محمود الكن
تصدير المادة
المشاهدات : 7521
شـــــارك المادة
التداعيات الاقتصادية المصاحبة للحروب والثورات تحدث كما هو متوقع، الليرة السورية تفقد قيمتها الشرائية، سعر الصرف ينزل أمام العملات الأجنبية، وثقة الناس تهتز بالنظام مع كل يوم في عمر الثورة. ولكن هذا الهبوط للقيمة الشرائية سيؤثر على الناس وقوت عيشهم. ويبادر الكثير إلى السؤال: ألم يكن الوضع قبل الثورة أفضل للجميع؟ وماذا بعد؟
الحقيقة إذا نظرنا إلى الوضع الآني خلال فترة السنوات الخمس الماضية سنجد أن الوضع الاقتصادي في سوريا كان بالفعل أفضل من الفترة الحالية التي تمر بها الثورة. ولكنها نظرة سطحية مجتزئة، يمكن تشبيهها لنظرة مجموعة من العميان يصفون فيلاً فيشبهه الأول بالعمدان، والثاني بالثعبان، والثالث بالمكنسة. الاقتصاد السوري لم يتطور تطوراً ملحوظاً منذ استلام حزب البعث السلطة عام 1963م. وزاده سوءاً سياسة حافظ الأسد التي اعتمدت على إيقاف عجلة الاقتصاد والتنمية لخدمة النظام. والتي اعتمدت على إفقار المواطن دون حد الجوع حتى يكون مهتماً فقط بلقمة عيشه. بينما تبقى المصادر الأساسية للاقتصاد بيد رجالات النظام، النفط أعلنه حافظ الأسد سراً من أسرار الدولة العليا، المطارات والموانئ كانت بإدارة مباشرة من قوى الأمن أو من أفراد العائلة أنفسهم. وفي ظل «الانفتاح» (الجزئي) الذي قاده بشار الأسد بعد وفاة والده، إلا أنه كان واضحاً أن الانفتاح كان موجهاً لاحتكار أفراد العائلة مفاتيح الاقتصاد والشركات الكبرى كما أن الأسد الابن عمل على اتباع إستراتيجية زواج المال والسلطة ليتمكن من التحكم من كافة مفاصل البلد بعد أن سيطر أبوه على أجهزة الأمن والجيش. في عهد الأب كان هنالك مؤسسة فساد ممنهجة تقوم على تحالفات بين مراكز قوى؛ كرجالات الأمن و الجيش وزعماء مناطق تقتات من منظومة الفساد، وعند مجيء الابن، قام بحصرها بأفراد من العائلة ورجال أعمال مقربين. فهل يعتقد عاقل بأن الاستمرار على هذا النهج خلال العشرين عاماً مقبلة سيسمح لسوريا بالتطور؟ وخصوصاً أن الأسد الابن قضى 11 عاماً لم يحقق فيها الإصلاح الموعود. من حسن حظ السوريين أن الاقتصاد السوري محافظ، ليس فيه الكثير من الديون، لا يوجد فيه استثمارات أجنبية ملحوظة أو بورصة. هو اقتصاد يعتمد على الزراعة والتجارة والسياحة والصناعة. ومعظم المنتجين في سوريا لا يعتمدون على استثمارات في الخارج. أي أنه بمجرد إسقاط النظام، وتطبيق نظام صحي وصالح للاقتصاد يكون فيه الجميع تحت القانون، فإن السوريين سيقومون بالعودة للعمل، وسيكونون متحمسين له. سيستطيعون إيصال الاقتصاد إلى ما كان عليه في فترة قصيرة نسبياً. ولكن سيكون هنالك أمل كبير في التطوير في حال إنشاء البيئة السليمة واجتثاث الفساد من المؤسسات. والمغتربون سيكونون عاملاً مهماً في لعب دور الاحتياطي الذي سيقوم بضخ الأموال في العجلة الاقتصادية. ولكن إذا لم يسقط النظام، فإن الثقة ستكون معدومة وسينظر الناس إلى الاقتصاد السوري بنظرة عدم الثقة لفترة طويل. كما أن سقف التطور سيكون موجوداً نظراً لاستحالة إلغاء منظومة الفساد في ظل النظام الحالي. أي أننا في أفضل الأحوال، سنعود إلى نفس النقطة التي كنا عليها خلال مدة عشر سنوات. من المهم -وخلال فترة الثورة- أن نقوم ببناء قنوات الدعم وآليات مؤسساتية لأخذ القرارات، سواء كان ذلك في الدعم الإغاثي أو إعادة الإعمار، أو الصناديق التكافلية والاجتماعية، والتمويل الصغير لدعم الصناعات الحرفية والغذائية ليتمكن الناس من العودة للعمل والإنتاج. علينا إنشاء قنوات إيصال الدعم للمستحقين، وآليات اتخاذ القرار، وعمل خطة الدعم اللاحقة. ومرحلة التأسيس ستكون بحاجة للاختصاصيين وإداريين، والتنفيذ لأشخاص أكفاء. التنفيذ يبدأ الآن، بإنشاء مؤسسات محترفة تكون جاهزة لتنفيذ خطط مدروسة وموضوعة مسبقاً، نعطي ثقتنا فيها للأكفاء لا المحاصصات، ونتكاتف حولها بأسلوب العمل الجماعي. علينا الاستفادة من عامل الوقت في تكوينها والتعلم من الأخطاء الآن بدل الانتظار حتى سقوط النظام. حتى نمضي سوياً… إلى الحرية.
المصدر: سورية بدا حرية
أكرم البني
عمار النوري
حسان الحموي
الطاهر إبراهيم
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة