حسان الحموي
تصدير المادة
المشاهدات : 2959
شـــــارك المادة
منذ الصباح الباكر تطل علينا القنوات السورية الرسمية بلقاءات مبهجة عن اليوم التشبيحي الجديد الذي خصص للاستفتاء على دستور جديد ينص على انتخاب رئيس بصلاحيات واسعة، له وحده بعد استبعاد الدور القيادي لحزب البعث الحاكم الذي شاركه هذه الوظيفة منذ خمسين عاماً.
فبعد خمسين سنة من البعث الحاكم بشعاراته (وحدة حرية اشتراكية)، التي طالما تشدق بها حافظ الأسد ومن بعده بشار والتي كان للحزب اليد الطولى في جلوس آل الأسد على كرسي الحكم باسم البعث المقاوم الممانع، ها هو اليوم يرمي به في مزبلة التاريخ، فقط ليرضي عصابات المسلحة تعمل لصالح أجندات خارجية وتتبع مؤامرات كونية تستهدف مقاومته وصموده وممانعته. وكل هذا فقط من أجل البقاء على كرسي الحكم الموروث. ولا ننسى تلك الأجواء الديمقراطية التي تحيط بيوم التشبيح الانتخابي والتعزيزات العسكرية الحكومية الغير مسبوقة على جميع المناطق الثائرة بدءاً من درعا إلى ريف دمشق إلى حمص وحماة وإدلب مروراً بريف حلب والمناطق الشرقية، حيث تبدو مدينتا حمص وحماة "معزولتان" عن العالم الخارجي. فحمص ومنذ الشهر تقريباً تتعرض لقصف منهجي غير مسبوق حتى في الحروب التي شهدتها المنطقة العربية مع الكيان الغاصب، وتمتد الهجمة لتطال حماة وخاصة حلفايا، حيث تم هدم أكثر من 250 منزل على رؤوس ساكنيها، مع استمرار الهجوم على مدينة إدلب وقراها. وبالطبع؛ هذا الدستور مفصل على مقاس الأسد الابن كما فصل الدستور الحالي والمعمول به منذ عام 1970م على مقاس الأسد الأب حينما وصل إلى السلطة في انقلاب عسكري. والمفروض في الحالة الطبيعية أن نحو 14 مليون سوري تجاوزت أعمارهم الـ18 عاماً من الذين يحق لهم التصويت على الدستور الجديد سوف يتجهون إلى صناديق الاقتراع، ولكن مع رفض المعارضة التصويت وحرمان جميع المواطنين السوريين المتواجدين في الخارج سواء المغتربين للعمل، أو الذين خرجوا في ظل ظروف القمع الحالية، فإن عدد الناخبين الذين سوف تتاح لهم فرصة التصويت لا تتجاوز المليون ونصف، في ظل أنباء تتحدث عن مصادرة هويات المواطنين والانتخاب عنهم في محافظتي حماة وإدلب، إضافة إلى إجبار الموظفين والعاملين في الدولة على الانتخاب. والأمر الغريب هو ما تناقلته وكالات الأنباء عن أن وزارة الداخلية اتخذت كل "الإجراءات الكفيلة بحسن سير عملية الاستفتاء، ضماناً لنزاهتها بشكل يكفل حق المواطن في الإدلاء بصوته"، مجبراً بجو من الحرية والشفافية، وكلنا يعلم أجواء الحرية والشفافية التي تنعم بها جميع المناطق اليوم، فلا يوجد قصف للمدنيين ولا هدم للمنازل على رؤوس ساكنيها، ولا يوجد شبيحة وأمن تعيث فساداً بالمواطنين والممتلكات. داعية المواطنين إلى المشاركة الفعالة في هذا الاستفتاء كونه يشكل الطريق الصحيح لترسيخ حكم الأسد الابن لفترتين رئاسيتين قادمتين، ريثما يتم تعديل الدستور لحافظ الثاني. ويأتي هذا الاستفتاء لرسم مستقبل العائلة الأسدية وتحقيق آمالها وطموحاتها في القضاء على آمال مواطنيها في الحرية والديمقراطية. وباعتبار أن ما يهم الطغمة الحاكمة اليوم هو تثبيت صلاحيات الرئيس الواسعة لفترة رئاسية قادمة، بغية انتزاع شرعية زائفة من المجتمع الدولي، تدحض بها حجج المعارضة التي تدعي أن "هذا الدستور قد وضعه مجرمون فاقدون للشرعية لم يطبقوا شيئاً من الدستور السابق، ولم يراعوا قانوناً ولا عرفاً ولا إنسانية". والظاهر أن هذا الاستفتاء لم يقنع موالي الطاغية حتى يقنع مخالفيه، فكما قال وزير الخارجية التركي أحمد داوود اوغلو -صديق الأسد السابق- مخاطباً إياه: "من ناحية تقول أنك ستجري استفتاء ومن الناحية الثانية تهجم بنيران دباباتك على المناطق المدنية؛ هل ما زلت تعتقد أن الناس ستذهب إلى الاستفتاء في اليوم التالي في تلك المدن؟" لذلك؛ فقد قام ثوار درعا منذ الأمس بحرق جميع مراكز الاقتراع التابعة للمحافظة لتوفير عناء هذا العرس الانتخابي الفاشل عن أهالي تلك المناطق. وفي النهاية نقول: هنيئاً للشبيحة دستورهم الجديد، وهنيئاً للبعث والبعثية المدافعين والموالين لذلك الطاغية مكانهم الجديد الذي وضعهم به معلمهم وقائدهم وملهمهم.. وهنيئاً للقيادتين القطرية والقومية على مصيرهم المحتوم. وكلكم يعلم أن طائرة بشار لن تتسع إلا له وعائلته وثروات سوريا المنهوبة، أما أنتم فستبقون تنتظرون وعدكم من الثوار والله والتاريخ...
طارق الحميد
منذر الأسعد
مصطفى يوسف اللداوي
رضوان زيادة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة