أحمد خناق الستاتي
تصدير المادة
المشاهدات : 10317
شـــــارك المادة
كتبت هذه الكلمات في يوم السبت الأسود الذي شهدته مدينة داريا الجريحة، يوم كان له ما بعده في تاريخ داريا الصمود، هو اليوم الأول الذي تدور فيه اشتباكات حقيقية بين الجيش الحر، والنظام، راح فيه أكثر من مئة خمسين من شباب داريا بين شهيد وجريح.... وهذا نصه من غير تعديل.
لأول مرة تصرخ المئذنة في وجه الطاغية... وتقول: «الشعب يريد إعدام السفاح»... هكذا تنفست بلدتي الغالية هذا النداء، بعد الشوق إليه لسنين، وسنين... من الصباح...تجمهر المشيعون من كل مكان ـ بعد الخلاف الطويل حول مكان التشييع ـ وجاؤوا ملبين نداء الإيمان، والضمير، والعقيدة، جاؤوا بعد أن بلغ الغضب منهم مبلغه، وصارت الصدور أشبه بقدر أوقد عليها ألف عام من الجمر والنيران...
جاؤوا ليشعوا شهدائهم، الذين قتلهم النظام الغادر بالأمس... وليقفوا في قلوبهم مع شهداء الخالدية العظيمة، لقد جفت الدموع... لهول المصاب... ولم يبق إلا الدم ليكون خير معبر عن حالة الغضب التي شهدتها سورية الحبيبة... من جامع مصعب بن عمير ذاك الشهيد البطل الذي ترك الدنيا وزينتها من أجل دينه وعقيدته، من ذاك الجامع المشحون بكل رموز العزة والإباء والتضحية خرج المشيعون، رافعين ـ لأول مرة ـ علم الاستقلال فوق أحد مساجدنا الكريمة... حشود عظيمة كأنها متوجة للقاء ربها، كلٌّ ودّع أهله،ورفاقه، وطلب المسامحة ممن عرفهم، وممن لم يعرفهم، فإما إلى الموت، إما إلى ما يهون دونه الموت... في ساحة الحرية كان الاجتماع... على زغاريد الأمهات... وأناشيد الأبطال... وهتافات الأحرار...لم يعد لصوت الرصاص أي قيمة في قلوب هؤلاء الثوار... ها هو الشهيد مسجىً في نعشه، وقد رسم على وجهه ابتسامة الشهادة...كأنه يرى أبواب الجنة قد فتحت له... فنسي الدنيا وكدرها ...ونكدها... وحلق في عالمٍ تحن إليه هذه الجموع.... اللــــــــــــه أكبــــــــــــــر .......اللــــــــــــه أكبــــــــــــــــــــر الصلاة على الشهداء أيها الناس .... اصطف الناس ليعلنوا أنهم قد احتسبوا هؤلاء الأبطال عند من تفتح أبوابه كلما ضرع إليه الضارعون، وتمرغت بين يديه جباه الساجدين... وبينما هم في صلاتهم ....وإذ بالمجرم الذي أعلن الحرب على الإنسان؛لأنه إنسان= يطلق النار عليهم...غير مراعٍ حرمة لصلاة، ولا عبادة، ولا لشعيرة، أو نسك ... وإذ بالنعش يلد نعشاً، وبالشهيد يلد شهيداً واثنين وثلاثة ... حمل المشيعون الشهداء ...وإلى شارع الثورة ولوا شطر وجوههم...وصيحات التكبير تعانق السحب.. وتصعد إلى السماء معلنة أن رب السموات فوق كل ظالم مهما امتد أمده، ومهما تطاول طغيانه... وفي شارع الثورة كان الهول العظيم.... صوت الرصاص...بات مألوفاً لأولئك الأبطال...بعد أن كان أحدهم يهرب من ظله الماشي معه ..يحسبه شبحاً من أشباح الأمن المجرم... أصبح اليوم ...يقول لجلاده إن كنتم جنود الأسد فإننا جنود الله. صيحات التكبير ملأت الشارع، كل الشباب جاؤوا لا ليعودوا خالي الوفاض، بل ليشربوا خمر العزة والكرامة ...أو خمر الجنة الحلال... لكن السفاح.. أبى إلا أن يجعل منهم رموزاً يحفر التاريخ ذكراها في ذاكرة أجياله، بعد أن كان كثير منهم نسياً منسياً... أبى السفاح إلا أن يرفع ذكرهم بكل قطرة من دمائهم،وكل صرخة من تأوهاتهم... وبدأ القصف العشوائي ...كأن السفاح في جبهة مفتوحة...ليس فيها إلا أعداء زرق أذاقوه الأمرين...وقتلوا أمه وأباه ...وجاء ليأخذ بالثار ... ماذا فعل هؤلاء أيها السفاح...لقد طلب الواحد منهم ... أن يكون إنساناً... لكن يبدو أن الوحوش لا تحب أن تشاركها البشر في عيشها... بدأ القصف العشوائي...وإذ بالناس بين مكبر...أو مكبر عليه ... بين منادٍ أو منادىً عليه...وبين التكبير والنداء ...يئن صوت الشهيد محمد بلال الأحمر ويهمس في وصيته الأخيرة : لا تيأسوا ولا تتوقفوا فالنصر لهذا الشعب العظيم.... وهو آتٍ لا محال.
عابدة فضيل المؤيد العظم
أبو منيب
محمد غريبو
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة