..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

كذْبَةُ تَمُّوز

محمد بسام يوسف

١٥ سبتمبر ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2751

كذْبَةُ تَمُّوز
d8aed8a8d8b1-d8b3d98ad8a1-d984d984d8a3d8b3d8af.jpg

شـــــارك المادة

جَلَسُوا على شكل حلقةٍ حول مدفأةٍ (حَطبيّةٍ) كانت منتصبةً في مركز الغرفة الطينيّة.. البرد في الخارج شديد لا يُحتَمَل، والثلج ينهمر بغزارةٍ لا يتوقّف.. قال (حسن) وهو يفرك راحتيه:
ـ وعدونا بالنَّفط والغاز، ولم نستطع تأمين أيٍ منهما، لفصل الشتاء البارد جداً هذا العام!..

 


أجابه (سعدو):
ـ وهل استطعنا تأمين الخبز والحليب، كي نتحدَّث بالمحروقات.. وبقية الكماليات؟!..
دَسَّ (نعيم) قطعةً كبيرةً من الحطب داخل المدفأة، مقترِحاً على الحاضرين، أن يَتَسَلّوا بحكايةٍ دورية.. كل منهم يحكي حكايةً مُسَلِّيةً، إلى أن يحلَّ الصباح، وقتَ خروجهم إلى أعمالهم المختلفة.. فوافق جميع الحاضرين، ووقعت القُرعة على (فهيم).. الذي عدّل من جلسته، ومدّ يديه إلى أمام، حيث النار المستعرة في المدفأة الحَطبيّة، وأخذ يقلّبهما، ثم بدأ بسرد حكايته:
ـ في عام (164) قبل الميلاد، كنتُ طفلاً صغيراً لا يتجاوز عمري خمسَ مئةٍ وسبعَ عشرةَ سنة، وكانت عائلتنا قد انقرضت كلها وهي في طريق هجرتها إلى كوكب (نبتون).. ولم يبقَ غيري من العائلة على قيد الحياة.. وبعد أن توقّف القطار مراتٍ عِدة، ونحن في طريقنا إلى بيتنا الواقع غربي (نبتون).. وصلتُ بحمد الله وتيسيره بالسلامة.. لكن كنتُ أعاني من البرد الشديد هناك، فبيتنا في فصل الصيف كانت (ترتفع) درجة حرارته إلى ألفٍ تحت الصفر، لذا كنتُ أمارس رياضة الجري يومياً في الطابق السادس تحت (النبتون)، لأشعرَ بالدفء قليلاً.. أما في فصل الشتاء، فكنتُ أنضمّ إلى أهل الحي هناك، الذين كانوا يستخدمون موقداً (وكأنه)* مستورَدَاً من (جهنّم) وسيلةً للتدفئة، وكان يعمل على الوقود النوويّ، الذي كان متوافراً جداً في محطات الوقود الأهلية النبتونية، وعندما..
ـ يخرب بيتك، ما هذه الكَذْبَة؟!.. (قالها حسن وهو ينفجر ضاحكاً).
جلس (نعيم) بعد أن انقلب على ظهره من الضحك، وقال:
ـ الله أكبر عليكَ يا (فهيم)، تبدو أكذب من صاحب الفخامة!..
لم يَكَدْ (نعيم) يُنهي كلامَه، حتى انبعثَ من المذياع في زاوية الغرفة صوتُ مُذيعة النشرة الإخبارية الليلية، فأنصت جميع الحاضرين إلى قولها:
ـ (.. ومن الجدير بالذكر، أنّ السيد الرئيس، كان قد وعد الأهالي في شهر تَمُّوز، قبل اثني عشرة سنة، بعمليات إصلاحٍ حثيثةٍ جذريّة، سياسيةٍ واقتصاديةٍ وإداريةٍ وإنسانيةٍ و..).. فاستدركَ (نعيم) على الفور قائلاً:
ـ لا والله.. أقسم بالله العظيم.. بأنّ الرئيس أكذبُ منكَ يا (فهيم)!..
 

 

ـــــــــــــــــــ

 

* ( وكأنه ) اضافة من اسرة تحرير الموقع

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع