الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية
تصدير المادة
المشاهدات : 3840
شـــــارك المادة
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية
أصحاب المعالي والسعادة السادة وزراء الخارجية العرب الأفاضل
أيها الحضور الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لعلَ مشيئةَ المولى سبحانه وتعالى شاءتْ أن تتزامن كلمتي هذه مع دخول الثورةِ السورية عامَها الخامس، أربع سنواتٍ كاملات من القتل والتهجير الممنهج يتعرضُ لها الشعبُ السوري على يد عصابةٍ استباحت البلادَ والعبادَ، لم يردعها رادعٌ أخلاقي، ولا قيمي، ولا قانوني، ولم يقف أمام مجازرها توحدٌ عربي أو موقف دولي، وقد وجدت من تعطيل مجلس الأمن غطاءً لاستمرار المجازر بحقِّ أبناءِ الشعب السوري.
أيها السادة: أعلمُ يقيناً أنّ شعبي قد نفضَ يده من موقفٍ عربي، وهو يراجع سنواتٍ أربع، انتهى المطافُ بالمهجرين في مخيمات لا تصلح للأنعام، أو أنّ البلادَ والحدود تغلق دونه، أو أنّ الدعمَ لم يكن بمستوى طموح الشعب السوري.
بعد سنواتٍ أربع استطاع النظام وحلفاؤه حرفَ أنظارِ العالم، وتحويلَ الثورةِ التي خرجَ من أجلها السوريون وهي ثورةُ كرامةٍ، وحريةٍ ومساواة إلى صراعٍ مع ما يسمى بالإرهاب، فانشغلَ العالمُ بعلاج (العرض) وتركوا المرضَ، متناسياً هذا العالم الحرّ جرائمَ النظام، وصواريخَ النظام، وطائراتِه، وأسلحتَهُ الفتاكةَ ومنها الكيماوي، وغاز الكلور، أقولُ: نجحَ النظامُ، وأنا أعي ما أقولُ، ولم يكن نجاحُه من قوته، بل إن قواتِه انهارت بعد أنّ فرضَ على الشعب العسكرةَ بستةِ أشهر، ولولا الدعمُ اللامحدود من إيران، ومن فصائل عراقية ومن باكستان وأفغانستان والحوثيين، بلغت ثمانية وعشرين فصيلاً تضم ستين ألف مقاتلاً ومن مقاتلي حزب الله، فضلاً عن الدعم الروسي اللامحدود بالسلاح، والموقف الروسي سياسياً، علماً أن خمسة وثلاثين ألف خبيرا روسياً يديرون شبكة الصواريخ، في مقابل ضعف في دعم الثورة من قبل أصدقاء الشعب السوري لما استطاعَ الاستمرارَ، ولكن ثمة رغبةً لم تعد خافيةً على أحدٍ أنَّ الثورةَ السورية كانت ضحيةَ الواقعِ الجيو سياسي السوري، وأمن إسرائيل، وما تمثله سورية من موقعٍ مهمٍ في المنطقة .
هذه العواملُ ساعدتِ النظامَ الوظيفي العميل في البقاءِ، وتغاضى العالمُ المتحضر عن تلك المآسي التي يتعرضُ لها الشعبُ السوري .
أيها السادة: إنَّ دعمَ الثورةِ السورية لا يكونُ في الكلام، ولا يكونُ بتشكيلِ جسمٍ ثوري فقط، بل إنّ أبسطَ أشكالِ الدعمِ تتمثل بسحبِ الغطاءِ الشرعي عن هذا النظامِ المجرم، والاعترافِ بالائتلاف السوري قانونياً ممثلاً شرعياً وحيداً للثورة السورية، وأن يُسلم مقعد الجامعة العربية للائتلاف، وأن تكونَ الحكومةُ المؤقتة قادرةً على استصدار الأوراق الرسمية لكل السوريين، وليس سفارات النظام المجرم، وهذا أبسطُ دعمٍ يُقدم للشعبِ السوري، الذي انتهى به المطاف أن يقفَ في طوابير أمام سفارات النظام لاستخراج جواز سفرٍ أو تمديده أو تصديق ورقةٍ رسمية، وأنَ يطالب العرب بتسليم معقدِ سورية في الأمم المتحدة للائتلاف، ومجلس التعاون الإسلامي،مع اعترافٍ كامل، وسحبِ الاعتراف من النظامِ المجرم.
أيها السادة: لم تكنْ الثورةُ السورية ثورةً طائفيةً كما صورها النظامُ منذ اللحظة الأولى للثورة السورية السلمية, ولم تكن عصابات إرهابية كما كان يسوقُ لذلك، بل كانت ثورةَ الكرامة، وثورةً ستغير من واقع الأمة العربية، وليس فقط سورية، وأنتم تعلمون مدى التعاون بين النظامِ وإيران قبل الثورة، وأنّ النظامَ سهلَ لنظام الملالي أن يغيرَ في عقائد الناس وأن يفتتح الحسينياتِ وأنْ يمتلكَ الأراضي والعقاراتِ في عموم سورية، وأن تكونَ سورية معبراً لحزب الله، وتدريب الحوثيين والطائفيين في كل مكان، ولا يخفى على الجميع علاقات النظام بالقاعدة إبان حرب العراق، وهذا ما دعا النظامَ العراقي في شهر ديسمبر 2009 لتهديدِ النظام السوري بمحكمةٍ دولية على غرار محكمةِ الشهيد رفيق الحريري بعد الأحداثِ الدامية في العراق، وليس عنا ببعيد ما جرى في نهر البارد في لبنان.
فنحن السوريين ضحية الإرهاب، إرهابُ النظام، والإرهابُ القادمُ من خلف الحدودِ المصنعُ على عين النظام وحلفاء النظام، وبدل أن يساوي الحلف الدولي بين الإرهابين فقد أعطى فرصةً للنظام أن يكون شريكاً له في تلك الحرب، ولم تتوقفْ آلةُ القتل عن شعبنا، وفي الوقت الذي تُصنف تلك الفئات بالإرهاب فإنّ العصاباتِ الطائفيةَ وعلى رأسها حزب الله، وفيلقُ القدس، وعصائب أهلِ الحقّ، وجيش المهدي، لم توضع على قائمةِ الإرهاب، كما لم تُصنف قوات الشبيحة التي حولها النظام إلى ما يسمى جيش الدفاع الوطني، والآن انتهت سورية إلى احتلالٍ إيراني علني، وهناك مساعٍ حثيثة لتشكيل حزب الله السوري من تلك الفئات مع تغيير ديمغرافي يطالُ الشعبَ السوري.
أيها السادة: لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن حلٍّ سياسي، نقولُ: نعم، ولكن لا يكونُ على حسابِ تضحياتِ شعبنا، أو أن نتخلى عن سقوطِ هذه العصابة، أو أننا نقدم مكافأةَ لرأسِ النظام بالبقاء، فهذه خيانةٌ لدماء الشهداء، وتضحيات الشعب السوري، وما آلت إليه سوريةُ من دمارٍ للبشر والحجر، والشجر.
إن إضعافَ الثورة السورية ليس في مصلحةِ العرب،فقد أُضعف الجيشُ السوري الحرّ، ومُنعتْ عنه الأسلحةُ النوعية، وهذا أدى لبروز التيارات المتطرفة، وتحويل سورية لساحةٍ مفتوحة لتصفية الحسابات، وإنّ بقاءَ هذه العصابةِ الطائفية في دمشق يُعطي فرصةً للتغول الإيراني في المنطقة، وأطماعُ إيران لن تقفَ في سورية ولبنان والعراق واليمن، وأنّ نهايةَ هذا التمدد يكونُ في سورية، وبدعم الثورة السورية التي تحملُ أعباءَ المواجهةِ مع هذا المشروع الخطير الذي يستهدف البلاد العربية، ولكنّ الحالَ كما ترون فإيران قدمتْ للنظام نحو ثمانين ملياراً من الدولارات فماذا قدّم أصدقاء الشعب السوري للثورة السورية..؟
لعله سؤالٌ يردده السوري البسيط الذي تقطعتْ به السبلُ، وركبَ البحارَ لكي يحصلَ على بقعة آمنة..!
نحن حين نضع العربَ أمام واجباتِهم القومية، والإنسانية وأن ثمة خطراً يهدد وجودهم لا نبالغُ بذلك، وأنّ سوريةَ أحدى ركائز الأمة فلا تفرطوا بها، وسارعوا لدعم ثورتها سياسياً وإعلامياً ومالياً، فشعبٌ قدّم نحو نصف مليون شهيد، ومثلهم من المغيبين والمعتقلين، ومئات الآلاف من الجرحى، وعشرة ملايين مهجر في سبيل حريته، والآن يقاتلُ المحتلَ الإيراني، لن يبخلَ على أمته بالذودِ عنها أمام أي خطرٍ..
ولا يخفى عليكم الاستراتيجية الايرانية المتقاطعة مصالحها مع الكيان الصهيوني في فلسطين بإضعاف المنطقة العربية برمتها خدمة لمصالحهما.
ختاماً أيها السادة: أقول لكم: أنتم أمام منعطفٍ تاريخي، سيسجلُ لكم أو عليكم، ولا أتمنى أن يكونَ لسان السوريين ما قاله يوماً الشاعر عمر أبو ريشة:
ربّ وامعتصماه انطلقتْ مـلءَ الشــــــفاه اليـــتمِ
لامستْ أسماعَهم لكنـها لم تلامسْ نخوةَ المعُتصمِ
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
----------------
بالتفويض من الرئاسة
المحامي هيثم المالح رئيس الدائرة القانونية للائتلاف الوطني
جماعة الإخوان المسلمين في سورية
مجموعة من العلماء والدعاة
حركة نور الدين زنكي
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة