..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

المفاصلة الأخلاقية في الثورة السورية

موقع المسلم

٥ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3172

المفاصلة الأخلاقية في الثورة السورية
066900.jpeg

شـــــارك المادة

بحسب الأنماط المألوفة في الحروب التي يخوضها طرفان ليس بينهما تكافؤ في موازين القوة العسكرية، تكون الغلظة هي السمة التي تَغْلِبُ على سلوك الطرف الأضعف عُدةً وعدداً، كنوع من التعويض النفسي وبغية ترهيب الطرف الآخر.


لكن الثورة السورية تأبى إلا أن تقدم المزيد والمزيد من سجاياها وعناصر تفردها المدهش، فالجيش السوري الحر بأعداده الضئيلة -نحو40ألف عسكري في مواجهة نصف مليون!!- وبعتاده المتواضع -بنادق فردية- قهر عصابات النظام وشل عضلاتها المتجبرة، واضطرها إلى الاستغناء عن الدبابات الثقيلة واللجوء بكل خسة ودناءة إلى الرمي المدفعي والصاروخي البعيد على التجمعات السكانية التي فشلت عصابات الأسد في اقتحامها كما جرى في حي بابا عمرو الحمصي البطل إلا بتدمير منهجي حقير استمر 27يوماً!! وهي هزيمة بالمعنى الإستراتيجي والأخلاقي للنظام وللعالم المجرم الذي ظل يتفرج على المجازر، ويشجبها بالكلام الفضفاض، بل إن القوى الكبرى المنحازة بالفعل لجانب القاتل ما دام اليهود يؤيدونه، رفضت بصفاقة في ذروة محنة بابا عمرو حتى تسلح الجيش الحر المُدَافع عن الشعب الأعزل، وادعت هيلاري كلنتون أن ذلك السلاح سوف يصل إلى القاعدة التي ليس لها وجود إلا في أبواق النظام، وإلى حماس التي كانت حتى أيام قليلة مضت تحت ضغط طهران وعصابات الأسد، ولم تتخذ موقفاً حازماً ضد وحشيته!!
الغرب المنافق ترك مأساة أهل بابا عمرو الملحمية وانشغل ببضعة صحفيين تسللوا إلى الحي لرصد جرائم النظام، وهم شرفاء وشجعان ويستحقون التقدير، انشغل الغرب وشغل البشرية بهم ليس لجرأتهم الجديرة بالاحترام ولكن لمجرد كونهم غربيين، فالرأي العام هناك يحاسب الساسة إذا تجاهلوا مصير مواطن من أبنائهم. وتسلل اللوم الغربي الضمني لهؤلاء الإعلاميين الشرفاء لأنهم غامروا بحياتهم للحصول على شهادة ميدانية تفحم الغرب قبل النظام، الغرب الذي بات يروج لأباطيل الأسد عن تنظيم القاعدة والعصابات المسلحة المختلقة!!
الغرب المنافق تأكد من أن عصابات الأسد تعمدت قصف المبنى الذي يقيم فيه الصحفيون الأحرار فقتلت بعضهم وأصابت آخرين، ثم امتنعت عن إخراج الذين نجوا من قتلها!! ولم يفعل ساسة الغرب شيئاً ذا بال ضد مجرم بهذا المستوى غير المسبوق من الدموية البشعة.
بل إن عصابات النظام حاولت قتل الصحفيين الناجين لئلا يشهدوا بما رأوه من فظاعاته هناك، وهو الأمر الذي تحقق عندما صول الصحافيون إلى باريس ولندن ومدريد إذ تحدثوا عن أهوال رهيبة وشتموا المجتمع الدولي الذي يصر على موقع المتفرج على محرقة مفزعة!!
وجاءت الصفعة الكبرى للغرب المنافق من أهل بابا عمرو الذين تعرضوا لقصف رهيب على مدى أربعة أسابيع لا تحتمله الجيوش المدججة بالسلاح، هؤلاء الأبطال عضوا على جراحهم وتناسوا آلامهم ليطالبوا مجتمع النفاق الغربي بإخراج الصحفيين الغربيين الجرحى بعد مصرع بعضهم بالقصف الوحشي الأسدي!!
ولما أوشكت ذخائر الجيش السوري الحر أن تنفد، قام بالتنسيق مع النشطاء الشجعان في بابا عمرو بعمل نبيل فذ، إذ أخرج الصحفيين الشرفاء من الحصار الخانق وأوصلهم إلى لبنان في ظروف مضادة ومخيفة، وتكلف هذا الجيش الأبيّ ثلاثة عشر قتيلاً -نحسبهم شهداء عند الله والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحداً-!! ولم يكن ذلك واجباً على الجيش الحر بأي مقياس، فسلامة مقاتليه أهم من سائر الاعتبارات الأخرى، وكان بوسعه ترك هؤلاء لمصيرهم فهم ليسوا أهم من سكان بابا عمرو. لكنها أخلاق الإسلام وشهامة أبنائه أَمْلَتْ على أولئك البواسل التضحية بأنفسهم لإنقاذ أصحاب أقلام نزيهة أرادوا الوقوف على الحقيقة بالرغم من انحدار مواقف بلدانهم!! وكانت صفعة إضافية للغرب المنافق الذي لا يرى إلا بعيون الصهاينة وأهوائهم ومصالحهم.
وجاءت صفعة أخرى للغرب المنافق من عصابات بشار هذه المرة، فما زال يرفض السماح بدخول قافلة إغاثة إنسانية بعد ثلاثة أيام من سيطرة عصاباته على بابا عمرو!! فماذا فعل رؤوس الدجل في عواصم الغرب التي فضحتها الثورة السورية إلى حد التعرية التامة من سائر الشعارات التي لطالما تاجر الغرب بها بالجعجعة الفارغة!!
وكان من محطات المفاصلة الأخلاقية للثورة السورية كذلك أن وحوش النظام الطائفي البغيض أعدموا في اليوم ذاته، ثلاثة عشر شخصاً بلا ذنب اقترفوه وإنما لمجرد انتسابهم إلى آل الأسعد عائلة العقيد رياض الأسعد قائد الجيش السوري الحر!!
إنها عزة الإيمان وعدالة الإسلام تترفع عن دناءة الكفر وجور النفاق ونذالة الزندقة.
والشواهد على تفوقنا القيمي النابع من ديننا العظيم، تأتي كذلك من مقاطع التحقيقات التي يجريها الجيش السوري الحر مع أسراه من عصابات الأسد: جبن ونذالة وانعدام الضمير في مقابل قيم رفيعة وحسن خلق مع من لا يستحقونه لكنها تربية المسلم المؤمن الذي يخشى ربه ويرجو رحمته ويلتزم مبادئ دينه الحق.
وللعاقل أن يقارن هذه الصور المشرفة بمقاطع الكفر والتعذيب والإهانة، التي يبثها رعاع النظام، مفتخرين بخبثهم ونذالتهم ونجاستهم المعنوية والحسية.
ولعل ذروة المقارنة تتلخص في شبيح مجرم في حضيض إجرامه الخسيس عندما كان يستفز السوريين فيدوس على رقاب المواطنين العزل ويقول لهم باستعلاء: بدكن حرية أي: أتريدون حرية؟  ثم بعد وقوعه في أيدي الثوار صاغراً ذليلاً، وكذلك اعتقال كلاب طهران ثم إطلاق سراح بعضهم بينما يكون القتل الوحشي بوساطة التعذيب من نصيب المحتجين السلميين في أقبية التعذيب الهمجية، ومع ذلك لا يزال الغرب الدجال يسعى لإنقاذ النظام المجرم بذرائع وتعليلات شتى.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع