منتديات الثورة السورية
تصدير المادة
المشاهدات : 12088
شـــــارك المادة
ستة أيام كفيلة أن تقتلك في فرع الأمن العسكري 215 ولو لم تعذب بضربة كرباج. المعتقلون يحشرون في زنزانات لا تتسع لربع عددهم فيصبحون كما المخلل أكواما من الأيدي والأرجل والرؤوس.
بعض المعتقلين لا يستطيعون لمس الأرض من كثرة الأجساد تحتهم وفوقهم وعن يمينهم ويسارهم.
المعتقلون على هذه الوضعية أيام وأيام وأيام، يأكلون ويبولون ويتبرزون كليا أوجزئيا ويتعرقون وينزفون وجراحهم تتقيح وتتفسخ وتتعفن وهم على هذه الحالة الأرض تحتهم تتلقى كل هذه الأشياء وتتلقى معها مزق اللحم الفاسد والمهترئ الذي يصبح مع مرور الزمن كالشمع الدافئ، يكشط ويجرف بسهولة شديدة وآلام مبرحة مخلفاً حفراً في جسد المعتقل كاشفة عن العظام . هذا الخليط العجيب من السوائل والمواد يتكوم فوق الأرض فيحرقها وينصهر معها ويتصلب ويصبح جزءاً منها. بسبب هذا التزاحم الغريب تتشكل عقدة من البشر لا يمكن حلها، عقدة خلاياها هؤلاء المعتقلون المصابون بكل ما ذكرناه من جروح وأمراض وآفات ومع ذلك تجبر هذه العقدة -بكل ما فيها من معتقلين لا يستطيعون الوقوف على أقدامهم أو نصب جذوعهم أو شارفوا على الموت- تجبر على الانفكاك ويجبر هؤلاء المعتقلون تحت ضرب السياط والقضبان البلاستيكية وعصي الخشب على الوقوف كل بضع دقائق إما لتوزيع الطعام (المكون من رغيف خبز فوقه بعض اللبن الرائب) أو لإحصاء المعتقلين) حيث يقوم الشاويشية بضغط المعتقلين إلى الخلف بعد أن يقفوا ليخلقوا مساحة مترين من الفراغ ليبدؤوا بعدّ المعتقلين واحدا واحدا وغالبا ما يفشلون في إحصائهم بسبب استحالة عدهم على هذه الحالة. تمر الأيام على المعتقل في هذه الظروف وهو لا يجد موطئ قدم (بكل ما تعنيه هذه الكلمة فعلا من معنى) تتخلل هذه الكتلة البشرية وعندما يجد موطئ قدم، يستمر واقفا فيه على هذه الحالة لساعات طوال أو ليالٍ ينام خلالها المعتقل أحياناً وهو واقف فيسقط فوق أكوام المعتقلين ثم يعود لحالته واقفاً. بعض المعتقلين لا يحتملون قلة النوم هذه فيتوفون على هذه الحالة، وقد شاعت طريقة الموت هذه في الفرع واصطلح عليها المعتقلون عبارة "فَصَل" فيقولون عمن مات على هذه الحالة :إنه فَصَل. بعض من يسقط من الإرهاق (أي بعض من يفصل) ينام لبعض الوقت نوماً عميقاً يصحو بعده ليجده الآخرون منفصم الشخصية أو مجنوناً أو مهلوساً . يومياً تتساقط جثث الموتى في المهجع،إما لقلة النوم أو اختناقاً أو فتكاً بالأمراض, تسحب هذه الجثث كالسجاد العتيق من قبل "الشاويشية" وبعض المعتقلين، وتكوم في الممر الذي يتميز عن باقي المهجع بالانخفاض البسيط لحرارته عن حرارة باقي المهجع التي قد تصل إلى الأربعين في أحد أيام الشتاء القارس! هذا التلوث المذكور أعلاه جزء من التلوث الحاصل في المعتقل فالجزء الآخر من التلوث هو الضجيج. الضجيج الذي هو عبارة عن خليط عجيب من أنين المحتضرين وصراخ الجرحى، واستغاثات المشبوحين أو المعذبين، وصيحات المتشاجرين وآهات المصابين الذين يتعرضون لركلات ودعسات المارين من فوق أجسادهم إما للخروج إلى التحقيق أو للتعذيب . ما يحصل في هذا الفرع (وكل فرع) لا يتصوره عقل ولا يستطيع نقله كاتب أو شاعر ولا يتحمله كائن أو صخر. في الـ 215 تتفسخ جثث المعتقلين قبل أن يموتوا وقبل أن يدفنوا! أنقذوا معتقلي الأفرع الأمنية في سوريا، فالوضع يزداد سوءا يوما بعد آخر. (كتبت هذه المقالة بعد جمع شهادات عدد من المعتقلين السابقين من كفرسوسة في سرية المداهمة 215 التابعة للأمن العسكري)
فادي شامية
عبد الملك الصالح
وكالة الأناضول
الشرق الأوسط
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة