عبد الله الحريري
تصدير المادة
المشاهدات : 4183
شـــــارك المادة
الشباب عماد الأمم، وسبب نهضتها، ومنبع قوتها، ووقود حروبها، ومبعث فخرها وعزها في الماضي والحاضر. ففي الوقت الحاضر: غيّر الشباب -بفضل من الله وتوفيقه- وجه مصر وجلد تونس وقلب ليبيا، وأماط اللثام عن حكمة اليمن وإيمانها؛ ((الإيمان يمان، والحكمة يمانية)).
- وشباب درعا أوّلُ من هزَّ الصنم فتتابعت الأصنام في كل المدن السورية بالسقوط والتدحرج، والتي لم تسقطها يُمنى الشباب رفعها النظام خوفاً من التلطيش والصفع بالنعال أمام الكمرات، لكنَّ شباب حماة -حفظهم الله- عوّضوا ما أفلت منها بتنصيب (كرّ) جحش صغير مكان الأسد الابن، ورفعوا يديه وشدّوا أذنيه، و(الكر) وسط ذهول، وهو لا يدري لما هذا التتويج وهذا الحشد العظيم، أللمزاد العلني أم للتكريم والتبجيل باعتباره من نسل يعفور الذي ركب في سفينة نوح - عليه السلام -، ولم يدر بخلده أنه في مكان الرئيس المخلوع!! - وشباب حوران قدّموا وما زالوا يقدمون -والله أكرم وأمنّ- أكبر فاتورة مضمخة بدماء الأحرار وخاصة في جمعة فك الحصار، وأول من اعتصم بالجامع العمري، وأول من رفع شعار إسقاط النظام، وأول من انشق من المجندين في عساكر الجيش، وأول من هتف وهلل وكبّر. - وشباب دمشق وريف دمشق من دوما وداريا والمعظمية، وحرستا وبرزة، والميدان، والقابون، ومضايا والزبداني والتل أرهقوا النظام بلعبة القط والفأر ولكن بالدماء، ولسان حالهم يقول: طالعلك يا عدوي طالع... من كل بيت وحارة وشارع. - وشباب حمص يا سلام عليكم يا شباب حمص! صدقاً إنني أغار منكم والذي يخفف من هذه الغيرة ما سطره ويسطره شباب حوران في المنازلة العظيمة لا كلل ولا ملل -ربي يحفظكم من فوق سماواته-، وبالرغم من القتل المستمر كل يوم طالعين وكل يوم عندهم أربعاء، بالليل والنهار، مما اضطر النظام إلى أن يَجثم على صدورهم بالدبابات، فواجهوه بمدافع الكوسا ورشاشات البامية، وقنابل الباذنجان، في كل من تلبيسة والرستن والقصير، وتل كلخ فضلاً عن باب الدريب، وباب سباع، وباب عمروا، فجن جنون النظام، وأخذ على عاتقه الانتقام بالقتل منهم كل يوم، فصبروا وعضوا على الجراح، وقابلوا ثقل الدبابات بخفة دمهم الفواح، فأسّروا لزوجته- كونها حمصية - بقولهم لها: "يا أسماء ضبي جوزك يا أسماء". فلم يسمع مما اضطرهم إلى أن يطيروا له منطاداً مكتوب عليه: (ارحل)، وأعلنوا عن فتح مشاحم ومغاسل وبنشر للدبابات!!! - وشباب حماة -وما أدراك ما شباب حماة- لهم نصيب في الأولى والآخرة، وعلى استعداد للبذل والعطاء في كل حين لا يقترب منهم الشبيحة إلا على خوف ووجل. في جمعة الرحيل حشدوا قرابة نصف مليون، فطار صواب النظام -إن أبقى الحماصنة له صواب-، ورفعوا رايات العز وهتفوا: "سورية بَدّا حرية"، فغير المحافظ، فطزطزوا له بلغة القذافي -صنوه في الإجرام-. وإذا كانت نواعيرها قد طوعت النهر العاصي فهل يعجز شبابها عن إسقاط العاصي ابن العاصي ودمه فيها مهدور، وذنبه فيها غير مغفور؟. - وشباب الساحل -بانياس واللاذقية والبيضا- فقد تحدوا عصابات الهاغانا هاغانا الأسد بأنواعها الشبيحة منها والطائفية، وفضحوا همجيته، وعرّوه من كل معنى للإنسانية بالصوت والصورة، وبإحداثيات الجغرافيا بشجاعة فائقة! لله دركم يا أبناء الحرائر بنات الأحرار. - أما شباب إدلب وجبل الزاوية وجسر الشغور فحقاً هم حماة الثغور اسماً ورسماً وفعلاً -من قبل ومن بعد- مدنيهم وعسكريهم، فكسروا هيبة النظام -إن كان أصلاً له هيبة-، واضطروه بزخم مظاهراتهم أن يقتحم عليهم مدنهم بالدبابات، والنزول على تلالهم بالحوامات، ولكن فتيانهم -المقدم حسين هرموش وإخوانه-، حمو نساءهم وأوصلوهم إلى بر الأمان. - أما ليوث الفرات من شباب الدير والبوكمال والميادين والرقة، وشباب الكرد والعرب في الحسكة وقامشلو وعين العرب وجميع مناطق الجزيرة فقد سقط عندهم النظام، وليس لأسد القرداحة عندهم احترام، وبأيديهم كان ومازال الزمام. - والضباط وصف الضباط الذين هالهم الإجرام والتقتيل والتشريد، أبوا إلا أن ينحازوا إلى صفوف إخوانهم وأهليهم وقومهم، وكلهم شباب!. فالله الله يا شباب سورية أن تؤتى الشام من قبلكم ولكم في ماضي أمتكم شباب شامخ وسلف راسخ، نجحت الدعوة النبوية بفضل الله ثم بإيمان وتفاني ثلة من شباب قريش، ومعظم أنصاره ممن أسلم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - شباب، فأسلم أبو بكر وعمره ثمان وثلاثون سنة وكان النصير والعضيد والرفيق، ولما أسلم عُمر كان عمره قريباً من الثلاثين وبه اعتزَّ الإسلام، وأسلم عثمان وعمره أربع وثلاثون، وكان في الإسلام معطاءً باذلاً، وأسلم عَلي وهو في التاسعة من عمره وحمل الراية في بدر وهو ابن عشرين سنة، وأسلم الزبير وعمره ستة عشر عاماً، وهو أول من سلَّ سيفه في سبيل الله، وأسلم سعد بن أبي وقاص وعمره تسع عشرة سنة، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وأسلم طلحة وهو يناهز الحلم، وأسلم عبد الرحمن بن عوف وهو في الثلاثين من عمره، وأسلم سعيد بن زيد وهو دون العشرين، فهؤلاء هم العشرة المبشرون في الجنة سبقوا إلى الإسلام وهم شباب وتحملوا في سبيل ذلك أنواع الأذى. شبابٌ قرشيٌ غضٌ طري، نقية قلوبهم، كريمة نفوسهم، غضيضة عن الحرام أبصارهم، عفيفة عن السحت أيديهم، ثقيلة في الإثم أرجلهم، اصطفاهم الله - تعالى - طلائع لهذه الأمة المباركة، فقام الإسلام بسواعدهم، وأرسى بنيانه على أكتافهم، وانتشر في الأصقاع بلسانهم وسنانهم، فلله - تعالى -دَرُّهم مِنْ شَبَابٍ!. فالله الله يا شباب أن ترضوا بالدنية، أو الحلول الوسطية، أو تخونوا أمة مرضية، أو دماء زكية سفكت على أرض سوريا الأبية!. فالصبر الصبر، والثبات الثبات على مطالبكم المشروعة وحقوقكم المسلوبة، وفي أن يحيا الناس بعزة وحرية وكرامة من غير ما خوف أو وجل، ولا يتم ذلك إلا بالتغيير الشامل والكامل للنظام ومفاصل النظام وإسقاطه بالكلية، لعلَّ الله أن يمن علينا بنصره وعزه وكرمه، إنه هو أرحم الراحمين؛ {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص:5].
أبو طلحة الحولي
مجاهد مأمون ديرانية
مصطفى سيجري
عماد الدين خيتي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة