..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

خواطر في زمن المحنة (5) المؤامرة

رابطة العلماء السوريين

١٠ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3186

خواطر في زمن المحنة (5) المؤامرة
340X297.jpg

شـــــارك المادة

عام 1968م، وفي أعقاب حرب الـ67 المجيدة، التي سطرت فيها القومية العربية إحدى أهم بطولاتها، فخسرنا: الجولان، وسينا، والقدس، والضفة الغربية.


في أعقاب هذه الملحمة القومية!، عقدت المنظمة العالمية اليهودية مؤتمراً لها عام 1968م في باريس لتقويم المرحلة الجديدة، ولوضع الخطط الكفيلة بالمحافظة على النصر الذي حققته عصابة بني صهيون.
وكان رئيس المؤتمر يومها رجل اسمه ناحوم غولدمن (Nahum Goldmann)، (1894 1982م). مؤسس المؤتمر اليهودي العالمي عام 1936م، الذي عمل على نهب فلسطين واغتصابها بمباركة الزعيم الايطالي موسيليني. والذي يعتبر المنظر الأول للصهيونية العالمية.
هذا الرجل وقف يومها ليقول للعالم الغربي من خلال المؤتمر اليهودي المنعقد في باريس: إنه إذا أرادوا الحفاظ على المكتسبات وحماية دولة (إسرائيل) فينبغي (تفتيت) الشعوب من حولها.
ثم أعطى تصوراً كيف يمكن أن تفتت الشعوب من حولها، وذلك عن طريق:
- إقامة دويلة مارونية في لبنان.
- ودويلة علوية في سورية.
- ودويلة كردية في شمال العراق.
أنعموا -إخوتي وأخواتي القراء- النظر جيداً في هذا الخبر، ثم حاولوا أن تستذكروا معي (أسطوانة) المؤامرة الخارجية على سوريا التي (صَمَّخَ) النظام المجرم بها آذاننا، ثم أعيدوا الإنعام بالنظر لنسقط تلك المقولة على هذه الأسطوانة، وحينها لن نجد كبير عناء في الربط بينهما.
نعم.. هناك مؤامرة حقيقية على سوريا تهدف إلى (تفتيت) النسيج السوري الاجتماعي، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بإذكاء الحقد المذهبي والطائفي، وهو ما يعمل له النظام صبح مساء، ويحاول أن يسوق له من خلال (سمفونية: القاعدة والإرهاب)، وأن المنتفضين عليه يريدون إقامة إمارات إرهابية لا مكان فيها لغير المسلمين.
أليس هذا ما يروج له إعلام المجرمين؟ فما الذي يعنيه هذا الكلام؟
يعني بكل بساطة أن النظام القابض على سوريا منذ مطلع السبعينات هو صنيعة تلك الخطة التي وضعت في المؤتمر اليهودي في باريس سنة 1968م.
ويعني أيضاً -فيما يعنيه- أن كل من يستغل أو يسوق لمنظومة الأقليات في المنطقة هو بشكل أو بآخر متماهٍ مع تلك الخطة علم ذلك أم لم يعلم.
الحقيقة الساطعة التي لا يستطيع أحد أن ينكرها هي أن المنطقة اليوم تحكمها منظومة أقليات، لذلك نرى أن البعض يحاول دائماً تجييش الشارع غير المسلم لتخويفه من الربيع القادم الذي أطلقوا عليه (الربيع الإسلامي)، وهذا غير صحيح، فهذا الربيع صنعته شعوب المنطقة بكل أطيافها، وإن كان المسلمون السنة بالتحديد يشكلون غالب هؤلاء المنتفضين بحكم الواقع.
لذلك.. لا مبرر من التخويف من الإسلام.
أليست الشيعة ترفع شعار الإسلام؟ أين هم اليوم؟ وفي أي منقلب يقفون؟
فالموضوع ليس موضوع (إسلام). إنه موضوع (انتفاضة على الظلم والظالمين).
أما الذين يقفون على الحياد خوفاً من المؤامرة، فإن كانوا صادقين، فينبغي أن يقفوا بجانب الشعوب المظلومة، لأن المؤامرة التي يتخوفون منها، إنما يعمل على تمريرها هذا النظام الغاشم المجرم الذي ربط نفسه بمنظومة حماية أمن الدولة العبرية.
والذين يتخوفون من تقسيم سوريا يجب أن يقفوا مع المنتفضين الذين يجودون بدمائهم لأجل وحدة التراب السوري، ولأن الذي يعمل له هذا النظام المغتصب لإرادة الشعب السوري هو تقسيم سوريا.
والذي لا يريد أن يرى هذه الحقيقة هو حر في اختياره، إلا أن التاريخ يسجل المواقف على أصحابها. !!
التاريخ سجَّل فيما مضى من الزمان أن الحكام الظالمين المتجبرين العتاة لا يرون في الوجود سوى أنفسهم، ولا يرون في الناس سوى منفذين لرغباتهم. الخير ما يرونه هم، والحق ما يرونه هم، ولا مصلحة نافعة للناس إلا ما يختارونه للعباد.
ألم يقل فرعون لقومه: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيل َالرَّشَادِ}!؟
ألم يتهم فرعون سيدنا موسى - عليه السلام - ومن معه، بأنهم مندسون: {فَأَرْسَل َفِرْعَوْن ُفِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ}!؟
ألم يلعب على وتر المصالح الفئوية الضيقة عندما قال لزبانيته محرِّضاً إياهم على قتل المؤمنين، ومحذراً من انتفاضة سيدنا موسى - عليه السلام - ومن معه: {وَقَال َفِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن ْيُبَدِّل َدِينَكُم ْأَو ْأَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}!؟
ألم يصرح فرعون بوجود مؤامرة خارجية على بلاده وعلى شعبه وحكمه، عندما قال للسحرة الذين اختاروا الحق الذي أتى به سيدنا موسى - عليه السلام -، فآثروا الله والدار الآخرة على متاع فرعون الزائل، فقال لهم فرعون متهماً إياهم بالعمالة الخارجية: {آمَنْتُم ْبِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}. ففعل فيهم ما يفعله اليوم فرعون الشام: {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ}!!
ألم يتهم كفار قريش وملؤها سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - بالعمالة الخارجية، عندما قالوا: {إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ}؟
فماذا قال الله - تعالى - في اتهامهم هذا: قال {فَقَد ْجَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا}.
نعم.. كل ما يساق من اتهامات لأبطال الربيع العربي بالعمالة وبالتطرف وبالخروج على النظام العام و.. و.. و.. واللائحة تطول: كله بهتان وزور من القول.
والحقيقة التي لا لبس فيها ولا غموض أن هؤلاء الظلمة هم المتآمرون، وهم العملاء، وهم الخونة، وهم المجرمون، ولن يكون مصيرهم أقل من مصير فرعون، وإن غداً لناظره لقريب.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع