..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

لله ثم للتاريخ (5).. #شهادة_حذيفة_عزام على حوادث #جبهة_النصرة

حذيفة عبد الله عزام

٢٠ مارس ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 9919

لله ثم للتاريخ (5).. #شهادة_حذيفة_عزام على حوادث #جبهة_النصرة
عبد الله عزام 0.jpg

شـــــارك المادة

"بداية الخلاف بين البغدادي والجولاني وبدء سيطرة الغلاة في جبهة النصرة"

الحمد لله القائل في كتابه: "إنا عرضنا اﻷمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها اﻹنسان إنه كان ظلوما جهوﻻ" وصلى الله وسلم على الصادق اﻷمين القائل: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم" اللهم ﻻ علم لنا إﻻ ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وﻻ فهم لنا إﻻ ما فهمتنا إنك أنت الجواد الكريم، اللهم إني أستغفرك من ظلمي وجهلي وأستهديك فاهدني وقومني وارزقني اﻹخلاص في القول والعمل يا رب.

كنت أتحدث باﻷمس عن بيت النصرة الداخلي وبدايتها على أرض الشام المباركة وأستأنف اليوم من حيث انتهيت باﻷمس.

من البطانة (الصالحة الناصحة) التي أحاطت بالشيخ الجوﻻني، الشيخ الشهيد بإذن الله عمار السيد (أبو محمد الشرعي) شرعي حلب وهو صاحب نهج قويم وفكر سليم وكان يعارض الجوﻻني في كثير من اﻷمور.

إذن دائرة الشيخ الجوﻻني الخاصة التي كانت حوله في البداية من المهاجرين أبو مارية القحطاني وأبو عماد الجزراوي ومن أهل سوريا صالح الحموي والشيخ عمار السيد رحمه الله.

ثم جاءت الحلقة الثانية حيث التحق أبو أحمد (ذكور) وبعدها بقرابة سبعة أشهر التحق (عبدالله) وهذه الدائرة التي كانت حول الفاتح الجوﻻني قبل دخول البغدادي، ﻷن دخوله سيؤسس لحقبة جديدة ويخلط الحابل بالنابل إضافة إلى من ذكرت في أواخر الجزء الرابع من شهادتي، وأذكّر به وهو الشرعي (أبو محمد عطون) الذي لم يكن عضو مجلس شورى ولم يكن عضو لجنة شرعية بل بدأ بروزه قبل إعلان الدولة اﻹسلامية بشهرين.
وأقصد قبل إعلان البغدادي حل جبهة النصرة وإعلان دمجها في الدولة اﻹسلامية في العراق تحت مسمى (الدولة اﻹسلامية في العراق والشام) بشهرين، حيث بدأ الخلاف بين البغدادي والجوﻻني قبل إعلان البغدادي بشهرين أما أبو هاجر الحمصي فقد كان مسؤوﻻً للمضافة في إدلب ثم تم نقله -ﻻحقاً- إلى حلب، وممن كان يرافق الشيخ الجوﻻني مثل ظله ﻻ يفارقه (أبو أحمد حدود) فهو المسؤول عن تنقلاته اليومية واستئجار البيوت له، وممن كان يلازمه وﻻ يفارقه شاب صغير السن هو (أبو عائشة) وكان اﻹعلامي العام آنذاك.

وما يهمنا من جميع اﻷسماء التي ذكرت الشيخ أبو مارية القحطاني والشيخ صالح الحموي والشيخ عمار السيد وأبو عماد الجزراوي حيث أن البقية ليسوا حملة فكر بل إن بعضهم أميون، ومن حملة الفكر المؤثرين أيضاً وإن كان متأخراً عمن ذكرت أعلاه الشيخ الشهيد -بإذن الله- معاوية حاج أحمد المشهور بالدكتور (أبي خالد)، وكان الشيخان عمار السيد والدكتور أبو خالد يختلفان مع الجوﻻني في قضايا؛ منها أنهما كانا ﻻ يكفران عوام الشيعة، وينتقدان نهج وسلوك الدولة اﻹسلامية في العراق، وينتقدان التبعية لخراسان، واحتدم الخلاف بينهما وبين (أبي عماد الجزراوي) حين عينه الشيخ الجوﻻني أميراً على إدلب -وكان الجوﻻني ﻻ يزال في الشام آنذاك لم ينتقل بعد إلى الشمال السوري- فعين أبا عماد الجزراوي- وهو كما ذكرت آنفاً ممن التحق بالبغدادي بعد الخلاف وعُين أميراً للبادية ثم قتل- أميراً على إدلب، وكان أن أرسل أبو عماد الجزراوي مفخخات إلى مدينة إدلب استهدفت المخابرات الجوية وكان معظم قتلاها وجرحاها من المدنيين، فاحتدم الخلاف بين الشيخين أبي عمار وأبي خالد وبين أبي عماد الجزراوي ورُفع اﻷمر للجوﻻني وكان في الشام فأمر بنقل الشيخين إلى حلب -فضاً للنزاع- وقادا المعارك في صلاح الدين وسيف الدولة في حلب فقتل الدكتور أبوخالد (معاوية حاج أحمد) بطلقة قناص وبعد أسبوع تبعه توأم روحه وحبيبه الشيخ عمار السيد رحمهما الله تعالى.

وهنا نلحظ أن تيار الغلو الذي جاء من العراق كان مكبلاً، وحين كان يتفلت كان أهل العلم والفكر من أهل الشام والمهاجرين يهبّون في وجهه ويوقفونه عند حده، وسارت اﻷمور على هذا النحو وكانت جبهة النصرة في جل تحركاتها منضبطة بالشرع، وكان الغلاة الذين قيدهم أهل الرأي والفكر في الشام يرفعون التقارير للبغدادي أوﻻً بأول عن هذا التوجه الجديد الذي لم يألفوه ولم يعرفوه في العراق، وعدوه خروجاً على نهج الدولة في العراق وسلوكها وتنكباً من الجوﻻني لذلك الطريق، وخروجاً عن مخطط الدولة اﻹسلامية في العراق الذي أرسل الجوﻻني إلى الشام قصد إتمامه وتوسيع رقعة الدولة وامتدادها الجغرافي نحو الشام.

ولم ينتظر البغدادي طويلاً -بعد توالي التقارير المرفوعة من (الغلاة المقيدين)- فحزم أمتعته ودخل إلى سوريا سراً ومكث ستة أشهر يتنقل بين المناطق، فضمن البيعات واستوثق من وﻻء اﻷمراء ثم أعلن عن وجوده وأرسل إلى الجوﻻني أنه سيحل جبهة النصرة ويعيدها إلى حاضرة الدولة، وطالبه بالانصياع له وإعادة جميع ممتلكات النصرة للدولة صاحبة المشروع وداعمة الفرع الجديد لها في الشام، وأقصد جبهة النصرة.

وهنا ابتدأت حقبة جديدة من التاريخ في عمر الثورة السورية، فالجوﻻني إما أن يسلم جميع ما لديه وإما أن يصادم الدولة، فرفع ملف الخلاف للظواهري وطلب إليه أن يفصل في اﻷمر، ولم ينتظرالبغدادي رد الظواهري فبدأ يستولي على المقرات والسلاح بالقوة، وأمر الجوﻻني أتباعه ومن تبقى معه بعدم الصدام، وبالفعل سلمت مستودعات ومقرات دون قتال، وبت الظواهري في الخلاف وأمر ببقاء النصرة في الشام وعودة الدولة إلى العراق فهذا فرع وذاك فرع.

اعتبر البغدادي أن الظواهري انتصر للجوﻻني وأنه يحرض الجند على أمرائهم وأنه خالف ببته في اﻷمر على هذه الشاكلة الشرع.

كان لهذا الحدث أثر بالغ على الثورة السورية المباركة لن تتضح آثاره في اﻷيام اﻷولى للخلاف والنزاع ﻷن النصرة خرجت منه ضعيفة مضعضعة، فقد حاز البغدادي على معظم عتادها وسحب منها أمراء وخبراء وكانت بحاجة إلى فترة نقاهة لتلملم شعثها وتجمع شتاتها وتقف على أقدامها من جديد، وكانت بأمس الحاجة للانفتاح على الفصائل لتستعين بهم في مصابها وما ألم بها.

هنا يستطيع القارئ أن يلمس بوضوح أن وجود البطانة الصالحة الناصحة من أهل سوريا ومن خارجها حالت دون أن تسير النصرة بمنهج الدولة وفكرها الذي تشربه عناصر ممن دخلوا مع الجوﻻني وتشبعوا به وتأثر به آخرون ومنهم الشيخ الجوﻻني نفسه، ووقف آخرون في وجهه وكانوا اﻷكثرية في البدايات، وكان الشيخ الجوﻻني ينزل على رأيهم ودفع ومعه جبهة النصرة ثمن ذلك غالياً على يد البغدادي ودولته.

رفض البغدادي قرار الظواهري وبدأت مرحلة صراع بين جناحي تنظيم القاعدة، وهو أول صراع فكري على أرض الشام تسيل فيه الدماء في عمر الثورة السورية المباركة، وهنا بدأ الضخ والتحشيد واﻻستنصار من كلا الفريقين ﻹثبات أنه على الحق وصلت حد المباهلة، وبدأ الجوﻻني بتوزيع من تبقى معه من كوادر على المحافظات للحفاظ على استمرارية العمل وعلى عناصر الجبهة في ظل تغول البغدادي على جبهة النصرة واستمرار حملته على مقدراتها، فأوفد الجوﻻني أبا مارية إلى الشرقية وعين صالح الحموي أميراً للبادية شرق حمص، وكان الشيخان أبو محمد وأبو خالد قد استشهدا قبلها بعام تقريباً في معارك حلب، وبدأ الصف الثاني يأخذ مكان الصف اﻷول في جبهة النصرة، وبدأ الوافدون يفدون من الخارج زرافات ووحداناً ويلتحقون بكلا الفريقين، وكانت النصرة بحاجة إلى كل صوت وإلى فتح باب اانضمام على مصراعيه، فالتحق أبو فراس نموس في الشهر السابع عام 2013، والتحق أبو الفرج المصري في الشهر الثالث من عام 2014، وهؤلاء اعتبرتهم النصرة مكسباً كبيرا لها لما للرجلين من سابقة.

في هذه الحقبة اختلط الحابل بالنابل، فالنصرة مضطرة للتجنيد لتصمد في وجه حملة البغدادي الشرسة ولتعوض النقص الحاصل،​ ​أضف إلى ذلك ماكينة البغدادي​ ​الإعلامية​ ​التي كانت تسعى ﻻستقطاب من تبقى من عناصر النصرة بتشويهها بأن الجوﻻني ناقض بيعة، وأنه ومن حوله مفرّطون مميّعون تخلوا عن الثوابت وتنكبوا طريق الجهاد السوي وتركوا نهج القادة​، ​وصوﻻً إلى الخطاب التكفيري المغالي الهادف ﻹحراج النصرة أمام أتباعها​.

مما مضى نخلص إلى أسباب جوهرية أدت إلى انقلاب دراماتيكي سيكون له انعكاس سلبي على مسيرة النصرة في قادم أيامها:

أولها: البغدادي ودخوله للشام​.

​وثانيها: ذهاب الكوادر التي كانت تحيط بالجوﻻني بين شهيد وموفد لتغطية النقص الحاصل الذي نجم عن تغول البغدادي.

​وثالثها: مزايدات الدولة في​ ​خطاباتها ﻹحراج النصرة​ ​أمام عناصرها ومحاولة غسل أدمغتهم وجرهم إلى خطاب مزايدات​،​ وقد حصل هذا بالفعل وبدأت خطابات النصرة​ ​-مضطرة أو مختارة-​ ​تجنح نحو الغلو واستُعين ﻷجل هذه المهمة بأصوات جديدة ووجوه جديدة، وأدت المهمة على أكمل وجه وتغيرت نبرة الخطاب ولهجته؛ مما ترك أبلغ اﻷثر على عناصر النصرة، ولم تستطع النصرة منذ تلك اللحظة وإلى يومنا هذا أن تعيد نبرة خطابها سيرته اﻷولى، بل ما زال ​سجال خطاب الغلو بينهم وبين داعش على أشده​. ​
أتوقف هنا وأتم غداً بمشيئة الله تعالى إن كتب الله لي عمراً ﻷتحدث عن انعكاسات هذه اﻷحداث على منهج النصرة وصوﻻً إلى سيطرة الغلاة على مفاصلها​.​

 

 

 

 

نور سورية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع