..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

دمشق مدينة السلام

أحمد خناق الستاتي

١ فبراير ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4068

دمشق مدينة السلام
1.jpg

شـــــارك المادة

ظنوها فتاة وادعةً ضعيفة، ظنوها خانعة مستكينة، رأوا منها السكينة، والسلام، وما شاهدوا منها غير الحب وحسن الجوار، سكتت لهم دهراً طويلاً، واستعانت بصبرها الذي سقته أهلها، فأمنوا مكرها، وركبوا بحرها آمنين، وكسروا سفن أهلها مستكبرين...

 

 

هجروا عشاقها، وأدنوا أعداءها، غيروا معالمها حتى لا تكاد تعرفُها... لكنهم ما عرفوا أنها رضعت الحلم ـ لا الضعف ـ من معاوية وابن عبد العزيز، وما دروا أنها تربت على يد ابن عامر، وأبي الدرداء، حتى اشتد عودها، وصلب بنيانها، فتعلمت منهما أن حسن الخلق من الدين، وأن الصبر على الأذى من أخلاق النبي الكريم، إلى أن زارها صلاح الدين، فأخبرها أن السيف لم يصنع من خشب، وأن النار خُلقت لتنفي عن الذهب الخبث...
فجمعت إلى الحلم قوةً وبأساً، وإلى حسن الجوار ثورة على الطغيان، وإلى جمال الأنوثة حمية الدفاع عن الذمار...
إنها دمشق الشام عاصمة الأمويين، ومهد الأولياء الصالحين، فتنت الأمراء والخلفاء، فما استبدلوا بها موطناً، ولا بمائها شراباً ولا خمراً..
ما زارها زائر إلا تغزل بجمالها، وأعجب بطيب أخلاق أهلها، ونقاء هوائها، وإشرافها على السهل والبحر والجبل....
بوابة القدس، وتربة الجهاد...
من أبوابها انطلقت جيوش الإسلام فاتحة الشرق والغرب بالسيف والسلام، ومن على منابرها زُفت البشرى بتحرير شقيقتها القدس مرات ومرات. دمشق التي صبرت على مُر الأذى، وجور الطغيان، علمت التاريخ أن الصبر له حدود، وأن الخنوع للظالم كفر بالشرع، أو دونه الكفر...
فدحرت فرنسا وردتها على أعقابها، وكذلك تفعل دمشق مع كل أعدائها...
ـ لقد شوه آل الأسد وأعوانهم معالمها... واستذلوا أهلها، وحاولوا أن يستبدلوا بمائها الزلال ماءً آسناً...
شردوا أهلها، وأخلوا مساجدها إلى من أتباع لهم يفعلون ما يؤمرون...
دمشق التي حضنتهم حين لفظهم الناس...
وأطعمت فقيرهم حين صده الناس، وتفتحت أساريرها لهم حين تجهم في وجوههم الناس...
تكافأ من آل الأسد بأفرع إرهابية يقبر فيها الصالحون وهم أحياء يرزقون...
وبأجهزة تجسسية تحصي الأنفاس والحركات، وتفسرها لتجعل منها تهمة يدان بها الأبرياء...
دمشق التي لا تنسم من شوارعها إلا عبق الحب والسلام، جازوها جزاء سنمار، فسدوا مسارب النسيم إليها، وخنقوها بحواجز تفتش حتى الأفكار والتخيلات....
لكن دمشق لا تتنكر لأهلها، وإن تكسرت أجنحتها، ولا تستكين لظالمها، وإن تفتت أسسها...
سمعت روح صلاح الدين تنادي بها...
فرددت كل مساربها: الله أكبر يا خيل الله اركبي...
فعانقت مآذنها: حي على نصرة المظلوم، واختلطت في ألحان ليلها: أجيبوا داعي الله...
فاصبري يا دمشق فإن الفجر موعده قريب...

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع