..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

هل يصمد الأسد مع جمع كل الليرات السورية؟

محمد كركوتي

٢١ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6897

هل يصمد الأسد مع جمع كل الليرات السورية؟
889798.jpeg

شـــــارك المادة

''بالنسبة إليه، المال هو أداة في لعبة الاحتكار. هو يريده ليس لقيمته الشرائية، بل للمشاركة في استكماله هذه اللعبة''. كين فوليت (مؤلف وكاتب ويلزي).


كيف يمكن حماية الليرة السورية؟ الجواب التلقائي -بل الواقعي- هو زوال بشار الأسد إلى الأبد، وقيام دولة ديمقراطية تعددية، تعتمد -بصورة تلقائية أيضًا- اقتصادًا وطنيًّا، لا أُسريًّا. والحقيقة أن زوال الأسد الذي وضع نفسه مقابل أمة بأكملها، ويقتل السوريين العُزَّل بكل الوسائل الوحشية، سيحمي كل شيء في البلاد، وبالتأكيد أرواح الشعب السوري في مقدمتها. لكن لأعوان النظام الوحشي ''رؤية'' في حماية الليرة السورية، التي فقدت 50 في المائة على الأقل من قيمتها في ظل الثورة الشعبية السلمية العارمة التي تجتاح البلاد. وستظل هذه الليرة تترنح إلى أن ينتهي الأسد ومعه أعوانه. فقد ثبت منذ اليوم الأول أن الليرة السورية ليست محسودة كما ادعى عدد من ''جهابذة'' اقتصاد بشار الأسد، وفي مقدمتهم حاكم مصرفه المركزي. ويبدو واضحًا أن قيمة ''الأحجبة'' المانعة لسقوط العملة السورية، تساوي قيمتها الفعلية المتهاوية.
''الرؤية'' الجديدة لبعض أعوان سلطة لا شرعية، تنحصر في طباعة أوراق نقدية جديدة، وسحب الأوراق النقدية المتداولة. وهي في الواقع تدخل في مجمل ''الرؤى'' التخريبية التي تعم البلاد، من تعويم كلي لليرة، إلى تعويم جزئي، ومن حظر استيراد البضائع الكمالية، إلى إلغاء حظرها، ورفع الرسوم عليها، ومن استجداء 500 ليرة من كل مواطن سوري لدعم ''الاقتصاد''، إلى فرضها بالقوة على المواطنين. ولأن الاقتصاد في سورية ليس وطنيًّا، فمثل هذا النوع من الخراب والتخبط يبدو واقعيًّا. لنترك هذا جانبًا. لماذا الدعوة إلى طباعة أوراق نقدية جديدة؟ يعتقد هؤلاء الغائبون عن الواقع أن ذلك سيجبر من يملك الليرة السورية إلى تبديلها، ومن ثَمَّ فإن السلطة سيكون لديها تقدير دقيق لكامل الكتلة النقدية الموجودة من العملة السورية، على اعتبار أنها لا تعرف ما هو موجود منها بالفعل! بل مضوا أبعد من ذلك، عندما أكدوا أن هذا الإجراء سيساعد على التخلص من الأوراق النقدية المزورة. ولأن الأحلام هي التي تدير اقتصاد سورية -الوطني سابقًا-، فيؤكد هؤلاء أن قيمة الدولار الأمريكي الواحد، ستنخفض إلى 30 ليرة، من 80 ليرة هي القيمة المتداولة للدولار حاليًا!!
وسواء قَبِلَ بشار الأسد بهذه ''الرؤية''، أم لم يقبل، فلا شك في أن ''منظري'' اقتصاد السلطة، ينغمسون في وهم لا حدود له. ربما من فرط إصرار السوريين العزل على الوقوف حتى النهاية في وجه واحد من أكثر الأنظمة وحشية في التاريخ الحديث. وهنا يأتي سؤال متسلل من بين الخراب الاقتصادي في سورية، وهو: هل يصمد بشار الأسد حقًّا، حتى تُستكمل عملية طباعة جديدة كاملة للأوراق النقدية، فيما لو تم اعتماد هذه ''الرؤية''؟ تكفي الإشارة هنا إلى أن المظاهرات السلمية اقتربت كثيرًا نحو قصر الأسد في قلب دمشق، وهذا الأمر حتمي في سياق ثورة لا رجعة عنها. لكن السؤال الذي يفرض نفسه -من دون تسلل-، هل ستشكل الطباعة المطلوبة حبل نجاة لليرة السورية؟ الجواب ببساطة هو: لا كبيرة جدًّا. ففي مثل هذه الحالات، لا تمثل عمليات جمع شبه شاملة للأوراق النقدية، بحجة تبديلها أي سند لها؛ لأن الأسس التي تقوم عليها أي عملة مرتبطة بالاقتصاد الوطني الكلي للبلاد.. لا باقتصاد أسرة واحدة، وبالاستقرار والنزاهة.. لا الخراب والنهب، وبالرؤى.. الواقعية لا الحالمة.
في منتصف سبعينيات القرن الماضي كان الدولار الأمريكي يساوي  2.5 ليرة سورية، ويبلغ الآن أكثر من 80 ليرة، ولم يكن السبب -ولن يكون- تهريب الأوراق النقدية السورية إلى الخارج، أو عدم معرفة السلطة بحجم الكتلة النقدية. هذه النتيجة كانت محصلة لمجموعة من الأسباب، في مقدمتها سرقة المال العام، والاستحواذ على مقدرات البلاد، والسيطرة الكاملة على المصرف المركزي، وطبع الأوراق النقدية دون رصيد أو سند أو غطاء. وإذا أردنا أن ندخل في سياق قناعة حاكم المصرف المركزي بأن الليرة السورية محسودة، لا مانع لو قلنا: إن من بين أسباب تدمير هذه الليرة، ربما النحس الذي جلبته -ولا تزال- صورة الأسد الأب على ورقة الألف ليرة طوال أكثر من عقدين. لكن الأمر ليس كذلك بالتأكيد.
إن قيمة الأوراق النقدية لا تُحسب بجمال وأناقة تصميمها، ولا بتاريخ طباعتها، بل بقوة ونزاهة الجهة التي تصدر عنها. ففي بلد يذهب فيها الرئيس -وشقيقه على الأقل- إلى البنك المركزي، لحمل ما يرغب من موجوداته إلى الخارج، لا يبقى للعملة الوطنية قيمة تذكر، حتى لو كان مصممها ليوناردو دافنتشي نفسه، وحتى لو خرجت للتو من المطابع ''طازجة''. وفي بلد تطبع فيه العملة كما تطبع بطاقات الدعوة إلى الأعراس، لا توجد جهة تقبل التعاطي معها. وفي بلد يسيطر فيه ابن خال الأسد على 60 في المائة من اقتصاد البلاد، لا يمكن ضمان العملة الصادرة منه. وإذا ما استمر بشار الأسد في السلطة ''فستناضل'' الليرة السورية كي تتساوى مع قيمة الورق الجديد –والقديم- الذي طُبعت عليه.
 

المصدر: الاقتصادية الإلكترونية.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع