..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الشام صفوة بلاد الله

صالح الوادعي

٢٤ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7159

الشام صفوة بلاد الله
4005.jpeg

شـــــارك المادة

الخطبة الأولى:
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، والسالكين طريقه إلى يوم الدين.


أما بعد:
فأوصيكم ونفسي أيها الناس بتقوى الله -تبارك وتعالى-، فاتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين.
الشام الأرض المباركة:
عباد الله!
أمة الإسلام مثخنة بالجراح.. مليئة بالطعنات، فيما بعض أجزائه يرضخ تحت احتلال اليهود، وآخر تحت احتلال النصارى، وبعض أجزائه تتحمل غدر المنافقين والباطنيين، وبلاد الشام لها من ذلك النصيب الأكبر، فيهود في فلسطين يعيثون فيها فساداً، ورافضة في لبنان، ودولة نصيرية في سوريا مضى عليها عقود من الزمان تحتل أرض الشام المباركة، ولن يطول بقاؤها؛ فلقد صحت الأخبار في فضلها ووصفها بالأرض المباركة، وهذا يوحي بالتفاؤل والثقة بنصر الله -تبارك وتعالى-، يقول موسى لقومه: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 21].
ويقول الله - تبارك وتعالى -: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 71].
ويقول -جلّ وتعالى-: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} [الأنبياء: 81].
تلك الأرض المباركة دعوة نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام - حين قال: ((اللهم بارك في شامنا.. اللهم بارك في يمننا))، تلك الأرض مباركة بهذه النصوص وغيرها، فعن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - أنه قال: قال - عليه الصلاة والسلام -: ((عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله التي يسكنها خيرته من خلقه)) [رواه الطبراني وسنده صحيح].
وعن عبد الله بن حوالة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: ((ستُجَنَّدون أجناداً جنداً بالشام وجنداً بالعراق وجنداً باليمن))، قال عبد الله: "فقمت فقلت: خِر لي يا رسول الله"! فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((عليكم بالشام؛ فمن أبى فليحلق بيمنه، وليُسقِ من غُدره، فإن الله - عز وجل - قد تكفل لي بالشام وأهله)). وفي بعض الروايات: ((عليكم بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده)) [رواه أبو داود وأحمد بسند صحيح].
في تلك الأرض المباركة العلم والإيمان والجهاد، فعن ابن عمرو - رضي الله عنهما - أنه قال: قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إني رأيت كأن عمود الكتاب انتُزِع من تحت وسادتي فاتبعته بصري فإذا هو نور ساطع عُمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان إذا وقع في الفتن بالشام)) [رواه الطبراني وصححه الألباني -عليهما رحمة الله تعالى-].
ويقول - عليه الصلاة والسلام -: ((وعُقْر دار المؤمنين الشام)) [رواه أحمد والنسائي].
أرض الشام أرض غنيمة ورزق مع بركتها، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - أنه قال: قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إن الله - تعالى - استقبل بي الشام وولى ظهري إلى اليمن، وقال: يا محمد! إني جعلت لك ما تجاهك غنيمة ورزقاً، وما خلف ظهرك مدداً)) [رواه الطبراني].
أخبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن أرض الشام لها شأن في زمن الفتن والملاحم، وهذا الزمان زمن فتن، والملاحم قادمة، ففيها ينزل عيسى - عليه السلام -، كما قال - عليه الصلاة والسلام -: ((ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء شرقي دمشق)) [رواه مسلم].
على أرض الشام يكون مهلك الدجال، وانهزام اليهود، وخذلان النصارى، كما قال - عليه الصلاة والسلام - في فتنة الدجال التي هي أعظم الفتن منذ خلق الله - تبارك وتعالى - آدم وأنزله إلى الأرض إلى أن تقوم الساعة، فعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال - عليه الصلاة والسلام -: ((فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغُوطة إلى جانب مدينة يقال لها دِمشق من خير مدائن الشام)) [رواه أبو داود وأحمد وصححه الحاكم].
ويقول - عليه الصلاة والسلام -: ((لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدَانِق، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذٍ، فإذا تصافوا قالت الروم: خلّوا بيننا وبين الذين سبوا منا فنقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا. فيقاتلونهم فيهزم ثلث لا يتوب الله - تعالى - عليهم أبداً، ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث لا يُفتنون أبداً، فيفتتحون القسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون؛ إذ صاح الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون وذلك باطل -أي: دعوى الشيطان باطلة- فإذا جاوزوا الشام خرج، فبينما هم يُعِدّون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة؛ فينزل عيسى بن مريم - عليه السلام - فأمّهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك، ولكن الله - تعالى - يقتله بيده فيريهم دمه في حربته))[رواه مسلم]؛ حتى يعلم الذين افتتنوا به أنه بشر وأنه ضعيف يقتله عيسى بن مريم - عليه الصلاة والسلام - بيده فيري الناس دمه في حربته.
الشام.. تاريخ ملاحم الإسلام:
أيها المسلمون!
يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((إذا وقعت الملاحم بعث الله من دمشق بعثاً من الموالي، أكرم العرب فرساً، وأجودهم سلاحاً، يؤيد الله - تعالى - بهم الدين)) [رواه ابن ماجه، وصححه الحاكم].
((يؤيد الله بهم الدين)) فلا نصر إلا لمن يريد أن يؤيد الله - تعالى - به الدين، لن ينتصر على الفرس ولا على الروم إلا من توجه بوجهه إلى وجهة واحدة: هي وجهة الله -تبارك وتعالى-، وكلٌ له وجهة هو مولّيها، ولكن هذه الوعود العظيمة ليست إلا للمؤمنين.
يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((يأتي المسيح الدجال من قبل المشرق همته المدينة، حتى ينزل دبر أُحد، ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام، وهناك يهلك)).
((الشام أرض المحشر والمنشر)) كما قال - عليه الصلاة والسلام -، هذه الفضائل تتحقق في أهل الإيمان إذا هم حققوه، وإذا تخلى أهلها عن الدين نالهم ما نال غيرهم من المحن والفتن وتسلط الكافرين، وما زال الخير في أهل الشام لما تسلط القوميون والبعثيون النصيريون، واستُبدلت راية الجهاد ضعف أهلها كما ضعف غيرهم، وهذه حقيقة لا يجوز أن نغفل عنها، ((إذا ضّن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله؛ أدخل الله - تبارك وتعالى - عليهم ذلاً لا يرفعه عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم)) [رواه الإمام أحمد وغيره].
أيها المؤمنون!
قطعاً إن فضائل أهل الشام ليست للقوميين، ولا للنصارى المارونيين، ولا للدروز، ولا للنصيريين، ولا لرافضة لبنان، ولا للنصيرية الظالمة، ولا للبعثية الاشتراكية، ليست هذه الفضائل لهؤلاء؛ إنما هي لأولياء الله الصالحين، ولأهل التقوى المخلصين، أهل الصلاة.. أهل الركوع والسجود والخضوع لله -تبارك وتعالى-، القائمين بالحق، وما أكثرهم في تلك الأرض المباركة.
يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((لا تزال طائفة من هذه الأمة قائمة بأمر الله ظاهرين على من خالفهم ومن خذلهم، لا يضرهم ذلك إلا ما أصابهم من لأواء))، ما أصابهم من بلاء ما أصابهم من جراح ولكن العاقبة للمتقين.
أرض الشام أرضٌ عاش عليها الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، ودفن فيها الصحابة والتابعون الأجلّاء، أرض الشام أخرجت جهابذة العلماء لهذه الأمة، وما زال العلماء يتبع بعضهم بعضاً حتى ولو حاول هذا النظام خلال هذه العقود طردهم ومحاربتهم، فهي أرض مباركة، باركها لله، ودعا لها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، لو تأملتَ في كثير من العلماء على مختلف القرون لوجدت سادتهم في تلك الأرض المباركة، ومن سادتهم فيها: ابن تيمية.. ابن القيم.. الذهبي، في عهدٍ غزا التتر بلاد المسلمين، فأنشأت الشام أولئك الذين جاهدوا التتر، من أين نشأ صلاح الدين، ونور الدين حتى طردوا الصليبين من أرض الشام، وفتحوا القدس، وصلى المسلمون في الأقصى بعد أكثر من تسعين عاماً والخنازير على باحة المسجد الأقصى؟! ونصر الله أيها الأحباب قادم.
أرض الشام قَدَرُها أن تكون أرض الجهاد.. أرض النضال.. أرض دفع العدو الغاصب والكافر الظالم، قدرها أن تقدم أبناءها في نصرة دين الله -تبارك وتعالى-.
ولو قرأت التاريخ لعلمت أن ما حصل في الشام لم يحصل في غيرها من البلاد، بل أهل الأديان كلها -النصارى واليهود- أعينهم على أرض الشام؛ لأنها الأرض المباركة، أرض المحشر والمنشر، عليها سقط الصليبيون، ورجعوا يحملون ذيول الهزيمة، وعليها سقط التتر، وسيسقط اليهود فيها لأنهم احتلوها، وقد قال - عليه الصلاة والسلام -: ((تقاتلون اليهود حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله! هذا يهودي ورائي تعال فاقتله)).
سقطت القومية العربية التي زخرفت قولها هذه السنوات العديدة، فسقطت وبان عورها وبان فشلها، وليس لهذه الأمة ولا يصلحها إلا الإسلام، لن تنتصر هذه الأمة إلا بدين الله -تبارك وتعالى-، فاعقلوا، وإياكم وتتبع المناهج المحرفة! بعد أن سقطت القومية والبعثية وضعفت الاشتراكية، برز نجم الليبرالية وستسقط.. ستسقط؛ لأن هذه الأرض.. أرض العرب.. أرض الشام، ما أصلحها إلا الإسلام، وما عزّت إلا بالإسلام، فإذا تمسكت الأمة بدينها أصبحت صخرة تتحطم عندها كل المؤامرات، والله لن يبقى لأمريكا باقية، ولن يبقى للروس باقية، ولن يبقى لليهود باقية إذا عادت الأمة إلى دينها، وتمسكت بشريعة ربها، ونصرت ربها -تبارك وتعالى-: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ} [الحج: 40].
عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: ((يا طوبى للشام! يا طوبى للشام! فقالوا: يا رسول الله بم ذلك؟ قال: تلك ملائكة الله باسطو أجنحتها على الشام)).
وجاء عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: ((لا تزال من أمتي عصابة قوّامة على أمر الله - عز وجل - لا يضرها من خالفها، تقاتل أعداءها، كلما ذهب حرب نَشَب حرب قوم آخرون، يزيغ الله - تعالى - قلوب قوم ليرزقهم منه حتى تأتيهم الساعة كأنها قطع الليل المظلم؛ فيفزعون لذلك حتى يلبسوا له أبدان الدروع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: هم أهل الشام.. هم أهل الشام.. هم أهل الشام، ونكت بأصبعه يومئ إلى الشام حتى أوجعها - عليه الصلاة والسلام -)).
فيا أهل الشام!!! صبراً فالنصر قادم!!
وهو قريب -بإذن الله تبارك وتعالى-، فعاقبة الصبر حميدة، {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153].
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
يا أهل الشام: إن في المحنة منحة!
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الناس!
إن ما يحصل في أرض الشام في سوريا هوس سلاح مجنون، يواجه أَكفّْاً عزلاء، إن القلب ليدمى، والعين لتدمع وتبكي لما حل بأرض الشام، بلغ بالطاغية وجنده الظلم إلى حد لا يوصف، تفجير خزانات المياه، منع الدواء والحصار حتى الموت، إبادةٌ جماعية، تلك القذائف التي ترمى وتلك الصواريخ يقذف بها أحبابنا بالشام، بأرض سوريا، غازات سامة.. كل ذلك يريد الطاغية وجنده ومن وراءه أن لا تقوم للإسلام قائمة، وأن لا يقوم المجاهدون في تلك الأرض؛ لأنه يعلم ومن وراءه أن الشام إذا قام أهلها بالجهاد فلا بقاء ليهود، وستتحرر فلسطين، وسيصلي المسلمون وهم آمنون في المسجد الأقصى.
أيها الأحباب في الله!
كما جاء الفرج لغيركم يا أهل الشام.. لقرينتكم اليمن، سيأتي الفرج لكم -بإذن الله تبارك وتعالى-، ونحن نؤمل خيراً في بلادنا، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يؤلف بين قلوب المؤمنين في هذه البلاد، وأن يرد كيد الكائدين إلى نحورهم، وأن يوحد كلمتنا على الحق إنه على كل شيء قدير.
ما يحصل في أرض الشام ليس شراً محضاً؛ فالله ينزه عن الشر المحض، فليس في أفعاله - تبارك وتعالى - إلا الخير، والشر ليس إليه -تبارك وتعالى-، في هذا ما يحصل في أرض الشام من الخير الكثير لا يعرفه إلا من نور الله - تبارك وتعالى - بصيرته بالإيمان، {لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [النور: 11].
يا أهل الشام!
الإيمان بقضاء الله وقدره ركن من أركان الإيمان، وما أصاب العبد لم يكن ليخطئه، {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51]، مهما تكالب الأعداء، ومهما انتفش الطاغية الظالم، ومهما سفك، ومهما قتل، ومهما تخاذل الناس من حولكم، فاعلموا أن الله - تبارك وتعالى - ناصركم، وهو أرحم بكم منا، ومن أنفسكم بأنفسكم، الله يرى ويسمع ويعلم ماذا يحصل بأرض الشام وهو أرحم الراحمين، ولكن لحكمة يعلمها -تبارك وتعالى-؛ {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد: 4-6].
أحبابنا!
اصدقوا اللجوء إلى الله -تبارك وتعالى-، وأخلصوا التوكل على الله، واعلموا أن الله - تعالى - كافيكم، وهو حسبنا وحسبكم؛ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: 36]، يتحقق التوكل في مثل هذه المواقف على الله -تبارك وتعالى-، لما يتخلى القريب والبعيد، لما يتكالب العدو، لما تسمع من الدول جعجعة ولترى طحناً.. دول تتكلم عن المأساة وتمنع جمع تبرعات، الدول العربية والإسلامية تتكلم ولكنها مكتوفة الأيدي لأن سيدها لم يأذن لها، فإذا أذن السيد أطاع العبد، ونسأل الله - تعالى - أن يولي علينا خيارنا، وأن يصرف عنا شرارنا الذين أذلوا هذه الأمة، وما زالت صحائف الذل تتوالى.
قولوا يا أهل الشام:
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173].
حسبنا الله ونعم الوكيل، والله ستنصرون، لما تصدقون اللجوء إلى الله - تعالى -، ويظهر فقركم إلى الله -تبارك وتعالى-؛ فلن يتخلى الله - تبارك وتعالى - عن عباده الصالحين؛ {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 126].
يا أهل الشام!
كم تحقق في هذه المحنة من منح، ما كانوا ليحصلونها، نفضوا الذل عنهم، خرجوا بصدورهم يطلبون الموت، يبكي أحدهم أن يقتل أخوه بجنبه ولا ينال هو الشهادة، سطروا دروساً من البطولات في هذه الأيام، ونرى ونسمع لهذه الصدور العارية ليس معهم من السلاح ما يقاومون به هذه الهمجية، ولكن اصبروا فإن الله- تبارك وتعالى - مع الصابرين.
ألم يوجد الشهداء في أرض الشام؟ لما تخلف الشهداء زمناً في تلك الأرض المباركة، قال الله - عز وجل - ممتناً: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} [آل عمران: 140].
أيها الأحباب في الله!
كم بث أهل الشام في بلاد المسلمين من دروس العز والشموخ والإباء، والله إنها دروس عظيمة لو لم نرها بأعيننا ونسمع ذلك بآذاننا في الوقت والحال ربما ما صدقنا بما يحصل في هذه الأرض المباركة، وجدت بينهم معاني الأخوة والإيثار التي مسحتها المدنية المعاصرة، فحققوا هذه الآية الكريمة: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71]، انكشف العدو من الصديق، اتضح إجرام هذه الطائفة النصيرية التي عانت أرض الشام منها زمناً، وقد كان الكثير ربما يدافع عنهم عندما يقال لهم إن هذه الطائفة النصيرية أكثر من اليهود والنصارى إجراماً وكفراً، فلا إيمان عندهم لا بالله ولا برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
فتوى شيخ الإسلام في النصيرية:
وهذه فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - قد كانت تقرأ على كثير من أهل الشام من أهل سوريا فلا يصدقون، فلما رأوا هذا الإجرام أذعنوا، ولولا هذا الإجرام ما عرفوا ضلال هذه الطائفة، يقول شيخ الإسلام: "هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتر والفرنج وغيرهم، فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع وموالاة أهل البيت، وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولا بكتابه ولا بأمر ولا بنهي ولا بثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار ولا بأحد من المرسلين قبل محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولا بملة من الملل السالفة بل يأخذون كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - المعروف عند علماء المسلمين يتأولونه على أمور يفترونها يدعون أنها علم الباطن".
الشام تفضح الرافضة:
أيها الأحباب في الله!
من المعاني التي حققت في هذه الأيام: بان عوار الرافضة المجوس في إيران، بارجات السلاح ترسل ليقتل أبناء الشام، في حين لم يصل إليهم الطعام ولا الدواء وترسل إيران بارجاتها، ألا يتفطن أهل اليمن أن ما يراد بالشام يراد بها من قبل الرافضة؟ إلى متى يعيش الناس في غفلة؟ ألم يتبين للمسلمين في هذه المحنة ضلال حزب اللات، الذي طنطن قادته بنصر القضية الفلسطينية وأخرس الأسماع والقلوب غافلة؟ كنا نقول: لن ينتصر هذا الحزب لأنه عدو لأولياء الله من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ومن أئمة الإسلام، فخرج الناس يقولون: ما هذا الكلام؟ تتضح الأمور، وهذا والله من الخير، حتى يصير الأمر إلى فسطاطين، فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه.
أيها الأحباب في الله!
العقائد الفاسدة الضالة لا تنشئ إلا أشخاصاً مردة مجرمون، ماذا فعلت منظمة أمل التي انبثق منها هذا الحزب، قتلت الفلسطينيين شر قتلة، والمسلمون يسمعون وكأنه لم يحدث.. كأنه في زمان ماضي في الجاهلية قبل مبعث النبي - عليه الصلاة والسلام -.
أيها الأحباب في الله! كنا نسمع كثيراً عن هذا الحزب ولا يعي الكثير منا حقيقته، ولكن هذه من فضائل الله - سبحانه وتعالى - ومنحه لأهل الشام.
أيها الأحباب في الله!
يا أهل الشام ويا أهل اليمن ويا أهل مصر ويا أهل تونس ويا أهل ليبيا، أحسنوا ظنكم بربكم، ولا تتخلوا عن دينكم خشية عدوكم، إذا أحسنا الظن بربنا - تبارك وتعالى - تمسكنا بدينه - عز وجل -، الذي يظن أن الله - تبارك وتعالى - لن ينصر أهل الشام يراجع حساباته، فإنه قد أساء الظن بربه تبارك وتعالى، المسألة مسألة وقت، {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد: 38]، والله عليم حكيم بحكمته وبعلمه الذي أحاط بكل شيء يؤخر النصر ويعجله لمن يشاء، يبطئ النصر على قوم حتى يكثروا اللجوء إلى الله - سبحانه وتعالى -، وتتمحص الصفوف، ويظهر النفاق، ويظهر العميل، فإذا ظهر ذلك كله أتى نصر الله -تبارك وتعالى-، ألم يقل الله - سبحانه وتعالى - عن قوم من المنافقين: {بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: 154]؟!
أمة الإيمان!
إن من مقتضيات الإيمان بالله، وتصديق رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - الإيمان بأن العاقبة للمتقين، وبالتقوى والتوبة والإنابة والإيمان الحق ستنصرون بإذن الله -تبارك وتعالى-،؛ {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40]، ونحن في أرض اليمن نأمل من ربنا - تبارك وتعالى - أن يوفقنا للخير، وأن يجنبنا السوء وسائر بلاد المسلمين.
البلد أيها الأحباب بحاجة إلى تكاتف الجميع وأن يبني الجميع هذا البلد ما انهدم منه من أخلاق وأفكار وبنية، وأن يتعاون الجميع في الرجوع إلى الله - سبحانه وتعالى -، وإلى دينه -تبارك وتعالى-؛ لنكون جميعاً أدوات بناء لا أدوات هدم ومعاول خراب، وقد يكون الخراب العقائد والأخلاق هو الأعظم ولا شك؛ {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 53].
نسأل الله - تبارك وتعالى - لنا ولجميع المسلمين العاقبة في الدين والدنيا والآخرة، ونسأله العافية لنا وللمؤمنين في كل مكان إنه على كل شيء قدير.
أيها الأحباب في الله!
الأمة تحيا في كل مكان، سمعتم اليوم وبالأمس أن أمريكا تعتذر لأفغانستان، لما قامت فئة حقيرة بحرق المصحف، ضجّت أفغانستان مع آلامها، ومع ما بها من جراح، وقامت قائمتها، اضطر أوباما أن يعتذر. هذا يدل على أن الأمة إذا قامت بدين ربها - تبارك وتعالى - ذل عدوها، وهذا في السابق واللاحق والماضي والمستقبل.. كل ذلك كائن -بإذن الله تبارك وتعالى-، إذا هبت الأمة من أجل دين ربها -تبارك وتعالى-.

المصدر: موقع منبر علماء اليمن

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع