..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

نستعين بهم ونتوكل على الله

مجاهد مأمون ديرانية

٦ فبراير ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4159

نستعين بهم ونتوكل على الله
111.jpg

شـــــارك المادة

الثورة السورية: عِبَر وفِكَر (24): نستعين بهم ونتوكل على الله

ظن بعض من قرأ مقالة الأمس أنني أدعو إلى ترك الأسباب جملةً والاتكال على الله بالدعاء وحده، أو أنني أنهى عن الاستعانة بالقوى الدولية، ولا سيما الولايات المتحدة. وكلا الظنّين وهمٌ وخطأ لا يجوز لا مصلحةً ولا عقلاً ولا شرعاً، لأن من بديهيات المصلحة والمنطق ومن قواعد الشريعة أن يستعين المرء بالأسباب المادية، فيراجع الطبيب ويتناول الدواء إذا أراد البرء من مرضه ويسأل المعلم ويدرس المقرّر إذا أراد النجاح في الامتحان، إلى آخر تلك الأمثلة التي لا نهاية لها في الحياة، وبغير ذلك يصبح التوكل المطلوب تواكلاً مذموماً يُلام صاحبُه ويؤاخَذ على التقصير.

 

أهلنا في سوريا عرفوا الطريق من يوم نادوا "ما لنا غيرك يا الله"؛ لم يهمسوا بها وهم قاعدون في البيوت بل هتفوا بها وهم يتظاهرون في الشوارع ويعتصمون في الميادين، فاتكلوا على الله الاتكال الحقيقي ولم يتواكلوا تواكل الكسالى العاجزين. توكلوا على الله وهم يسعون لإسقاط النظام ويبذلون في سبيل تلك الغاية أقصى الجهد الذي يطيقه الناس، فما أوهن عزائمَهم تساقطُ الشهداء بالآلاف ولا أضعف ثورتَهم غيابُ المعتقلين والمختطَفين بعشرات الآلاف، فإن لم يكن هذا هو التوكل الحق فماذا يكون؟ بارك فيهم الله.
المؤمنون المتوكلون يدركون أن لله جنوداً منها ما يعرفونه ومنها ما لا يعرفون، فإذا حجب الله عنّا جنوداً من جنوده فليس معنى هذا أنه تخلى عنا، بل ربما يهيئ لنا جنوداً خيراً مما حجب. لذلك نقول بالصوت العالي: إنّ طلب الدعم من دول العالم وقواه المختلفة لا يتعارض مع التوكل الحقيقي على الله، طالما استقرّ في قلوب المؤمنين اليقينُ بأن الله يختار الخيرَ وهو يأتي بالنصر، وأن الأسباب بيده -عزّ وتبارك- يقدم منها ويؤخر ويترك ويختار، وأنه لا يُغلق في وجهنا باباً من أبواب الفرج إلا فتح لنا باباً هو خيرٌ منه وأرجى للفرج.
إن علينا أن نسعى وأن نبذل في السعي غاية الجهد وأقصى الطاقة، ومن السعي أن ندفع المجتمع الدولي إلى مساعدتنا وأن نستنهضه للوقوف في وجه النظام وكف أذاه عنّا، يستوي في ذلك سعينا مع دول الغرب (أميركا وأوروبا)، ومع دول الشرق (روسيا والصين)، فنخاطب كل فريق بلغته التي يفهمها ونعرض على كل طرف العرض الذي يغريه أو نقدم له الثمنَ الذي يكفيه، فإننا نعلم أنه لا شيء في هذه الدنيا بلا ثمن، على أن لا ندفع الثمن من ديننا أو من استقلالنا أو من حرية أولادنا وأحفادنا.
وكل ذلك لا يَشغلنا عن واحدة من الحقائق الكبرى التي اجتهدتُ في توضيحها في مقالتي الماضية، والتي قد نخسر كثيراً إذا غفلنا عنها -لا قدّر الله-: حقيقة أن أميركا ليست من أصدقائنا لندعوها ونرجوها دعاء ورجاء الصديق، بل هي عدو لنا، بل من أشر أعدائنا علينا، ولو كشفنا السترَ لرأيناها من أسباب بقاء نظام الاحتلال الأسدي كل هاتيك السنين العجاف، فإنها أمَدّته بالدعم والرعاية من وراء ستار. بعد حرب بوش الأب على العراق -التي شاركت فيها قوات سورية- استضاف المذيعُ الأميركي المشهور لاي كنغ وزيرَ الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر وسأله: "ما أسوأ ما مَرّ بكم في تلك الحرب"؟ فقال كيسنجر: "أسوأ شيء أن الحرب أجبرتنا على كشف عميل قديم لنا في المنطقة، هو حافظ الأسد".
إذا عرفنا هذه الحقيقة وأخذنا حِذْرنا فلم نندفع اندفاعاً أعمى ولم نثق بأميركا ثقة الصديق بالصديق، وإذا لم نقدّم ثمناً لا يجوز تقديمه، فما علينا -إذن- بأسٌ في أن نطلب الدعمَ الأميركي لثورتنا، إنما البأس أن نجازف فنغمض العين عن مؤامرة تدبّرها أميركا لنا من وراء ستار، أو أن نقدم ثمناً من ديننا وكرامتنا وحريتنا واستقلالنا.
هل تشكّون قليلاً أو كثيراً أن أميركا لو أرادت التدخل لتدخلت، رغم أنف روسيا واعتراض روسيا في مجلس الأمن؟ لقد تدخلوا من قبل في أزمات دولية عارضت روسيا تدخلهم فيها، في صربيا أيام أزمة كوسوفو مثلاً، فلماذا لا يتدخلون الآن والمدن السورية تُقصَف بالمدافع وراجمات الصواريخ؟ دعكم من التدخل العسكري المباشر، ألا يعلمون أن في سوريا أحراراً يُعَدّون بالملايين يمكنهم مقاتلة النظام لو ملكوا السلاح، فما لهم لا يمدّونهم بالسلاح؟ أليس الجيش السوري الحر جيشاً شرعياً نظامياً وُلد من رحم جيش نظامي شرعي –برأيهم-، فلماذا لا يوفرون له منطقة آمنة -على أي طرفَي الحدود شاؤوا-؟ ولماذا لا يزوّدونه بالسلاح الخفيف والثقيل؟
السفن المرسَلة إلى القَتَلة محمّلةً بالسلاح تمخر البحر أمام أعينهم، فلماذا لا يعيقون وصولها إلى موانئ النظام؟ إنهم يقلقون ويستنكرون، فماذا يفيدنا منهم القلق والاستنكار؟ "الولايات المتحدة عبّرت لروسيا عن القلق بشأن سفينة روسية وصلت إلى سوريا محملة بشحنة من الأسلحة، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية: عبّرنا عن القلق بشأن ذلك وسنواصل طلب توضيحات لما حدث". لا والله ما هذا صنيع الجادّين في مواجهة النظام، إنما هو صنيع المتآمرين مع النظام.
أمَا إنهم لو أرادوا أن ينقذوا الشعب السوري من المذابح الأسدية لفعلوا، ولكنهم لا يأبهون ولا يكترثون، ومع ذلك فإن علينا أن نستمر في استجلاب دعمهم أخذاً بالأسباب، دون أن نَفنى في غرامهم أو نَسفح كرامتنا على أقدامهم، وبشرط أن نوقن أن الله هو الناصر على التحقيق، وأن تلك القوى والدول أدوات وأسباب يسخّرها الله بأمره وفضله، وربما سخّر لنا غيرها مما هو خير منها، لأن لكل شيء سبباً والله إذا أراد أمراً هيّأ أسبابه.
الخلاصة: إن الاستعانة بالقوى الدولية -بما فيها الولايات المتحدة والدول الأوربية- لا تتعارض مع التوكل على الله، بل إنها من الأسباب المطلوبة شرعاً، أما الاستعانة بجامعة العرب وبقادة دول العرب فأحسبُ أنها لا تجوز شرعاً، لأن مما هو مقرّر في أصول الاعتقاد أن دعاء الأموات والاستغاثة بهم باب من أبواب الشرك بالله.

المصدر: الزلزال السوري

تعليقات الزوار

..

علي الاحمد - كندا

١٦ أكتوبر ٢٠١٢ م

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وما النصر الا من عند الله .  حصرا من عند الله
ان تنصروا الله ينصركم.  وشرط النصر ان تنصر دين الله لينصرك الله اما ان كنا نطلب النصر والمساعدات من امريكا حاملة الصليب وراس الكفر العالمي وهي التي لاتتوانى لحظة في قتل الاسلام واهله ودعم اليهود وامتصاص ثروات المسلمين وحتى دعم النظام النصيري فهذا حتما انتحارا باستجلاب غضب الله وسخطه 
فهل ثورة اهلنا في الشام المباركة تستحق منا هذا التلبيس والخذلان حتى تقول  ( إن الاستعانة بالقوى الدولية -بما فيها الولايات المتحدة والدول الأوربية- لا تتعارض مع التوكل على الله، بل إنها من الأسباب المطلوبة شرعاً).، علاوة عن انه مخالفة صريحة لدين الله 
يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين 
بل اننا سنستعين بالله وحده على الكفر كله ولو كان مصيرنا كاصحاب الاخدود  وذلك الفوز الكبير

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع