهم: ((على أنا إن شئنا أن نخرجكم أخرجناكم)). وقد أجلوا عن خيبر فعلاً في عهد عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-. ترى هل فرق حكم المصالحة بين ساكت عن العدوان وساع فيه؟؟ أم جعل الحكم واحداً؟ أجل، هنالك حكم جماعي حين يعم الإجرام الجميع ويتقاسمونه بينهم بين صامت وجاهر!! القتل للقاتلين والجلاء للساكتين في حالة خيبر، والقتل للجميع في حالة قريظة عدا النساء والأطفال!! بل طال العقاب "السبي" النساء والأطفال!! بسبب حماقة الرجال.. إنه في حالة التراشق بالرصاص والقذائف عن بعد لا يمكن التمييز بين المجرم والمُحجِم إلا بالصراخ والرفض والتظاهر ضد الاعتداء على السوريين البراء لا طريقة سوى ذلك، والصمت الآن إيثارا للسلامة من العلويين وسواهم، -والعلويين أخص؛ لأنهم أقرب إلى دائرة القرار وأصحابه- هو ذاته الذي يوبق الصامتين حين تميل المعركة لصالح المستضعفين؛ {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين}. فلا يمكن أن يكون الصمت والنفاق منجاة في كل الأحوال والأهوال!! لا لمن يؤسس لعدل مدخول مطعون، كل الطائفة العلوية الكريمة آثمة ظالمة إلا من قام يصرخ من الآن كما يصرخ السيد دليلة والسيد وطفة من الكويت، من الآن وإلا فلا!! الصراخ والاعتذار يفيد الآن لا بعد آن حين يغرغر، وليس هنالك "عصفورة" تدلنا على الصامتين جبناً والصامتين تآمراً والصامتين اعتزالاً للفتنة منهم أو منا!! ولا بدّ أن يمزق رداءَ الصمت الآثمَ الرصاص ويزهر الحق والقصاص. وكما أجزت أنت أن يعتدي حي مظلوم على حي ظالم، وقرية مظلومة على ظالمة، وبمثل ما اعتدي عليهم، وهذه مرحلة متقدمة في الفتوى والتحليل اعتماداً على الآية الكريمة: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} فحوَلت الـ "من" المفردة إلى جماعة، فإن هذه المن يمكن أن تتسع قليلاً لتصيب كل الطائفة الظالمة إلا الصارخين منهم والرافضين علناً، أجل علناًَ، والآن الآن وليس غداً، وإلا فلات ساعة مندم، والقصاص العادل سيطال الجميع، المجرمين والساكتين!! ترى أيكون الشرع جائراً حين يقرر الخسف على الجيش الذي سيأتي يوماً ما لهدم الكعبة فيعاقبه جميعاً بالخسف وفيهم ومعهم من ليس منهم؟؟ دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان على أم سلمة أم المؤمنين –رضي الله عنها- فسألاها عن الجيش الذي يخسف به فقالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم)). فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟ قال: ((يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته)). يعاقب في الدنيا عقوبتهم وهو كاره لما يعملون فكيف بمن يوافقهم أو يشاركهم بصمته؟؟ ثم في الآخرة فلا يظلم ربك أحداً. وفي رواية مسلم عائشة ـ رضي الله عنهاـ قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم)). قالت: قلت يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم، وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: ((يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يبعثون على نياتهم)). وفي رواية مسلم: ((يهلكون مهلكاً واحداً ويصدرون مصادر شتى)). وفي حديث أم سلمة –رضي الله عنها- عند مسلم: فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟ قال: ((يخسف به، ولكن يبعث يوم القيامة على نيته)). أي يخسف بالجميع لشؤم الأشرار ثم يعامل كل أحد عند الحساب بحسب قصده، قال المهلب: "في هذا الحديث أن من كثر سواد قوم في المعصية مختاراً أن العقوبة تلزمه معهم". قال: "واستنبط منه مالك عقوبة من يجالس شربة الخمر وإن لم يشرب، وفي هذا الحديث أن الأعمال تعتبر بنية العامل، والتحذير من مصاحبة أهل الظلم ومجالستهم وتكثير سوادهم إلا لمن اضطر إلى ذلك، ويتردد النظر في مصاحبة التاجر لأهل الفتنة هل هي إعانة لهم على ظلمهم أو هي من ضرورة البشرية، ثم يعتبر عمل كل أحد بنيته". وعلى الثاني يدل ظاهر الحديث. العقوبة بالمصاحبة والموافقة والسكوت هي عقوبة شرعية عادلة، والشرع شنع كثيراً على أولئك الذين تواطؤوا بالصمت على جريمة وهم قادرون على الإنكار ولو باللسان؛ {لعن اللذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه}، عبر بما المصدرية بدل المصدر ليفيد الفعلان معنى تجدد العصيان واستمرار الاعتداء منهم، ولتفيد صيغة الماضي أن ذلك أمر قديم فيهم، وصيغة المضارع أنه متكرر الحدوث، أليس ذلك ما هو مستمر من الطائفة العلوية الكريمة منذ 50 عاماً؟؟ أليس فيهم رجل رشيد؟؟. أما المنكر فهنالك من فعله فعلاً وهناك من لم يفعله ولكن لا يتناهى عنه معهم فلعن معهم، ذات اللعنة حلت بالجميع!! ثم فسر الصمت ولاءً أو شكلاً من أشكال الولاء الموجب للجحيم؛ {ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم..} أليس هذا عدل إلهي؟ نحن نصرخ من الظلم الواقع علينا من بعضهم في الشوارع والساكتون منا ومنهم على هذا المنكر الأكبر ملعونون على لسان الأنبياء والصالحين إلى أن يشاركوننا بالتظاهر والصراخ. هنالك ما يدعى الفعل الجمعي والعقل الجمعي وعلم النفس الجمعي الذي يلح عليه القرآن في كثير من المواقع، بل لطالما حاسب الله الأمم حساباً جمعياً، نحن أهل السنة والجماعة نركز كثيراً على العقوبات الفردية ونستنكر الجمعية! ما غزوات الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا شكل من أشكال العقوبة الجماعية لمجموعة المجرمين والصامتين في زمنه كما مر في خيبر أو قريظة؟ هل السبي إكرام أم إهانة؟؟ ما ذنب المرأة حتى يطالها العقاب فتكون جارية مهينة في بيت عدو لا تعرفه؟؟ فكما أنه لا تزر وازرة وزر أخرى في قضايا الاعتقاد الشخصي والعمل الفردي والإجرام الفردي، فهنالك مسؤولية جمعية أيضاً تجاه قضايا تخص الجميع ويمتد أثرها وشررها للجميع ويسكت عنها من يسكت في تواطؤ مريب وهو يعلم أن النار التي يسكت عليها سوف تطال الجميع!! وكما أن هنالك مسؤولية جمعية هنالك عقوبة جمعية، قضايا الاعتداء على الحق العام وممارسة الاستبداد لا تخص أحداً بعينه وتخص كل أحد!! وعقوبتها تطال كل أحد إن لم يقم بدفعها!!! القانون الجنائي اليوم يعرف تماماً جرائم التستر ويعاقب عليها كما يعاقب المجرمين؟ ذلك لأن المتستر كان يملك بالصراخ فقط أن يمنع الجريمة أو يمنع استمرارها. فكيف بالصامت المتواطئ الذي لم يستفد من اللحم الحرام واستفاد من مرقه!! أو على الأقل من لهجته الساحلية التي أضحت لهجة الرعب والعدوان لكل من أراد الرعب والعدوان!! هل يمكن للمتستر أن يحتج بالآية {ولا تزر وازرة... }، هنالك قال عمر: "والله لو أن أهل الأرض جميعاً تواطؤوا على قتل امرئ مسلم لقتلتهم به". ألم يتواطأ أهل الطائفة العلوية الكريمة على الاستبداد والظلم والقتل وسوء استغلال السلطة والاستئثار بها؟؟ أين كان الشرفاء منهم -إن وجدوا- قبل عام واحد من ثورة المستبعدين والمستعبدين؟؟ وكم عددهم؟ ونحن بذات القانون "التستر والتواطؤ" سنحاسب العالم الصامت كله كما سنحاسب إخواننا العرب الصامتين، وبالطبع الضالعين بجريمة الصمت من طائفتنا ذاتها وهم أولى بالصراخ والثورة. وإذا كانت ألمانيا وأوروبا ما تزال تدفع حتى اليوم الأولى جراء الفعل والثانية جراء للتواطؤ والصمت تعويضات لليهود في جرائم الهولوكوست المزعومة؛ فإن الدم السوري قد ملأ الأفق، والعالم لما يزل يعطي المهلة تلو المهلة للنظام في إدارة مشبوهة للأزمة!! إن حديث السفينة حين ترك نزلاء الطبقة العليا فيها نزلاء الطبقة الدنيا يخرقونها للاستسقاء يوضح الواجب الجمعي تجاه المنكر والحق العام والعقوبة الجمعية التي تطال الجميع - الخارقين والصامتين- إن مالؤوهم أو وافقوهم، أو حتى إن صمتوا فحسب، إنه الغرق في الخرق الذي أحدثه البعض وسكت عليه الجميع!! ألم يملك العقلاء من الطائفة -إن وجدوا- أن يقولوا خلال خمسين عاماً لا للعابثين من وحوش الطائفة، فتركوهم يرتعون طالما أن الأكثرية السنَّة هم ضحايا الهولوكوست السوري المريع والرتع الفظيع؟؟ يقول - تعالى -: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً}. لمَ دمرت القرية كلها ولم يفسق فيها إلا المترفون؟؟ أمن العدل أن يؤخذ الضعيف بجريرة المترف؟ والطائفي الصامت بجريرة المسيء؟؟ أجل، ذلك أنه كان قادراً أن يغير بيده أو بلسانه ما فسقه وأفسده المترفون والحاقدون فلم يفعل، أما التغيير بالقلب فقد يفيده هو وحده في آخرته، أما في الدنيا فلا يمنعه عند انتصار المظلومين من العقاب كما لا يوجب عند الظالمين الأجر والثواب، دعوا القلوب لباريها، وأرونا الأفعال من القادرين -أو على الأقل الأقوال من العاجزين- وليس وراء ذلك من الوطنية بل الإنسانية حبة خردل!! أجل الطائفة (الكريمة) كلها مسؤولة، هذه هي المسؤولية الجمعية الطائفية عن ضبط العناصر العابثة منها إن كانت حقاً تستشعر الواجب الوطني وتقدر العيش المشترك، وإذا كان قد حاق بالطائفة ظلم تاريخي على يد العثمانية آخر عهدها -ومن دار في فلكها من السوريين وسواهم في عالم العرب- فقد حاق بالسنَّة والعرب ظلم مثله وأكثر، وعلى حجم الطائفة يكون الظلم، فلا يحتجن أحد بالتاريخ التعيس ليسقط تعاسته على مكون طائفي بعينه في وطن هو يغمز بطائفة الأكثرية كما فعل الأسد الأب، فقد كانت الأكثرية أول ضحايا العثمانية المريضة في آخر عهدها!! سوريا كانت كلها تحت الاحتلال كما يقولون هم! فعلام يلام بعض المحتلين على ما لم يفعلوه؟ ويعاقبون خلال 50 عام وما يزالون؟؟ والإقطاعيون السوريون العثمانيون وزعوا ظلمهم بالتساوي على الجميع، ولكن كل مبتلى يظن أن مرضه هو الأشرس والآلم، وإن كان مصاباً بالصداع وغيره بالسرطان!!! لماذا يجب على السنة وحدهم أن ينتقلوا من احتلال إلى احتلال؟؟ لقد عاقب الله زوجة نبي كريم امرأة لوط -على جريمة الشذوذ التي لم تكن هي كأنثى متورطة بها- فقال: {إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم}، مع أنها لم ترتكب الجريمة التي فعلوا، بل باعت آخرتها بدنيا غيرها كما يبيع الصامتون العلويون اليوم دنياهم مجاناً بدنيا غيرهم من المتنفذين من العلويين. إن السعاية بالجرم وإثارته موبق كالجرم ذاته!! وهذا ما كانت متورطة هي به، وإن الطريقة المثلى للنجاة هو الصراخ بصوت عال: لا لا. وحيث أنها لم تفعل، بل حملت حطب الفاحشة وسعت بها فلقد رجمت بذات الحمم التي رجم بها الفاحشون!! وكذلك سيرجمون هم من الشعب السوري المغلوب إن لم يسارعوا إلى الابتعاد عن الظالمين أو الإنكار عليهم. ألم يحمل شباب العلويين وشيوخهم -إلا قليلاً منهم- وزر الدفاع عن النظام عصبيةً وكبراً وعدواناً مع أنهم لم يفيدوا جميعاً منه بالتساوي، ومع أنه ساقط أخلاقياً وإنسانياً قبل السقوط السياسي والقانوني؟؟ لماذا لم ينكر الشيوخ والعقلاء ذبح الأطفال والنساء والإبادة الجماعية للقرى والأحياء؟ هل هذا شرف يُدافع عنه أو يُسكت عليه؟؟ أجل هناك مسؤولية طائفية عامة، وكان ينبغي أن يأخذوا على أيديهم لينجوا جميعاً؛ ((فإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا، وإن تركوهم هلكوا وهلكوا))، وإنهم سيهلكون، والجريمة هي الصمت والموافقة، وأرجو أن يسمعوها هم كما يسمعها أصحاب الورع الفارط أو المفرط من علماء السنة!! الذين يؤمنون بشرعية قصف الحي بالحي والقرية بالقرية لكن ليس الطائفة بالطائفة تحت وقع الورع؟؟ ألم يصلهم نبأ القصف الطائفي على قراهم وأحيائهم بما يكفي لإفتاء أكثر منطقاً؟ كيف نفتي بهذه ونحجم عن تلك؟؟ ونحن نرى ما يفسده المترفون! لقد قتل من الشعب السوري عشرات الآلاف على مذبح الطائفية ومن طرف واحد ولكنه لن يتراجع، والمجزرة مستمرة، والشعب باق والحكام هلكى، الشعب نفسه طويل وصبره طويل للأسف، والشعب لم يثر كله بعد ولم يقل كلمته بعد، لن يضرنا أن نقدم مليون شهيد في سبيل الحرية الغالية التي نطرق أبوابها بأيد مضرجة، الحكم لله ثم للشعب اقتلوا ما شئتم ومن شئتم!! خذوا من دمائنا ما تشاؤون، الثورة ستستمر والصبر إلى نفاد والقصاص الطائفي قصاص عادل شرعاً وقانوناً كما أسلفت، وأنا لست عالماً شرعياً ولكني عامل ثائر، اسمعوا كلام عمالنا لا علمائنا -الفضلاء على مكانتهم وكرامتهم-، أنا من هذا الشعب المقهور المظلوم الموتور تعلمت الحقوق والإفتاء، لم أفت يوماً واحداً لأحد من قبل، ولكني قررت اليوم الإفتاء لي وللثوار العاملين، لقد أنطقهم الظلم وعلمهم، فليسوا بحاجة حتى إلى إفتاء؛ ((استفت قلبك ولو أفتوك وأفتوك))، لا تستفت العالِمين، دعوا العالِمين وعلومهم، وامضوا في الكفاح إلى درجة الشهادة!! الموت مزحة ظريفة، السجن عار على من يقدر على الانفجار، فإن لم يقدر فلا بأس بالسجن، السجن نزهة في جنة الذات لا يتمتع بها إلا ملاك الجنان والعقارات، الدنيا ملعونة إن بقيت في يد هؤلاء، ملعون ما فيها، وملعون من فيها إلا ذكر الله وما والاه، لا يمكن لمن كان عبداً لله أن يكون عبداً أيضاً لسواه، لا تلتقي عبوديتان في قلب امرئ مؤمن كما لا يلتقي الثلج والنار! تميزوا يا عبيد الدنيا والمال فلقد آن الزوال، وامتازوا اليوم أيها المجرمون لقد أفاق المستضعفون!! إن الفرصة ما تزال سانحة أمام أنصاف الضمائر من العلويين، أو أرباع الضمائر وأعشار الضمائر، فأصحاب الضمائر الكاملة انشقوا من زمن بعيد على قلتهم للأسف! كدليلة ووطفة، وأرجو أن يسارع هذان وسواهما إلى كتابة قائمة من المنشقين العلويين الأشراف حتى يكونوا قدوة ونبراساً!!! العقاب الجمعي الشعبي سيكون ماحقاً، وهو أمر يفهمه وتتفهمه قوانين الأرض والسماء. لن يسمع الموتورون لأصحاب الورع والتقوى الفائض الذي يترك تسع أعشار الحلال كيلا يقع في الحرام، لا يغرنكم ما يقول، هو يفتي لنفسه، والشعب تقي أيضاً، لكن ليس في الدرجة العليا من التقوى، الشعب لا يريد أن يقع في الحرام وهو لم يفعل ذلك طوال قرون فساعدوه على ذلك، والذي نفسي بيده لن يعصمكم -مع ما كان منكم من صمت وخرس عن الحق في نصف قرن وتواطؤ عليه- إلا الصراخ الآن عالياً في وجه الظالمين منكم لمن لا يملك إلا اللسان، وإلا الانشقاق لمن يملك السنان، ينبغي أن نكون كلنا مواطنين سوريين، وكلنا في خندق واحد ضد الحقد الطائفي الأعمى أياً كان مصدره وطائفته، ولدينا مسؤولية واحدة: الثورة في وجه الظلم، وإعادة الحكم المسروق إلى الشعب، ومن يختاره الشعب أو الطوفان، أجل الطوفان، فأفيقوا قبل فوات الأوان.. ـــــــــــــــــــــــــــــــ * بتصرف يسير جداً (نور سورية). (1) الصحيح أنها من بني النضير (نور سورية).
محمد بسام يوسف
أبو يعرب المرزوقي
بشير زين العابدين
عمر قدور
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة