غسان المفلح
تصدير المادة
المشاهدات : 6794
شـــــارك المادة
يقول الصديق المناضل حازم نهار: "هناك تفكير سطحي ووهم كبير في تناول أمور تحتاج إلى نقاش طويل مفصل؛ (منطقة عازلة، حظر جوي، تدخل عسكري….)، وهذا مرده أيضاً إلى بعض الأصوات غير العقلانية في المعارضة التي تحاول كسب الناس بطريقة زرع الأوهام في العقول، وأحياناً عبر الكذب والتضليل وتحميل عجزهم وقصورهم للآخرين. إذ يعتقد البعض واهماً أن العالم ينتظر رأي بعض الشخصيات المعارضة كي يتدخل في الوضع السوري أو لا يتدخل، وفي الحقيقة لا المطالبين بالتدخل قادرين على إقناع العالم بالتدخل إن كان العالم لا يريد التدخل أصلاً، ولا الرافضين للتدخل قادرين على إقناع العالم بعدم التدخل إن كان الأخير قد عقد العزم على التدخل انطلاقاً من رؤيته وإستراتيجيته ومصالحه، وخير دليل على ذلك يكفي جمع تصريحات المسؤولين الأتراك وتعليقات السادة المعارضين عليها من أول الثورة وحتى الآن لنكتشف حجم الوهم والتصريحات المتضاربة، الصاعدة والنازلة.
والحقيقي أن مسألة "التدخل الخارجي" لم تصبح حتى اللحظة أمراً محتمل الحدوث حتى نختلف إزاءها ونصنف بعضنا استناداً لها، وهو الأمر الذي أراده النظام، أي محاولة تفريق المعارضة وتشتيتها استناداً إلى أمور وهمية وغير واقعية حتى اللحظة. كما أنني سمعت تصريحاً مشابهاً للباحث الفلسطيني الدكتور/ عزمي بشارة في حديث الثورة على قناة "الجزيرة" قبل أيام، وأيضاً دفاعاً شبيهاً عن الفكرة نفسها لرئيس المجلس الوطني السوري الدكتور/ برهان غليون، ويلتقي هذا الموقف مع موقف هيئة التنسيق بزعامة حسن عبد العظيم في الداخل، وهيثم مناع في الخارج، وبناء على هذا المعطى قابل وفد مشترك من الهيئة والمجلس الوطني السوري الأمين العام للجامعة العربية قبل عشرة أيام تقريباً، وقدم الوفد رؤية مشتركة، تتفق في كل شيء، فأصبحنا أمام معارضة موحدة على مطلب رفض التدخل الخارجي ولكل أسبابه، ودوافعه، وحلفاؤه في هذا المضمار المتعدد الرؤى والمصالح والبحث, أنا أتفهم رؤية الصديق (حازم نهار) كمعارض مستقل وباحث يريد توصيف الواقع كما هو, وإن اختلفت مع رؤيته لهذه القضية.
الدكتور/ برهان غليون منذ انتهاء أعمال مؤتمر المجلس الوطني في تونس منذ أكثر من أسبوع، وهو يحاول الالتفاف على البيان الختامي للمجلس يطالب المجلس الوطني السوري ومؤسساته, الجامعة العربية والأمم المتحدة والمجتمع الدولي بضرورة حماية المدنيين والثوار في سورية، وذلك في مناطق آمنة وأخرى عازلة والتحرك السريع من أجل ذلك" النص واضح، ورغم نقاشاتنا البينية المطولة، بضرورة التزام رئيس المجلس الوطني السوري بالبيان الختامي للمجلس، وأنا فضلت الحوار مع الدكتور/ برهان في هذه النقطة أمام شعبنا لأنه هو المعني، وهو من يقتل يومياً، وهو من يقتل خيرة شبابه وتدمر بيوتهم وأحياؤهم وتنهب أموالهم. بكل وضوح أقول: أن الجامعة العربية بفضل هذه الكوكبة من المعارضين استطاعت أن تضع المعارضة السورية في زاوية مهملة في جيبها الصغير الذي ركنته بالقاهرة على رف مكتبة السيد أحمد بن حلي مستشار الأمين العام، ومتابع ملف المعارضة السورية. ما تقوم به الجامعة العربية المعارضة السورية قد وافقت عليه من قبل, ولم تصر هذه المعارضة على أن يكون لها دور في تعيين لجنة المراقبين, ولم يكن لها دور في هذا البروتوكول الدموي. هذه الحقائق واضحة الآن ولم أكتب عنها في السابق؛ لأن هناك أموراً كانت خافية ولم تتضح صورتها. ما يريح ضمير العالم الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية, أن لقاءاتها كلها بالمعارضة السورية لم تجد طرفاً واحداً في هذه المعارضة يطالبها بتدخل فوري وفق البند السابع لحماية المدنيين. مع أنني لا أزال أتعامل مع الأمر كونه وجهة نظر لها الحضور الأوسع في هذه المعارضة, مما يستوجب القول: معارضة لم تساهم في انطلاق الثورة, وتفاجأت بها كما تفاجأ بها النظام والعالم، فإنها لا تجد نفسها معنية بتغيير قاماتها الأيديولوجية كرمى لثورة هي لم تساهم بها. لن نمارس في هذا الحقل أي تواطؤ من أي نوع كان، هذه المعارضة بقاماتها الأيديولوجية لا تصلح أن تكون رأساً لهذه الثورة العظيمة, وإصراري على الحفاظ على المجلس الوطني السوري, لأنه كإطار دفع شعبنا ثمنه دماً, ونحن نناضل من أجل أن يأخذ هذا المجلس دوره الطبيعي الذي أمل فيه شعبنا, الدكتور/ برهان أصبحت لديه لازمة تصل حد الرهاب في كل مناسبة يصرح أنه ضد التدخل العسكري! لأنه لا يريد تدمير دولته, وكأن الدول هي آلات ووزارات وليست بشراً نريد حمايتهم أولاً، إضافة إلى عدم الاتساق في التصريحات الإعلامية، رغم وضوح البيان الختامي لأعمال المؤتمر في تونس. ودعونا نعترف باختصار شديد، أن ما يجري الآن هو نصرة الجامعة العربية لوجهة نظر هيئة التنسيق في المعارضة السورية، رغم قصور تمثيلها الشعبي، ولكنها نجحت أيضاً بفضل كوكبة المكتب التنفيذي الموجودة على رأس المجلس الوطني السوري، والتي فشلت فشلاً ذريعاً في ترجمة ما يريده شعبنا، سواء على صعيد القيادة السياسية أو على صعيد السياسة الإعلامية، أو على صعيد المؤسسة التنظيمية للمجلس، وعليها أن تواجه نفسها وتقوم فوراً بالبدء بتغيير المسار نحو تجاوز أسباب الفشل. الدماء السورية لم تعد تستطع الانتظار، العصابة الأسدية فرحة جداً بمعارضة تحميها من التدخل الدولي. أو من التلويح به أو التعامل معه كمطلب من أجل النضال حوله، وهي مطلبها الأساس من أي معارض حتى لا تسجنه هو أن يرفض التدخل الخارجي! إنها معادلة بسيطة وبسيطة جداً وواضحة. أعود إلى الصديق (حازم نهار)، لا يوجد في السياسة يا صديقي أن طرح أي مطلب مرتبط بجاهزية الطرف الآخر على تبنيه، وإلا لماذا يطالب العالم إسرائيل بتطبيق مبادرة السلام العربية؟ ولماذا نطالب نحن الغرب دوماً بموقف عادل تجاه القضية الفلسطينية مثلاً؟ ولماذا نطالب أيضاً الجامعة العربية بمطالب لا قدرة لها عليها؟ السياسة تبنى على وضوح إستراتيجي ومطالب واضحة، ومن ثم يتم العمل اليومي والممارسة اليومية للسياسة من أجل تحقيق هذه الإستراتيجية، لا أظن انك تختلف معي في هذه النقطة! المعارضة العراقية بقيت تطالب بتدخل دولي لإسقاط النظام العراقي، ومن ضمنهم المالكي وجلال الطالباني وغيرهم بقيت ثلاثة عشر عاماً، وما حمى شعب العراق من مجازر صدام هو قيام مناطق حظر جوي وأرضي.. خلال هذه الأعوام. مع أنه لديك شعب ثائر وثورة قل نظيرها لجهة ما تواجهه من قتل ووحشية لم يشهد العالم مثيلها من قبل، تقول لك: نحن نطالب بتدخل دولي وسافر أيضاً! أما التعامل مع هذا المطلب من قبل بعض المعارضين وبطريقة استعلائية، أنه ناتج عن ردة فعل لا عقلانية وغير محسوبة بحكم هذه الوحشية، وعلينا ألا نجعلها تشكل بوصلة سياسية لنا كمعارضة سياسية، فهو أمر يدعو المرء لكي يتوقف عنده ملياً. نعم، دول الغرب تنتظر الإشارة الإسرائيلية أولاً، ومعها الجامعة العربية وتركيا، من أجل تدويل الملف وإحالة هذه العصابة إلى محكمة الجنايات الدولية؛ لأن الجميع يعرف في هذه المعارضة أن من يحمي هذه العصابة بشكل رئيسي إنما هي إسرائيل ولوبياتها في العالم الغربي, أم أنه لديك شك في ذلك؟ بالمناسبة لم أسمع في الإعلام لا من هيئة التنسيق ورموزها، ولا من الدكتور/ برهان غليون، ولا من أكثرية أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الوطني عن دور إسرائيل في حماية هذه العصابة، لماذا؟ لا أعرف.. هل هذا تكتيك سياسي؟ كنت أتوقع من الباحث (عزمي بشارة) أن يبحث في هذا الملف ويعطينا موقفاً واضحاً حول هذا الموضوع نتيجة لمعرفته بالسياسة الإسرائيلية! يا صديقي: طلب حماية المدنيين السوريين وفق تدخل عسكري إنساني كما أسمته مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة (نافي بيلاي) وطالبت به الدول الكبرى والصغرى، لا يرتبط طرحه بجاهزية هذه الدول أو عدم جاهزيتها، بل يرتبط بأنك تطرح الحل الأنسب لحماية المدنيين، وتضع العالم أمام مسؤولياته… وتناضل من أجل هذا الحل, وعدم طرحه هو مطلب الجامعة العربية لكي تبقى أنظمتها مرتاحة الضمير أمام هول هذه الجريمة… واستمرار لضحكة قهر خاصة بيننا في تونس…لا أريد الظهور على قناة الجزيرة!!
المصدر: سوريون نت
حسان الحموي
طارق الحميد
منذر الزملكاني
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة