في ذكرى مجزرة "البيضا": المشهد يتكرر كل يوم.. والقاتل لا يزال طليقاً

الكاتب : أسرة التحرير
التاريخ : ٣ ٢٠١٧ م

المشاهدات : 5537


في ذكرى مجزرة

نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريراً مفصلاً يوثق تفاصيل مجزرة قرية البيضا قرب بانياس في الساحل السوري، التي ارتكبتها قوات نظام الأسد والمليشيات الموالية لها في 2 من أيار/ مايو من عام 2013، وراح ضحيتها أكثر من 250 شخصاً، كلهم مدنيون، ومعظمهم من الأطفال والنساء، فيما أعلن المجلس العسكري للثورة في بانياس أنه تم إحصاء أكثر من 800 ضحية في المجزرة. 
واتهمت المنظمة في تقريرها الذي أصدرته باسم "لم يبقَ أحد" قوات نظام الأسد ومليشيا الدفاع الوطني "الشبيحة" بارتكاب المجزرة، مستندة إلى روايات ناجين من المجزرة وشهادات من أشخاص من أهل القرية، بالإضافة إلى مقاطع فيديو وصور نشرتها كل من حسابات المعارضة وقوات النظام حيث دخلت البلدة.
صباحٌ دامٍ:
يوضح التقرير إنه في صباح 2 أيار/ مايو اشتبكت قوات النظام السوري والمليشيات الموالية لها "الشبيحة" مع جماعة من مقاتلي المعارضة في بلدة اليضا التي تبعد عن بانياس 10 كم، حيث أرادت دخول القرية بناءً على معلومات حصلت عليها من ناشط معارض اعتقلته ويعرف باسم "نسر بانياس"، وتفيد المعلومات بوجود عناصر منشقين عن الجيش داخل القرية.
في نحو الواحدة ظهراً انسحب مقاتلو المعارضة المحليون وقامت القوات النظامية والقوات الموالية لها بدخول البلدة، ومضت تفتش منازلها. وعلى مدار الساعات الثلاث التالية تكرر نمط مألوف في معظم أرجاء البيضا: اقتحمت القوات النظامية وتلك الموالية لها البيوت، وفصلت الرجال عن السيدات، وجمعت الرجال من كل حي في مكان واحد، وأعدمتهم بإطلاق النار عليهم من مدى قريب.
عمليات إعدام جماعية:
ويشير التقرير إلى أن بعض عمليات الإعدام تمت داخل منازل الناس، ووقع بعضها الآخر أمام أحد المباني أو في الساحة الرئيسية للبلدة. تم الإبقاء على حياة عدد من السيدات والأطفال، لكن غيرهم لم ينج. ووثق التقرير إعدام ما لا يقل عن 23 سيدة و14 طفلاً، بينهم بعض الرضع.
وتضيف المنظمة في تقريرها أنه في حالات كثيرة كانت القوات الموالية للنظام تحرق جثث من أردتهم بالرصاص. كما قامت قوات الأمن بتكديس ما لا يقل عن 25 جثة في أحد متاجر الهواتف الخلوية بساحة البلدة، وأشعلت فيها النيران، وهذا بحسب شهادات شهود وأدلة مستمدة من مقاطع فيديو راجعتها المنظمة.
واستناداً إلى شهادات الشهود والأدلة المستمدة من مقاطع الفيديو التي تمت مراجعتها، تبين أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء قد أعدموا ميدانيا بعد أن انتهت المواجهات العسكرية في البلدة؛ مما يجعل من وقائع القتل في البيضا إحدى عمليات الإعدام الجماعي الأكثر دموية.
مجزرة أخرى في "راس النبع":
يشير التقرير إلى أنه في نفس يوم الاشتباكات في البيضا - 2 مايو/أيار - اندلع القتال في راس النبع القريبة، التي تعد إحدى ضواحي بانياس الواقعة على بعد نحو 10 كيلومترات من البيضا. وبحسب خمسة من السكان المحليين، قامت القوات النظامية بقصف الضاحية يوم 2 مايو/أيار واقتحمتها في اليوم التالي. وفي نمط شديد الشبه بوقائع البيضا أعدمت قوات النظام عدداً من السكان بعد اقتحام المنطقة، وأشعلت النيران في منازل بعينها.
وقد أحصت حينها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إعدام 188 مدنياً، بينهم 54 طفلاً و43 سيدة جميعهم أعدمتهم قوات النظام أثناء اقتحامها القرية.
المجزرة هدفها تهجير السنة:
تسببت وقائع القتل والنهب والحرق في البيضا وبانياس في تصعيد إضافي للتوترات الطائفية في سوريا، حيث تسكن البيضا أغلبية مسلمة سنية مع أقلية مسيحية صغيرة، وبإضافتها إلى أحياء معينة في بانياس، على رأسها راس النبع، تُعد المنطقة جيباً سنياً معارضاً للحكومة في قلب محافظة طرطوس الموالية للحكومة في معظمها والتي يقطنها عدد كبير من العلويين.
ونقلت المنظمة عن شهود محليين، أن قوات النظام والمليشيات الموالية لها لم تقتل سوى السنة ولم تحرق سوى بيوتهم، وقد أفاد اثنان من سكان قرية البيضا من المسيحيين أن قوات النظام لم ترتكب أية جرائم قتل أو نهب في الجزء الذي يسكنونه من البلدة.
يوحي نطاق القتل وإحراق المنازل والممتلكات بعد يوم من انتهاء القتال بأن اقتحام قوات النظام للقرية وعمليات الإعدام الجماعية التي قامت بها بحق المدنيين من السكان يُقصد بها تهجير سكان مدنيين ينظر إليهم كمؤيدين للمعارضة في قلب منطقة تُعد الخزان البشري الأكبر لمؤيدي النظام من العلويين.

 

المصادر: