..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

الأسباب الأربعة وراء انسحاب روسيا من سورية

ألكسندر تيتوف

١٩ مارس ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5761

الأسباب الأربعة وراء انسحاب روسيا من سورية
بوتين 00.jpg

شـــــارك المادة

بالعودة إلى 30 أيلول 2015، عندما أعلن فلاديمير بوتين بشكل غير متوقع نشر القوات الجوية الروسية في سورية، كان الإجماع على أن هذا سيثبت أنه خطأ مكلف. حيث جادل النقاد بأن الضربات الجوية وحدها لن تحدث أي فارق ملموس على وقائع الأرض.

تم الاستشهاد في كثير من الأحيان بالحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة والتي تبدو بلا نهاية ضد "الدولة الإسلامية" كدليل على هذه الحقيقة – وأكد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، هذا الاعتقاد في مقابلة أجريت معه مؤخراً في أتلانتيك، عندما قال أن روسيا قد "أفرطت ..... وهم ينزفون. وقد ازدحم اقتصادهم لمدة ثلاث سنوات على التوالي، بشكل جذري".

مما لا شك فيه أن تجارب أميركا المؤلمة في العراق وأفغانستان كانت محفورة بشكل كبير في عقل أوباما عندما قدم هذا التقييم.

ومع ذلك، وكما لو كان يثبت خطأ منتقديه، أعلن بوتين فجأة في 14 آذار قراره بسحب القوة العسكرية الروسية الرئيسية من سورية، مدّعياً أنها حققت أهدافها الرئيسية هناك.

الطموح العالي:

منذ البداية، كان للكرملين مجموعة صغيرة من الأهداف ومجموعة كبيرة. وكانت أهداف الحد الأدنى هي تحقيق الاستقرار لنظام الأسد الذي كان يخسر بشدة في ذلك الوقت. وأراد الكرملين أيضاً أن يتم الاعتراف به كلاعب محوري في الشرق الأوسط وقوة عالمية على قدم المساواة مع الولايات المتحدة.

ولكن هدف بوتين الأقصى كان تحويل العلاقات بين روسيا والغرب بعد أن دمرتها أزمة أوكرانيا. حيث كان الكرملين يأمل أن خطر داعش المشترك سيدفع الغرب لتخطي تردده في التعامل مع غزاة أوكرانيا وتشكيل تحالف جديد لمكافحة داعش. وكان هذا خطاب بوتين لدى الأمم المتحدة عشية افتتاح الحملة الجوية الروسية في سورية والذي عقد مقارنة مع التحالف المناهض للنازية خلال الحرب العالمية الثانية.

علاقات العمل:

نسقت روسيا عسكرياً بشكل وثيق بين حملتها الجوية مع الجيش السوري وحلفائه – بما في ذلك إيران وحزب الله. وساعدتها الروابط المستمرة منذ عقود بين الجيشين الروسي والسوري – حوالي 10,000 من الضباط السوريين تدربوا في الأكاديميات العسكرية الروسية حتى في الحقبة السوفييتية.

كان التقدم العسكري بطيئاً في البداية، ولكن الروس ثبتوا على أهداف المدى الطويل من تعطيل طرق الإمداد، ومستودعات التخزين وابنية الثوار التحتية الأخرى.

وظهرت النتائج بعد عدة أشهر من هذا القصف الشديد. حتى أن الجيش السوري الضعيف وقليل العدة، جنباً إلى جنب مع حلفائه الإيرانيين وحزب الله، حيث كان قادراً على الاستفادة من الحملة الجوية وإطلاق سلسلة من الهجمات الناجحة. ووفي شباط 2016 قطعوا طرق إمدادات ثوار حلب المباشرة من تركيا. وتمتعوا بنجاحات مماثلة في جميع أنحاء حمص، وفي الجنوب نحو درعا (حيث بدأت الثورة المناهضة للأسد في 2011) وفي اللاذقية، حيث أنشأ الروس قاعدة جوية.

التدخل الروسي حتى الآن قد جلب الاستقرار للنظام السوري عسكرياً وترسخت مكانته على مناطق السكان الأساسية في غرب سورية. وتدخلها هناك بدد أيضاً أي أوهام بين جماعات المعارضة في سورية والقوى الأجنبية المراقبة بأنهم يستطيعون إزالة نظام الأسد بالوسائل العسكرية.

المحادثات الدبلوماسية:

وفي الوقت نفسه، تم إعادة تفعيل العملية الدبلوماسية، التي تهدف إلى تفريق المعارضة إلى معسكرين كبيرين – هؤلاء المقبولين في المفاوضات، وأولئك غير المقبولين (بما في ذلك داعش والقاعدة).

كان هناك قدر كبير من المفاوضات الأولية مع الولايات المتحدة المكرسة لوضع قائمة لجماعات المعارضة ومواقعها. عندما أعلن عن وقف الأعمال العدائية في نهاية المطاف، كان لدى كل من الروس والأمريكان فكرة واضحة عن الذين شملهم وقف إطلاق النار ومكانهم.

الجزء الأخير من الأحجية كان أن يقرر بوتين كيفية التعامل مع بشار الأسد. حتى أثناء التفاوض بين الدبلوماسيين الروس والأمريكيين على وقف إطلاق النار في شباط عام 2016، أرسل الأسد رسالة من خلال مقابلة على نيته لاستعادة سورية كلها. وهذا ما حث على توجيه توبيخ مهذب من الدبلوماسيين الروس. وسيساعد إعلان الانسحاب العسكري الروسي من سورية على دفع نقطة الكرملين بأن الأسد لا يملك شيكاً ممضياً على بياض من قبل الروس وسوف يضطر إلى أخذ محادثات السلام على محمل الجد.

منظور أوسع:

من خلال الاستقالة الرسمية خلال وقف إطلاق النار الذي دبره بنفسه – وعلى خلفية مكاسب عسكرية هامة – يمكن لبوتين المغادرة مع رأس مرفوع. وبعد أن أثبت أن منتقديه على خطأ، وأظهر قدرة الجيش الروسي (والأسلحة الجديدة – وهو إعلان رائع لأي مشترٍ للسلاح الروسي)، يمكن لبوتين التركيز الآن على الجانب الدبلوماسي لعملية السلام، وهو ما تتفوق فيه موسكو عادة.

وفي الوقت نفسه، أوضحت موسكو أنها ستبقي على منشأتها البحرية القديمة في طرطوس، إلى الغرب من حمص، وقاعدتها الجوية الجديدة في حميميم، مما يسمح لها بإعادة الانتشار السريع إذا لزم الأمر. وترك الروس أيضاً أسلحة جديدة للجيش السوري (بما في ذلك الصواريخ المضادة للطائرات والدبابات المقاتلة الجديدة مثل T90 الهائلة)، فضلاً عن العديد من المستشارين العسكريين.

وقد ساعد تدخل روسيا في سورية على هدفها المتمثل في جعل محادثات السلام المجدية دولية. فمن وجهة نظر موسكو، التدخل الغربي في الشرق الأوسط زعزع الاستقرار فقط، لأنه يقوم على وجهة نظر مضللة بأن القيم الغربية هي قيم عالمية. وبدلاً من ذلك، ستواجه تعزيز رؤية روسيا التعددية للمجتمع الدولي، ومفتاحها هو الحفاظ على الدولة، أي دولة، باعتبارها الوحدة السيادية الرئيسية. وهذا مهم بشكل خاص في الشرق الأوسط، حيث يجلب تغيير النظام في كثير من الأحيان انهيار الدولة – كما حدث في ليبيا أو العراق.

لم تفز روسيا بالكثير من الحب من خلال التورط في سورية. وأدت الحملة العسكرية المكثفة إلى توارد اتهامات متكررة بقتل المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية الحيوية.

لكن حتى الآن، خرجت روسيا من المغامرة السورية في دور أقوى. فهي الآن قوة محورية في منطقة الشرق الأوسط، ووضعت حداً لذلك التصور الرائج في واشنطن بأن روسيا ستُعزل دبلوماسياً في أعقاب أزمة أوكرانيا.
 

 

ترجمة السورية نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع