..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


ابحاث ودراسات

دراسة: كيف ولماذا تحولت سوريا إلى قضية بوتين الكبرى؟ 1/2

العصر

٢٨ نوفمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3551

دراسة: كيف ولماذا تحولت سوريا إلى قضية بوتين الكبرى؟ 1/2
00 بوتين زيارة.jpg

شـــــارك المادة

كاتب هذه الدراسة "جون باكر"، أجرى ما بين عامي 2010 و2015 مقابلات مكثفة مع خبراء وصحافيين ودبلوماسيين متقاعدين وكبار المسؤولين الروس.

وكان الهدف استكمال البحث في تطورات العلاقات الروسية الإيرانية، لكن مع انطلاق الربيع العربي توسع النقاش إلى علاقات موسكو بدول المنطقة.

ويقول الباحث إنه ممتن لنحو عشرين من زملائه الروس الذي أفادوه كثيراً في فهم السياسات الروسية إزاء الشرق الأوسط وستظل أسماؤهم مجهولة.

وأبرز ما تناقشه هذه الورقة تطور الموقف الروسي من الأزمة السورية، ابتداء من السلبية وصولاً إلى التورط الكامل مع إيران وراء نظام الأسد.

ويكشف تاريخ مواقف موسكو إزاء الأزمة أن السلبية أو الحياد الظاهري كان أثناء ولاية الرئيس ميدفيديف، وكان بوتين رئيس الحكومة ريثما يعود.

وأن موقف بوتين التصعيدي بعد عودته إلى الكرملين رئيساً مبني على عوامل عدة داخلية وخارجية، وأن تدخله في سوريا شجعه على التدخل في أوكرانيا.

وبرصد المحطات التي تدرج فيها بوتين كرجل قوي أثناء عهد يلتسين مروراً بحرب الشيشان وصولاً إلى سوريا، يبدو أنه يهتم كثيراً بصورته في الداخل.

لذلك، يمكن القول إن بوتين لن يقبل بالسكوت على صفعة أردوغان بإسقاطه الطائرة الروسية فوق تركيا، وسيرد حتماً على تلك الحادثة.

يقول باركر إن انبعاث النفوذ الروسي في المنطقة فاجأ موسكو نفسها كما فاجأ أي عاصمة، وكان الأداء أفضل مما تصوره الخبراء خلال الربيع العربي.

ورغم التورط الروسي العميق في أوكرانيا، فإن موقع روسيا أقوى الآن لدى زعماء الشرق الأوسط مما كان عليه عام 2011 رغم خسارة الرأي العام السني.

استخدام منطقة الشرق الأوسط كأداة للبرهنة أن على واشنطن أخذ مصالح موسكو بعين الاعتبار في المنطقة وما وراءها، هو مهم للكرملين وصورة بوتين.

ويؤكد باركر أن أربع تطورات وقعت منذ عام 2011 هي التي أدت إلى التبدل في موقف روسيا إزاء سوريا، وهو الذي نشهده حالياً، أولها حرب ليبيا.

التطور الثاني هو الاضطراب الداخلي في روسيا خلال الانتخابات الرئاسية والثالث تصاعد تهديدات أمريكا وإسرائيل لإيران والرابع التحرك ضد سوريا.

بوتين أحيا الاهتمام الروسي بالشرق الأوسط بعد مجيئه رئيساً بدلاً من يلتسين، لكن لم تكن المنطقة أولوية في العقد الأول من القرن الحالي.

في عام 2010 أثناء رئاسة ديمتري ميدفيديف أعلنت موسكو عن نيتها توثيق علاقاتها مع دول عدة، ولم تُذكر أي دولة في المنطقة، وحتى إيران، ما عدا مصر.

في أكتوبر 2011 نجح ثوار ليبيا بدعم من حلف الأطلسي في إسقاط القذافي وقتله بطريقة بشعة، ما أثار غضب بوتين الذي كان آنذاك رئيس الحكومة.

كانت التجارة هي الدافع الأول لروسيا برئاسة بوتين لعقد الصلات مع دول المنطقة، لكن حجم التبادل مع هذه الدول كان هامشياً بالنظر إلى غيرها.

لقد كان الموقف الروسي متشككاً إزاء الربيع العربي أواخر عام 2010، لأنه كان متوجساً من أي حركية سياسية إسلامية في أي مكان من المنطقة.

وفي أبريل 2011 عندما شنت قوات الأسد أول حملة عسكرية لقمع التظاهرات في درعا، أشار وزير الخارجية الروسي إلى أن سوريا هي ركن الأمن بالمنطقة.

ومع ذلك، فإن موسكو استنكفت في البداية عن التدخل في الأزمة السورية وأعلن بوتين في يونيو 2011 وبعده أن ليس لبلاده أي مصالح خاصة في سوريا، حتى إن الرئيس ميدفيديف دعا الأسد في أغسطس من ذلك العام إلى إجراء إصلاحات والتحاور مع المعارضة وإقامة دولة حديثة وإلا سيضطر لاتخاذ قرارات.

وبعد أيام استدعت السعودية والبحرين والكويت وتركيا سفراءها من دمشق، ودعا الملك السعودي عبد الله لوقف آلة القتل، وطالب أوباما بتنحي الأسد.

ولاحظ باركر تبدلاً جذرياً في الموقف الروسي في فبراير 2012، حيث أبدى الروس استعداداً أكبر لمقاومة الضغط الدولي على الأسد.

أصبحت سوريا المكان المفضّل لبوتين لإثبات أن روسيا قوة عظمى وكي يُظهر نفسه زعيما قويا يدافع عن مصالح بلاده وعن استقلال وسيادة الدول الأخرى.

الخبراء الروس في شؤون الشرق الأوسط كانوا ممتنين لموقف بوتين، حيث رأوا أن المعارضة راديكالية وأنها لو انتصرت ستنتشر الفوضى في كامل المنطقة.

ورأى الخبراء أن واشنطن تترك السعودية وقطر تجرانها إلى الصراع، وتقومان بالعمل القذر وكالة عن أمريكا مع تكرار ما حدث في أفغانستان والشيشان والبوسنة.

رغم التبدل الجذري في موقف موسكو من أزمة سوريا عام 2012، إلا أن الخبراء الروس، كما ينقل باركر، كانوا غير مبالين بما يقال عن مصالح موسكو في سوريا.

وكان الخبراء مسلّمين لفكرة خروج روسيا من آخر موطئ قدم لموسكو في المنطقة، أي سوريا، وكان يرون السقوط الحتمي للأسد مع أمل بتأخير السقوط فقط.

وقد عززت أزمة سوريا الشكاوى الروسية من تصرفات أمريكا وأوروبا منذ سقوط الاتحاد السوفياتي أي توسع الناتو شرقاً وصولاً إلى حرب ليبيا.

أما في التطورات الأربعة التي شكّلت الموقف الروسي الحالي، ففي الدعم الدولي للثوار على القذافي، اختلف بوتين وميدفيديف على قرار مجلس الأمن.

فبوتين اعتبر القرار رقم 1973 الذي أجاز استخدام القوة العسكرية ضد القذافي على أنه دعوة إلى حرب صليبية من زمن القرون الوسطى بخلاف ميدفيديف.

وكان هذا الخلاف النادر بين الرجلين في مارس 2011، اللذين يتبادلان رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة، بشأن استعمال حق النقض ضد القرار أو الامتناع.

ويقال إن الخلاف على ليبيا بين بوتين وميدفيديف هو الذي دفع الأول إلى عدم تأييد إعادة انتخاب الثاني رئيساً لروسيا وسعى كي يعود رئيساً.

ويقول باركر إنه لمس من مواقف الخبراء خلال زيارته موسكو في فبراير 2012 أن بوتين مصمم على عدم تكرار سيناريو ليبيا في سوريا عبر مجلس الأمن.

وهكذا مارست موسكو حق النقض في مجلس الأمن لأول مرة في أكتوبر 2011 لمنع صدور قرار بخصوص سوريا وبعد عامين ونصف السنة ضمّت روسيا القرم.

أما التطور الثاني، فكان داخل روسيا نفسها وهو أقل ظهوراً، فكانت شعبية بوتين قبيل الانتخابات قد تدهورت من 80% عام 2008 إلى 31% عام 2011!

وكان معلوماً قبيل الانتخابات أن بوتين وميدفيديف بصدد تبادل المناصب، وحشدت المعارضة مائة ألف متظاهر في موسكو بسبب تزوير انتخابات الدوما.

شكّل بوتين فريق عمل جديداً من خارج المدن الكبرى واستثمر في الشعور القومي المعادي لأمريكا وضد الثورات الملونة في الاتحاد السوفيتي سابقاً.

في السياق الانتخابي، أصبحت سوريا القضية المفضلة لبوتين لتسويق نفسه مدافعاً عن سيادة روسيا العظمى،وعن صيتها كقوة كبرى في السياسات الدولية.

حقق بوتين تقدماً لدى فوزه بالرئاسة وفي خطاب التدشين صرخ: المجد لروسيا، وذرفت دموعه. ومع استلامه المنصب رسمياً ارتفعت شعبيته إلى حدود 60%.

التطور الثالث، وهو غير مفهوم جيداً، بين أكتوبر ونوفمبر 2011 عندما تصاعدت التهديدات الإسرائيلية والأمريكية بقصف المفاعلات النووية الإيرانية.

خشيت موسكو أن تؤدي الضربات المتوقعة إلى تسريع إيران مشروعها النووي، وأن يؤدي التصعيد إلى حرب إقليمية وانتشار الفوضى ما يضرّ بمصالح روسيا.

والتطور الرابع هو التحرك السعودي القطري التركي ضد نظام الأسد، وفي أكتوبر 2011 اتهمت الرياض إيران بمحاولة اغتيال السفير السعودي بواشنطن.

وما زاد التوجس قيام الجيش الحر بشن هجومه الأول على قوات النظام بعد شهر فقط من كشف مؤامرة الاغتيال المفترض فبدا أن السعودية ترد في سوريا.

اعتبر الروس آنذاك أن السعودية تتخذ من رواية المؤامرة على السفير ذريعة للهجوم على نظام الأسد، والذي قد يكون محض مصادفة، وبهدف تقويض إيران.

ورأوا أنه من الخطورة رعاية التطرف السني في المنطقة استكمالاً لما حدث في أفغانستان والشيشان والبوسنة بدعم خليجي أمريكي، وأنه قد حان دور سوريا.

واعتبروا أن استهداف النظام السوري خليجياً وأمريكياً إنما هو يقصد في نهاية إيران فقررت موسكو الثبات في موقفها المعارض للتدخل في سوريا.

بدأت العلاقات الدبلوماسية تتدهور بين روسيا والدول الخليجية الداعمة للثورة، وبعد تردد وجد بوتين أن لا شيء يخسره إن اتخذ موقف المواجهة...يتبع

 

 

مؤسسة الدراسات القومية الإستراتيجية INSS

ترجمة: مركز "على بصيرة"

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع