..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

10 نقاط تحكم انهيار الليرة السورية

لقمان الحكيم

٢٣ إبريل ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4638

10 نقاط تحكم انهيار الليرة السورية
1.jpeg

شـــــارك المادة

انهيار العملة يعتمد على عوامل: ضعف الميزانية، ضعف الثقة، عدم انتشارها في العالم، المضاربة القوية، الغطاء، مصاريف الأزمة، وبالمقابل يمكن مجابهتها بطبع العملة، التحكم بسوق الصرف عن طريق المصرف المركزي، تغيير شكل العملة.

 


1- الميزانية السورية:
تعتمد في الدخل على 60% ضرائب داخلية من الشعب، 15% السياحة، 10% النفط، 5% متفرقات. وتصرف هذا الدخل في دعم الكهرباء والمازوت 40%، دعم المستوردات الأساسية 20%، الرواتب وباقي الخدمات 40%.
الشعب توقف عن دفع الضرائب بسبب الأزمة وبسبب حملات شعبية، السياحة معدومة حيث وصلت نسبة إشغال الفنادق إلى صفر، وتصدير النفط معدوم تقريباً. الحكومة بالمقابل قلصت استهلاك الكهرباء والمازوت ورفعت يدها عن دعم المستوردات الأساسية، وتوقفت إلى حد ما عن الصرف على الرواتب وباقي الخدمات. ولكن دخل الميزانية يقل كثيراً عن المصروفات وبالتالي فالميزانية على وشك الانهيار.
2- الثقة في العملة السورية ضعيف جداً، فالأزمة طالت، ولا يوجد ضوء في آخر النفق، ولا يوجد قرار دولي على إنهائها لأي طرف من الطرفين، وطول الأزمات دائماً يضعف قيمة العملة. والجميع يذكر أن أزمة مقتل رفيق الحريري أدى إلى فقد الليرة ربع قيمتها رغم عدم وجود أي دليل فعلي على أزمة، الليرة السورية عملة هشة. وإذا قارناها بالعملة اللبنانية، فعندما انعدمت الثقة بالليرة اللبنانية انهارت، رغم أن الاقتصاد اللبناني أقوى من الاقتصاد السوري بسبب وجود استثمارات ومصالح خليجية تحد من انهيارها. العملة اللبنانية انهارت إلى 5 % من قيمتها، وحتى اليوم لم تستعد قيمتها، وكذلك العملة العراقية.
3- الليرة السورية عملة غير منتشرة أصلاً، فليس لها تواجد قوي وهي ليست عملة دولية، بمعنى أن هذه العملة غير متوفرة في كثير من دول العالم، ولا تتوفر أيضاً في كثير من الدول العربية، وبالكاد تتوفر في بعض دول الخليج ولبنان والأردن. وبناء على ذلك فالعالم لا يتضرر إذا انهارت الليرة، فالدولار مثلاً يحمي نفسه بالانتشار العالمي، فإذا انخفضت قيمته تدخلت كل الدول لحمايته لأن عندها احتياطي منه. أما الليرة فغير موجودة ولن يتضرر أحد بانهيارها.
4- المضاربة على الليرة السورية ممكنة وبسهولة، فكما قام جورج سورس الأمريكي بالمضاربة على عملة أندونيسيا (بالبيع والشراء والإشاعات) بحيث انخفضت قيمتها إلى 20% أي إلى الخمس في عدة أشهر، كذلك تقوم دول الخليج ودول أخرى بالمضاربة على الليرة السورية، وذلك بأن تشتري الليرة بسعر يقل عن سعرها في السوق بشكل دائم، فإذا كان سعر السوق السوداء الدولار مقابل 70 ليرة، فإن هناك من يعرض الدولار مقابل 80 ليرة، وبالتالي ينخفض سعر الصرف إلى 80 ليرة، فتقوم نفس الجهة بعرض الدولار مقابل 90 ليرة، وهكذا تنهار الليرة. في الوضع العادي يقوم المضارب بالبيع والشراء لتحقيق مكسب مالي، أما في سورية فإن المطلوب تحقيق مكسب سياسي عن طريق انهيار الليرة وبالتالي انهيار النظام، وحتى تنجح هذه الخطة يجب أن تكون هذه الجهة قادرة على صرف الدولار بكميات كافية لضمان انهيار الليرة، وهذا ممكن بالنسبة لليرة بسبب قيمتها الضعيفة، فمقابل 50 مليون دولار (وهو مبلغ صغير) يمكن شراء 5 مليارات ليرة، وهذا المبلغ كافي لضمان انهيار الليرة السورية. أما لو كانت قيمة الليرة كبيرة، لارتفعت تكلفة المضاربة عليها أي أنها تطلبت ميزانية أكبر، وهكذا تضعف إمكانية المضاربة عليها.
5- غطاء الليرة هو عبارة عن 14 مليار دولار موجودة في المصرف المركزي. هذه المعلومة غير مؤكدة ولا يمكن التأكد من صحتها، وأنا أتوقع أن المبلغ لا يتجاوز النصف، فبإمكان أي مسؤول أن يحصل على أي كمية من الدولار بدون مساءلة، والجميع شاهد مقطع ملايين الدولارات الموجودة في غرفة أخو رامي مخلوف (حسن مخلوف). ولكن هذا الغطاء ينفذ بسهولة عبر دعم المستوردات ودعم الليرة في السوق. والمشكلة أن هذا الغطاء حتى لو تناقص ببطء فهو حتماً لن يزيد، والتوقعات أن هذا الغطاء سيختفي بعد 3-6 أشهر، وحينها تصبح الليرة بدون أي غطاء، وبدون ثقة، وبدون مصدر دخل.
6- لو افترضنا أن الأزمة اقتصادية وحسب، لانهارت العملة ببطء، المشكلة أن الأزمة عسكرية أيضاً، فالدولة تصرف ملايين الليرات على الأزمة يومياً، عبر رواتب للجيش والأمن والأمن المرادف (الشبيحة)، كذلك مصاريف الوقود للدبابات وغيرها، وهذا يرتب أعباء إضافية على الدولة.
7- حاول المصرف المركزي التدخل في سوق الصرف، وذلك بأن يبيع الدولار عندما تنزل قيمة الليرة إلى 88 مقابل الدولار، ويشتري الدولار عندما تصل قيمة الدولار إلى 80 ليرة. وذلك للحفاظ على مستوى 80 ليرة مقابل الدولار، هذه الخطة فشلت فشلاً ذريعاً، السبب الأول: أنه لو افترضنا أن الدولار ارتفع إلى 88 ليرة سورية، وأراد المصرف دعم الليرة عبر بيع 2 مليون دولار، من هي هذه الجهة التي تضمن عدم المساءلة إذا حملت 176 مليون ليرة إلى المصرف لاستبدالها؟ وكيف ستوصل المبلغ إلى المصرف في ظل انعدام الثقة في إيداع المبلغ في البنك؟ وإذا فعلها مرة، فهل سيجرؤ على تكرارها أم سيتهم بأنه سيضارب بالعملة؟ الذي حصل أن تجار العملة خافوا من التعامل مع المصرف شراء وبيعاً، والجهة التي استفادت هي جهات فاسدة فوق المساءلة، أصبحت تشتري الدولار من المصرف المركزي بسعر وتبيع للتجار بسعر آخر، وبالعكس، ولن يتمكن المصرف المركزي من مساءلتها، هذا بالإضافة إلى وجود خيارات التعامل مع مضاربين أكثر أماناً وسرية، وهذا أدى إلى استنزاف 5 مليارات دولار من المصرف المركزي، وأوقف المصرف المركزي التدخل، بعد أن استفاد الفاسدون، صحيح أن المصرف المركزي وجه إنذاراً إلى المضاربين بإمكانية التدخل مستقبلاً، لكن المضاربين يعلمون أن رصيد المصرف المركزي من الدولار قارب على النفاذ.
8- يقوم المصرف المركزي بطباعة العملة السورية بكميات هائلة، والهدف من ذلك أن تتواجد الليرة في السوق بشكل دائم، وأن تتمكن الدولة من دفع الرواتب والمصاريف الداخلية، هذا حل جيد بالنسبة للداخل، خاصة أن هذا الحل سيتعب المضاربين الذين يشترون الليرة، فمهما اشتروا من ليرة سيوجد دائماً مليارات أخرى. وهذا الحل تلجأ إليه الدول المنهارة مثل اليونان، التي كان أفضل حل لها أن تنفصل عن الاتحاد الأوروبي، وتستعيد عملتها (الدراخمة)، وتتحول ديونها من 400 مليار يورو إلى 400 مليار دراخمة، الميزة هنا أن اليونان بإمكانها طباعة أي مقدار من عملتها الخاصة لتسديد ديونها، لكن العالم إذا عرف أن اليونان تطبع عملتها بكميات هائلة، وإذا زاد عرض الدراخمة في العالم بشكل مفاجئ، فستنهار الدراخمة، ولكن اليونان لن تكون عندها مشكلة، فمن يريد ديناً فعليه أن يأخذ دراخمة (أو مع السلامة). طبعاً تدخلت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ومنعت اليونان من ذلك، لأن معظم الديون اليونانية هي مستحقة لهذه الدول، وهي لا تريد أن تحصل على ديونها بعملة منهارة هي الدراخمة، فقامت هذه الدول بجمع مبلغ من جميع دول الاتحاد الأوروبي، واستولت عليه على أنه ديون مستحقة لها.
نعود إلى الليرة السورية، طباعتها ممكنة، لكن هذا يؤدي إلى مشكلتين: الأولى: انهيار أسرع للعملة بسبب زيادة عرضها في السوق، والثاني: رفض الدول الأخرى التي تتعامل معها سورية حتى الآن أن تقبض ثمن مشترياتها بالليرة، وهذا أمر ليست لدى سورية مشكلة فيه لأنه لا أحد يقبل التعامل بالليرة أصلا.
9- تغيير شكل الليرة: هذا الحل تلجأ إليه الدول كحل ثاني بعد أن تغرق السوق بطباعة الليرة، والهدف منه هو إعادة رفع قيمة الليرة، فإذا افترضنا أنه يوجد في السوق 1000 مليار ليرة، فإن تغيير شكل الليرة، مع وضع قيود؛ مثل: عدم استبدال سوى مقدار محدد -الإشاعات تقول أنه حوالي 100 ألف ليرة للشخص-، تحديد مدة محددة للاستبدال -شهر مثلاً- ستؤدي إلى تحويل الكتلة النقدية إلى النصف فوراً، لأن بعض الناس لن يتمكن من تحويل كل ما لديه بسبب الوقت أو المساءلة القانونية، أي أن 1000 مليار ليرة ستتحول إلى 500 مليار ليرة خلال شهر، وهذا يفترض أن يرفع قيمة العملة إلى الضعف، لكن المشكلة أن العالم يعلم مسبقاً أن الدولة ستعيد إغراق السوق مرة أخرى بالليرة الجديدة، وهذا لن يؤدي إلى رفع قيمتها، بالشكل المطلوب.
النقطة الطريفة أن تغيير شكل العملة يقترن دائماً بالفساد، فستوجد أطراف تقوم باستبدال العملة بشكل أسرع أو بكميات أكبر لمن يرغب مقابل نسبة معينة، مما يتحول في النهاية إلى شكل من أشكال غسيل الأموال، لذلك فإن حل تغيير شكل العملة إذا حصل في دولة قوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي غيرت شكل 100 دولار عدة مرات، يؤدي إلى رفع قيمة عملتها بشكل قوي، حيث أن كل الدولارات التي طبعت في كوريا الشمالية -في مطابع اشترتها من مطابع من ألمانيا الشرقية كانت تطبع فيها ورقة 100 دولار أمريكي- أصبحت عديمة القيمة. أما إذا قامت دولة منهارة بتغيير شكل عملتها فإن هذا يسرع انهيار عملتها، لأن العالم يعرف حينها أن الدولة، وخاصة الفاسدين فيها يحاولون تحقيق مكاسب عبر الاستفادة من تغييرها، وهذا معناه أن كبار المسؤولين المطلعين على خفايا الأمور يعرفون أن جميع مصادر الدخل غير الشرعي الأخرى قد نضبت.
صحيح أن حاكم المصرف المركزي يدعي أن الهدف من تغيير شكل العملة هو جعل كتلة الليرة السورية في الخارج عديمة القيمة، لكن الحقيقة أنه لا توجد ليرة سورية في الخارج لأن الجميع تخلص منها. لكن الفائدة الوحيدة ستتوجه ضد مضاربي الداخل الذين اشتروا ليرة بأي سعر بهدف تحقيق انهيارها، لكن أنا متأكد أن هؤلاء المضاربين سيتمكنون من تصريف ما لديهم عن طريق الوسطاء مقابل نسبة (أي غسيل أموال).
10- الخلاصة: العملة السورية إلى انهيار حتماً، فالأزمات مترادفة سياسية واقتصادية ومالية. المتوقع أن تستمر العملة في التأرجح في حدود 100 ليرة مقابل الدولار، ولكن بمجرد حصول هزة قوية مثل قرار قوي من مجلس الأمن، أو حصول انشقاق كبير في الجيش، أو خبر مهم جداً، ستتناقص قيمة الليرة بشكل لوغاريتمي -أي أن التناقص لن يصبح في خانة العشرات 80، 90، 100 بل سيصبح في خانة المئات 100، 200، 300-.
في المقال التالي سأقوم بتحليل نتائج انهيار الليرة السورية على الاقتصاد السوري. والله أعلم بكل ما هو مستقبلي.

تعليقات الزوار

..

محمد علوش - سوريا

١٥ مايو ٢٠١٢ م

مقال مفيد رغم ضراوة اجرام النظام لكن انهيار الليرة سينعكس بالدرجة الاولى على المواطن ولنظام مجرم طفيلي مثل السرطان يعيش على دم الشعب وقوتهم وانهيار الليرة لا يؤدي وحده الى انهياره 

..

د. المطالع بن الكتاب - موزمبيق

٢٤ إبريل ٢٠١٢ م

حسب رايي اننا نفكر بحسم المعركة عسكريا او سلميا ونهمل الخيار الاقتصادي.

يتوجب ان تكون لدينا هيئة ثورية اقتصادية اسوة بالمجلس الوطني والجيش الحر لشن حرب اقتصادية على النظام

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع