..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


ابحاث ودراسات

الإرهاب الإيراني"الدم هو نشيد الأرض الدائم"

سيف الدين هاشم

١٣ ٢٠١٦ م

المرفقـــات

pdf

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3569

الإرهاب الإيراني
0.jpg

شـــــارك المادة

ترى الخمينية؛ بأن "الخنجر أسبق وجوداً من أشجار الزيتون"!!  فليس ثمة إلا السيف، السيف، السيف، والدم هو نشيد الأرض الدائم.. وهو القانون  الذي يحرك التاريخ ويصمم أحداثه. فالخنجر لا (الكتاب).. والدم لا (السلام).. والموت لا (حب الحياة).

هذه هي فلسفة الثيوقراطية السوداء التي تحكم نوايا المرشد الأعلى، وهي ذاتها التي تدفع  العالم إلى هاوية الحروب ومحرقة الشعوب.!!

فبدلا من الدعوة إلى السلام العالمي وإزدهار الحياة وإعلاء قيم التسامح بين الشعوب، وصيانة حقوق الإنسان ـ بدلا من هذه المرامي النبيلة والجنوح للسلم؛ اندفعت ولاية الفقيه بكل ما بحوزتها من قوى ناعمة وصلبة لفرض نموذجها السياسي على البلدان العربية والاسلامية، واختارت الإرهاب منهجا وطريقا، وقد عبر (هوس العنف) عن نفسه في العقل السياسي الإيراني؛ بتقديسه الحرب وتبجيل القوة؛ والسقوط في دائرة سحر يوتوبيا الدولة الكونية المتأججة بأناشيد العدم والدم..

يجري ذلك كله عن طريق الجدل الزائف بتحويل التاريخ إلى أسطورة، والواقع إلى مثال، وهو ما تجسده سلسلة الغزوات المسلحة وعمليات التصفية الجسدية والإغتيالات وحرائق الموت في بغداد والشام والبحرين، وفي بلاد الحرمين ـ تحت شعار يتراوح بين أسطورة المظلومية، وخرافة إنقاذ المستضعفين.

فما يحدث أمامنا اليوم من عمليات إرهابية في بلداننا العربية ليس سوى نتيجة من مطلقات ولاية الفقيه (المؤلهة) فوق (البشرية) وفقا لـ(معصومية) مرشدها المتعالية على الواقع الإنساني، لذلك فإنها لا تأبه بمن حولها من الدول ولا تعر أهمية سواء في خروجها على العصر والتاريخ أو مفارقة سياساتها للعقلانية وللتقاليد الإنسانية والقوانين الدولية؛

إذ تتمسك الولاية الإيرانية سواء في بنيتها الفكرية أو في أسلوب حركتها السياسية، بــ(خرافة الوصاية الإلهية) على الآخرين، مما يتحتم على العالم أن يمتثل كليا لسلطتها المقدسة، وأن تخضع لها كل ذرة في كوكب الأرض، وهي أيديولوجيا العقل الثيوقراطي السياسي؛ فالمرشد الأعلى الذي يتلقى إلهاماته من الإمام الغائب، هي في عقل ووجدان الطبقة الثيوقراطية؛ تعد عقيدة راسخة بل هي واحدة من أبسط البديهيات التي يتداولها القادة الإيرانيون وهي بمثابة الخبز اليومي، غير قابلة للمناقشة بأي شكل وعلي أي نحو، لذلك أخفقت طهران في التواصل الإنساني مع العالم المعاصر، وعجزت في إقامة علاقة سوية مع الشعوب والبلدان الأخرى، ولم يعد بوسع هذه السلطة إزاء أوهامها الذاتية وانكفائها علي أضاليلها السياسية، إلا أن تشهر سلاح الإرهاب في كل اتجاه تتسلل إليه أو تصل إليه مليشياتها وأحزابها الموالية ليمتد خط الإرهاب من المنامة مرورا ببغداد وتطاولا على الحاضرة النبوية، اعتقادا منها  بأن اختراقاتها لأمن الدول المجاورة وتمزيق نسيجها الوطني؛ هي المهمة المقدسة التي أوصى بها الخميني؛ وهي رسالة الولاية إلى كل البلدان داعية فيها إلى اعتناق أيديولوجيتها، وتبني مفاهيمها السياسية، وبخلاف ذلك فليس ثمة من سبيل إلا السيف والدم والمضي في إشعال الأرض بالحرائق.

وقد فاق السلوك المتطرف لولاية الفقيه كل تقاليد الغلاة والحركات الإرهابية في التاريخ، سواء في تكفيرها للمجتمعات الإسلامية أو في دمويتها وما ترتكبه قواتها من جرائم إبادة ضد السكان المدنيين، ولعل مشاهد الموت اليومية وما تحدثه من مآسي في العراق والشام واليمن أمثلة قائمة على الإرهاب المتوحش الذي وثقته لجان الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان...

ولاية الفقيه قائدة حملة التكفير في العالم التي جعلت من العقيدة الدينية سلاحا إرهابيا، لتصفية وملاحقة خصومها في داخل وخارج إيران وفي كل البقاع، فالسيد خامنئي كما سلفه الخميني، يعتقد إعتقادا راسخا أن الله اصطفاه من أجل سعادة المسلمين وإقامة الفردوس الأرضي لمستضعفي العالم، والتطبيق العملي لجلب هذه السعادة وإقامة النعيم الدنيوي، هو إجراء عمليات تطهير شاملة لأصحاب الرأي الآخر من كافة المذاهب والأيديولوجيات ويتعين إجتثاث رؤوس هؤلاء الأعداء والإطاحة بأعناق المعارضة.

ويروج المرشد الأعلى بأن هاتفا غيبيا يدفعه ويرشده، وأنه لا يتحرك إلا بمقتضى أوامر الأئمة الإثني عشر، وأنه كما المعصوم ليس بينه وبين الإمام المهدي أي فاصلة؛ وتذكرنا هذه الأخيلة الأسطورية بهلوسات الشاه إسماعيل الصفوي عندما فتح تبريز هتف بالجموع وهو يردد: (أنا مكلف بذلك وأن الله والأئمة المعصومين معي وإني لا أخاف أحدا، فإذا وجدت من الناس كلمة اعتراض شهرت سيفي بعون الله فيهم فلا أبقي أحدا منهم حيا).!! 

إن سمة العنف التي يتميز بها نظام رجال الدين في إيران تفوق في آلياتها الوحشية محارق العهد الصفوي فقد شهد العالم صور المحق الشامل  في الفلوجة وحلب، فقد لجأت المليشيات الإيرانية إلى سياسة الأرض المحروقة فعمدت على تفجير المنازل بساكنيها. واقتادت الشباب والرجال إلى ساحات الإعدام.

أما أوجه الشبه بين التجربتين الصفوية ونظام ولاية الفقيه، فيكاد لا يتماثل إلا في بعض الجزئيات المنهجية وعلى النحو التالي:

1 ـ إعتماد العنف كوسيلة أساسية في تصفية المخالفين وإرهاب الخصوم.

2 ـ إتباع فكرة الموالاة المذهبية والبراءة من أعدائها.

3- النزعة التوسعية: كلا التجربتين لا يعترف بسيادة الدول الأخرى، ولا يقر بوجود حدود دولية؛ فتصبح القوة لدى الطرفين هي النهج الشرعي الذي يبيح لهما احتلال البلدان والضم القسري لأراضي دول الجوار.

4- الاعتقاد بالغيبيات والعمل على ترويجها، الغاية منه هيمنة رجال الدين على مقاليد الدولة عن طريق إبتداع (قصص وروايات) نحو اللقاء بالإمام المنتظر وتلقي أوامره، والغاية التي ينشدها النظام من بث هذه البدع الأسطورية، (تنويم) الجماهير عن الواقع، وتأكيد المنزلة المقدسة للحاكم، بوصفه ممثل السماء على الأرض.

5- فرض اللغة الفارسية بوصفها وسيلة وحيدة للتخاطب وفرضها بالقوة القسرية على القوميات والجماعات الإثنية واعتبارها اللغة البديلة للغات الأخرى في عموم إيران.

6- عندما حاول الشاه إسماعيل الصفوي نشر الدعوة لأول مرة في تبريز عاصمة إقليم أذربيجان، دعى وجهاء أهلها إلى الاجتماع في إحدى ساحاتها العامة وطلب منهم سب الخلفاء الراشدين الثلاثة، وعندما رفضوا ذلك، تشير بعض الروايات إلى أنه قتل منهم ما يقارب 4 آلاف مواطن، وهذا السلوك الدموي نجد وقائع متكررة  لدى قادة الثورة الإيرانية بإقدام النظام على تقتيل خصومه، وكان أول رصيد دموي له، يتمثل في سلسلة  المجازر البشعة التي ارتكبت بحق الشعب العربي الأهوازي في أوائل 1980 والمشانق قائمة حتى اليوم، تطيح برؤوس العرب المطالبين بالحربة، وهو نهج تجاوز فيه المرشد الأعلى كل قيم الإنسانية؛ حيث نلمس حقيقة هذا العنف في تصريحات آية الله صادق خلخالي الذي خاطب الشعب العربي الأهوازي المطالب بحقوقه القومية إبان انتصار الثورة 1979، قائلا (سنملأ شط العرب بالدماء ولن نسمح بذلك أبدا)... كما ذكر في مذكراته التي نشرتها جريدة همشهري في عددها العاشر لعام2001 قائلا (لقد قتلت الكثير من الشعب الكردي والعربي وبقايا النظام الملكي ولكنني لست نادما ولا يعذبني ضميري)

اما الجنرال مدني والذي قال الخميني بحقه (إنه نور عينيه)!! فقد أعلن بكل وقاحة: (إن العرب يثيرون الشغب وسأشرب من دمائهم إذا استمروا في الضغط من أجل تحقيق مطالبهم)!! وما حدث للثورة الشعبية الخضراء في صبف 2009 من تصفيات جسدية وتعذيب حتى الموت في السجون يعد برهانا على دموية ولاية الفقيه، وكذلك المجازر التي ارتكبت بحق الشعب التركماني والأكراد وسائر القوميات الأخرى.

7- إذا كان الخميني قد اتخذ أول قرار سياسي له عام 1980 وهو تصدير الثورة إلى بغداد فإن القرار ذاته كان قد أقدم عليه من قبل الشاه إسماعيل الصفوي، وهو احتلال العراق حيث تسنى له تحقيق ذلك واتخذ الشاه الصفوي كما يقول الدكتور على الوردي في كتابه (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث) سب الخلفاء الثلاثة وسيلة لامتحان العراقيين في موالاتهم للمذهب الصفوي، وهو ما نجد أصداءه في نظام ولاية الفقيه، وفي نصوص الخميني: ومن بينها؛ (كشف الأسرار، الحكومة الإسلامية، الوصية الأخيرة) الذي انتهج تصدير الثورة إلى البلدان العربية وفي مقدمتها العراق رافعا شعارا دمويا ((كل يوم عاشورا وكل أرض كربلاء و"طريق القدس يمر عبر كربلاء)) وهو الطريق ذاته الذي يمر بـ((المنامة وببلاد الحرمين))، وأصبح هذا الشعار في عهد خامنئي نشيدا يوميا يردده الحرس الثوري في غزواته الوحشية. 

استحدثت ولاية الفقيه ما يتجاوز هذه المرتكزات وزادت عليها:

1ـ أصبح السيف وصلاة الدم وإنزال الموت بالمخالفين؛ هي القواعد الراسخة في كتاب الثورة المفتوح على امتداد الزمان والمكان، فقد جاء عصر الفقيه المسلح، الذي استبدل القرآن بالحكومة، وحول مفهوم الثورة إلى واقع إرهابي، عن طريق اغتيال وتغييب الخصوم في الداخل، و"تصدير الثورة" إلى الخارج، وتحت وطأة التأويلات المضللة أصبح الدين لاهوتا سياسيا وسلاحاً إيديولوجياً لشق الطريق أمام حركة الغلو، ومنظماتها الرجعية السوداء، قصد تنظيم صفوفها وترتيب قواها الفاشية.

2- الأنشطة الاستخبارية بوسائلها وضروبها (زرع الخلايا، اختراق مؤسسات الدول، التجنيد، إعداد وتدريب المليشيات المسلحة، الاستعانة بالمرتزقة، القنابل البشرية، بناء قواعد تصدير الثورة: الأحزاب الدينية مثالا، الخ).

3- الأهم من ذلك كله اتباع سياسة الأرض المحروقة، السعي لتغيير الخرائط الديمغرافية في العراق وسوريا).

 

 

 

مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية                                             

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع