..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

قوّاتٌ عربية أم قوّات سورية؟ جيشكم خيرٌ لكم لو كنتم تَصْبرون

مجاهد مأمون ديرانية

١٧ يناير ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3344

قوّاتٌ عربية أم قوّات سورية؟ جيشكم خيرٌ لكم لو كنتم تَصْبرون
111.jpg

شـــــارك المادة

الثورة السورية: عِبَر وفِكَر (22): قوّاتٌ عربية أم قوّات سورية؟ جيشكم خيرٌ لكم لو كنتم تَصْبرون

ناقشتُ أمس فكرة التدخل العسكري العربي، ولأنها فكرة محفوفة بالمخاطر فقد اقترحت أن تحدّد قياداتُ الثورة شروطاً صارمة قبل الموافقة عليها. ولأن تلك الشروط لا يمكن بيانها إلا بكلام واضح صريح؛ فقد اضطُررت إلى تسمية المسمّيات بأسمائها، بما في ذلك التصريح بأسماء بلدان وأحزاب وطوائف مما أتجنبه في العادة لاعتبارات معروفة، إلا أن بعض المعلقين الذين يعلّقون على كتاباتي في المنتديات يقفون ملياً عند كل كلمة أو جملة تذكر طائفة من الطوائف بأي قدر من التحفظ، فضلاً عن العدائية، حتى لو كانت في معرض التحذير الذي أردته بحديثي عن الجيش العراقي الذي صار خليطاً من العسكريين المحترفين ومجرمي العصابات الطائفية.


أقول لهؤلاء: لا تُتعبوا أنفسكم بتعقب تلك الجمل والكلمات في كتاباتي وتفسيرها بالطائفية، فقد قلت رأيي من قبل وأكرره الآن: خيرٌ لي أن أعيش طائفياً من أن أموت ميتة بشعة على أيدي متعصبين مجانين من طائفة أخرى؛ هذا ما أختاره لنفسي وهو ما أختاره قطعاً لشعبي المصابر المرابط على الشوك والنار، ومَن كان عنده رأي آخر فليجربه على نفسه ولا يجعل أحرارَ الشعب السوري الأبيّ فئرانَ تجارب في مختبرات اللاطائفية المزعومة.
نعم، إن التدخل العسكري الخارجي أمر محفوف بالمخاطر، سواء أكان عربياً أم غيرَ عربي، مسلماً أو غيرَ مسلم. فأما ما كان عربياً مسلماً فيمكن قبوله بشروط، وأما ما كان غير عربي ولا مسلم فلا يقبله سوري إذا كان تدخلاً عسكرياً مباشراً على الأرض، وربما يقبله السوريون إذا اقتصر على ضربات جوّية موجهة ضد أهداف النظام الإستراتيجية التي توفر له شريان الحياة، وليس الضربات العامة التي تصيب منشآت البلاد ومؤسساتها المدنية والعسكرية. هذا أمر لا حاجة لإعادة بحثه لأنه نوقش كثيراً، سواء فيما مضى من هذه الرسائل أو في غيرها من كتبات الفضلاء الذين كانوا أنضجَ مني فكراً وأفضل تعبيراً؛ كالأستاذ/ نبيل شبيب في مقالة مركّزة واضحة عنوانها: "التدخل الأجنبي في سورية، مسار الثورة بين عسكرتها وسلميتها والتدخل الأجنبي". أرجو أن تبحثوا عنها وتقرؤوها، وأرجو –أيضاً- أن تقرؤوا المقالة الجديدة القيّمة لأخي الفاضل الدكتور/ مازن هاشم؛ "قراءة في حال الثورة السورية واستشرافها المستقبل: وتودّون أن غير ذات الشوكة تكون لكم"، وهي تناقش فكرة التدخل الأجنبي مناقشة موسعة، فلن أستطيع أن أكتب أفضل مما جاء فيها.
لا يستوي التدخل الأجنبي وغير الأجنبي، وربما قبل السوريون -وهم يعيشون محنة تزداد فظاعتها يوماً بعد يوم- ربما قبلوا بالنوع الثاني، ولكنهم لا يقبلون الأول. وليس التفريق بينهما عسيراً، فالعربي ليس أجنبياً والمسلم ليس أجنبياً، وغير العربي وغير المسلم أجنبي بلا خلاف. ونضيف ضابطاً آخر مهماً، وهو التمييز بين العدو والصديق، ففي العرب من هو صديق وفيهم من هو عدو، أعني الأنظمة، أما الشعوب فليس فيها إلا الإخْوة وذوو القرابات، وبهذا التقسيم الأخير يخرج مِن قائمة المقبولين العراقُ والباقون من أصدقاء وأولياء النظام الأسدي المجرم، أولئك لا نقبل أن يطأ أحدٌ من عساكرهم أرضَ سوريا ولو قاتلناهم قتال المحتلين.
التدخل العسكري العربي أمرٌ يقرره أهلنا في الداخل، لا يحق لي ولا لغيري من الآمنين في الخارج أن يُصْدروا فيه الفتاوى ويقرروا القرارات، ولكني أعلم أنه ليس الأفضل لهم لو كانوا يصبرون، فإن تحرير سوريا بجيش سوري أفضل من تحريرها بجيش عربي، والسوريون أَولى ببلدهم وبأهليهم من سواهم.
إذا كنتم مستعدين لتحمّل فصل إضافي من المحنة، فصل قد يطول، إذا كنتم قادرين على المزيد من الصبر والمزيد من التضحيات، إذا كنتم كذلك فإن دعم الجيش الحر والاعتماد عليه -بعد الله- في حرب التحرير هو الخيار الأفضل. هذا الخيار يحتاج إلى عمل وصبر حتى يصبح أمراً واقعاً، وهو يحتاج إلى جهد مخلص من خمسة أطراف:
(1) القيادة السياسية -ممثلةً في المجلس الوطني-: عليها أن تهيئ المسرح لعمل حربي حقيقي ضد النظام ينفذه الجيش الحر، وذلك من خلال اتصالات بالقوى الدولية تهدف إلى:
(أ) الاعتراف الرسمي به كجهة مقاتلة شرعية حتى لا تلاحق قادتَه وعناصرَه قوانينُ مكافحة الإرهاب لا الآن ولا في المستقبل.
(ب) وإلى توفير منطقة صالحة لإيواء الجيش وقياداته ومركز عملياته ومعسكرات تدريبه ومستودعات سلاحه، وهي منطقة يجب أن تكون آمنةَ الأرض آمنةَ السماء.
(ج) وأخيراً: توفير كل ما يحتاج إليه الجيش الحر في عملياته الحربية من سلاح خفيف أو متوسط أو ثقيل.
(2) جماعات الجيش الحر وجماعات المسلحين المتطوعين الكثيرة المتفرقة على الأرض السورية: عليها أن تجمع شتاتها وتوحد قيادتها، فإن الحروب لا ينتصر فيها المشتّتون المتفرقون. تستطيع تلك الجماعات أن تحارب في معارك مفردة وأن تتغلب على عدوها بأمر الله، أما الحرب الشاملة ضد النظام فلا يَقدر عليها إلا جيشٌ موحد بقيادة واحدة. ولعلي أعود إلى هذا الموضوع بتفصيل أكثر في مقالة آتية -إن شاء الله-؛ لأنه واحد من أهم المواضيع المتعلقة بحرب التحرير.
(3) الجيش يحتاج إلى رجال، والرجال يأتون من مكانين؛ من المنشقين العسكريين، ومن المتطوعين المدنيين، وخيرُهم من كان حديثَ عهد بالخدمة العسكرية ويحمل معه خبرة قتالية ومعرفة بالسلاح، ولا سيما السلاح الذي يحتاج الجيش الحر إليه في عملياته. إن الثورة مستودع كبير للرجال، وهؤلاء لا يُعيقهم عائق من الشجاعة أو الإقدام فإنهم قد علّموا أهل الأرض معنى الشجاعة والإقدام، إنما يعيقهم استعداد الجيش لاستقبالهم وتوفير التدريب والسلاح، وهم جاهزون حينما تأتي ساعة النفير -إن شاء الله-.
(4) مهما يكن دعم الدول والقوى الخارجية؛ فإن الدعم الحقيقي يجب أن يكون من السوريين أنفسهم أولاً، ومن الأمة المسلمة ثانياً، حتى نصل إلى اكتفاء ذاتي في حدوده الدنيا، ولا تكون معركة التحرير مرهونة بإرادات ورغبات غيرنا ومحلاً للمساومات والتنازلات. إن الحروب مكلفة جداً، كل قطعة سلاح وكل طلقة لها ثمن، وما لم يدرك المسلمون أن الشعب السوري يخوض معركة بالنيابة عن الأمة كلها، وما لم يدرك السوريون المغتربون القادرون والأثرياء أن إخوانهم في الداخل يقاتلون في سبيل حاضرهم ومستقبل أولادهم، ما لم يدركوا ذلك ويتحملوا مسؤوليتهم ويفتحوا أكياسهم ويدعموا الثورة فقد ينقطع بالمجاهدين الطريقُ وتفشل ثورتهم -لا قدّر الله-.
(5) الجيش يحتاج إلى بيئة حاضنة هي الجماعة المدنية التي يتحرك ضمنها ويعيش وسطها ويدافع عنها، وهي تتحمل عبء تغطيته وإيوائه، وقد تدفع أحياناً الثمنَ الباهظ بسبب ذلك فينتقم النظام المجرم منها ويعاقبها جزاء احتضانها للجنود الأحرار. إذن فإن جمهور الثورة -من المدنيين العُزّل- يحمل العبء الأكبر في احتضان الجنود الأحرار، وهو ما يزال يحمل العبء الأكبر الذي حمله منذ اليوم الأول، عبء الثورة السلمية التي صنعت هي وحدها -بصبر جمهورها وتوفيق ربها- صنعت كل شيء.
يا أبطال ثورة السورية العظيمة: استمروا في ثورتكم السلمية واصبروا عليها، واتركوا للجيش الحر -بمحترفيه ومتطوعيه- حمل السلاح ومحاربة قوات النظام المعتدية الظالمة، ولا تستهينوا بما تفعلون، فإنكم أنتم الذين صنعتم الجيش الحر؛ لولا صمودكم وتضحياتكم ما صار الجيش جيشاً ولا تمرد جندي على قيادته، فهذا الجيش ليس إلا مولود خرج من رحم الثورة السلمية، ومعه ستخوض الثورةُ المعركةَ الأخيرة الفاصلة، وتُسقط النظام بالضربة القاضية -إن شاء الله-، بعدما خاضت من قبله -وحدَها وبلا سلاح- المعاركَ العديدة مع النظام وانتصرت فيها بحمد الله.
لا تستغربوا، إني أقرر حقائقَ ولا أتخيل خيالات، وفي المقالة الآتية التفصيل والدليل -بإذن الله-.

المصدر: موقع الزلزال السوري 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع