..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

حماة لن تتكرر.. !

مدونة شعاع أمل محترق

٣١ يناير ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 13108

حماة لن تتكرر.. !
180602_123620504376508_100001856774028_157401_6384801_n.jpg

شـــــارك المادة

من داخل حي الكيلانية في منطقة الحاضر؟
"عهدنا: أن نتصدى للامبريالية والصهيونية والرجعية ونسحق أداتها المجرمة عصابة الإخوان المسلمين العميلة".
كان هذا أول ما شاهدته على جدران مدرستي الثانوية، في كل صباح، كانت حناجر الطلبة تصدح به… أقف بصمت أفكّر ما الرابط بين "الإخوان المسلمين" و"الصهيونية".
تأتيني الإجابة من داخلي "لاشيء".
أسافر من حلب نحو حمص.. نمرّ في الطريق بـ"مفرق حمص- حماه" الذي يُوصلنا إلى حمص دون المرور بحماة، يقول لي صديق السفر: "هاد المفرق عملوه بالتمانينات، لحتى ما يقطعوا طريق حلب دمشق لما عزلوا حماة وقصفوها بالطيران.. كنت بعمرك لما قصفوها".
تعود ذاكرتي إلى حين كنّا نسافر مع أبي، نرجوه ألا يتجاوز حماة، نريد أكل البوظة الحموية بجانب النواعير لنكمل بعدها طريقنا نحو حمص.. حين كان لا يستجيب لطلبنا ويقطع طريق حماة، كنّا نبكي.. نعم هذا "المفرق" يستحق البكاء عليه..
أعود لصديق سفري أسأله: "لماذا سكتّم؟
يأتيني بإجابته الجاهزة "ماعرفنا شو صار لبعدما خلصت، ماكان في إعلام بوقتها متل اليوم".
كالكثيرين لا أدري ما جرى تماماً حينها.. البعض يقول: أنه تم إدخال "سيارات شحن" مليئة بـ"الأسلحة" إلى حماة فكان لا بدّ من قصفها للسيطرة على الوضع.. والآخر يقول: أن القصف تمّ بعد فشل السيطرة وإخماد الثورة آنذاك ولجعلها "عبرة لمين يعتبر".. وقد اعتبروا. خاصة أنّ المدينة الثانية التي كانت مشتعلة آنذاك هي "حلب" ثاني أكبر المدن السوريّة فكان من الأسهل جعل هذه المدينة الصغيرة هي العبرة.
مهما كان الذي جرى آنذاك لا ينفي أنّ ما حصل هو "مجزرة" و"وصمة عار على جبين الإنسانية" بكل ما للكلمات من معنى.
ما قبل "القصف" تتشابه الروايات بين حلب وحماة، قتل عشوائي، خلع حجاب النساء، اغتصاب، إنزال كل "ذكور" المباني "رجالاً وأطفالاً، فالأطفال يكبرون" ومن ثمّ …رشّهم..!
الأرقام اليوم حتماً ليست دقيقة ومن شبه المستحيل الحصول على "رقم" ولو تقريبي لعدد الضحايا عموماً في تلك الفترة من تاريخ سوريا.
عشرات الآلاف من العائلات الحموية والحلبية ما تزال لليوم تعيش الذكرى بكل ألمها ووجعها يروون ما جرى.. حقيقة كالكذبة.. تتمنى أنّها مجرّد "فيلم أكشن" أو أسطورة من أساطير القدماء.
الدمار وضع بصمته على كل شيء على المباني والجوامع والكنائس… والبشر، دون تفرقة.
لا شيء يروي لنا ما جرى سوى ذاكرة من بقي على قيد الحياة وبعض الصور التي تروي فجاعة ما جرى.. لتخبرنا أن كل الأرقام المتداولة إعلامياً اليوم لا يمكن أن تكون صحيحة.. والعدد أكبر من ذلك بكثير.
اليوم..
حماة تصيح "لا تجعلوني عبرة مرتين"، المختلف، أنها ليست لوحدها..
أطفال "الثمانينات" أصبحوا رجال اليوم.. هبّوا لنصرة مدن سورية عانت الضرب والقصف المدفعي.. ليعيد التاريخ نفسه، مجازر تعمّ كافة أنحاء سوريا.. لا تستثني أحداً رجالاً ونساءً وأطفالاً.. مباني ومدارس وجوامع.. فكل شيء سواء في نظرهم. "هم أو لا أحد، هم أو لا شيء".
حين تم قصف حماة عام 1982م ظنّوا بذلك أنهم أسكتوها للأبد.. لكن كما قلنا: "ما في للأبد"، وهذا ينطبق على كل شيء.. فهاهي حماة تنفض الدم والغبار عن ذاكرتها لتقول: "لم ولن ننسى" وتنتفض معها كافة المحافظات السوريّة.. والكل يهتف "الحرية.. والقصاص".
ربما جملة تندبها امرأة أرملة ثكلى تكفي لاختزال المشهد.. سوريا بين الماضي والحاضر..
تجلس على التراب لتبكي فقد قتل الأب زوجها.. ليأتي الابن ويقتل ابنها.. وتبقى هي مرتدية الأسود تقف أمام الموت متسلّحة بإيمانها بقدرة الشعب على الانتقام.
لخنساواتنا نعدكن أن ننتقم لكن.. ولكل رجال ونساء وأطفال سوريا..
سوريا الثمانينات.. وسوريا اليوم..
الرحمة لكل من توارى تحت التراب.. دون أن يدوّن اسمه في "سجل الوفيات"..
الرحمة لكل من روى تراب سوريا بدمه البارحة واليوم وغداً...
الحرية لكل من غُيّب في غياهب السجون..الحرية لسوريا..

 

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع