مؤتمر الأستانة.. من أين وإلى أين؟

الكاتب : أسرة التحرير
التاريخ : ٢٠ ٢٠١٧ م

المشاهدات : 2428


مؤتمر الأستانة.. من أين وإلى أين؟

تحتضن العاصمة الكازاخستانية "أستانة" في الثالث والعشرين من شهر يناير الجاري جولة من المفاوضات بين نظام الأسد والمعارضة السورية.
المفاوضات التي ستقام برعاية روسية - تركية وبمشاركة عدة دولية على رأسها وفد من الأمم المتحدة بقيادة " ستيفان ديمستورا"، تقام في ظل ظروف محلية وإقليمية متوترة، خصوصاً وأن الأجندات المبدئية التي ستناقشها لا تتناول حلاً شاملاً للقضية السورية التي دخلت عامها السادس. فضلاً عن أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه في الثلاثين من شهر ديسمبر الماضي لم يتم تثبيته بشكل واقعي في ظل الخروقات المتكررة من قبل قوات النظام، حيث أحصت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 318 خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيز التنفيذ.
وفد واحد للمعارضة:
من جهتها، حسمت الفصائل قرارها في المشاركة بالمؤتمر، حيث أعلنت فصائل "جيش الإسلام، وفيلق الشام، ولواء شهداء الإسلام، والجبهة الشامية وتجمع فاستقم كما أمرت والسلطان مراد" مشاركتها في المؤتمر، والتحق بها كل من "صقور الشام" و "جيش إدلب الحر" و "جيش المجاهدين" الذي تواصل موقع نور سورية مع مندوبه للمفاوضات د. محمد عبد الحي حيث أكد على مشاركة الجيش فيها، ولكنه أوضح أنه من المبكر الآن الحديث عن نتائج المؤتمر وتداعياته، أما "أحرار الشام" فقد حسمت أمرها بعدم المشاركة، وأكدت في بيان لها أنها لن تشارك في المؤتمر. 
وقد اتفقت الفصائل المشاركة على وفد موحد يضم حوالي 40 شخصية، بينهم عسكريون ومستشارون سياسيون وقانونيون، وسيرأس الوفد محمد علوش عضو الهيئة العليا للمفاوضات وكبير المفاوضين في وفد المعارضة بمؤتمر جنيف. أما وفد النظام فسيضم قادة عسكريين وضباطاً ومستشارين برئاسة بشار الجعفري ممثل النظام في الأمم المتحدة، حيث سيلتقي "علوش" للمرة الثانية.
في غضون ذلك،  أبرم الثوار في وادي بردى يوم أمس الخميس اتفاقاً نهائياً لوقف إطلاق النار مع قوات النظام برعاية ألمانية، تضمنت أبرز بنوده وقفاً مباشراً ونهائياً لإطلاق النار في منطقة وادي بردى، ودخول ورشات الصيانة لإصلاح نبع عين الفيجة، كما اتفق الطرفان على تسوية أوضاع المقاتلين الذين يرغبون بالبقاء وخروج من يرفض التسوية إلى مدينة إدلب برعاية أممية، إضافة إلى إعادة إعمار بلدتي عين الفيجة وبسيمة خلال مدة معينة.
ليس إقصاءً للسياسيين:
لم يتضح حتى الآن برنامج المؤتمر، والمسائل التي ستتم مناقشتها، إلا أن المعلومات الأولية تشير إلى أنه سيناقش بشكل رئيسي مسألة تثبيت وقف إطلاق النار في سوريا وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، أي أنه سيُعنى بالوضع العسكري الميداني وليس السياسي.
"أسامة أبو زيد" المتحدث باسم الوفد المفاوض في مؤتمر أنقرة وأحد أعضاء وفد المعارضة للأستانة نفى لـ"نور سورية" أن تكون القضية إقصاءً للمعارضة السياسية، موضحاً أن الأمور التي ستتم مناقشتها في المؤتمر ذات طابع عسكري ميداني، وهي تحتاج قادة عسكريين، وأكد على أن الوفد لن يكون عسكرياً فقط، بل سيرافقه وفد تقني كلفته الهيئة العليا للمفاوضات، وهو يضم أساتذة في القانون وخبراء في السياسة، مشدداً في الوقت ذاته على أن الوفد على اتصال دائم مع الهيئة العليا للمفاوضات وهناك تنسيق دائم بينهما، كما ينسق الوفد مع شخصيات سياسية وقانونية وتقنية مستقلة.
كما أشار  إلى أن المفاوضات ستكون على جولات، بحيث ستركز المرحلة الأولى على وقف إطلاق النار وتثبيته
اختبار للروس:
وأوضح "أبو زيد" أن برنامج الوفد بالدرجة الأولى هو إنفاذ الهدنة وتثبيت وقف إطلاق النار  في سوريا عموماً و في الغوطة ووادي بردى وبلدة محجة بشكل خاص، معتبراً أن هذا الشيء سيحكم على مدى جدية الروس في المضي بلعب دور الضامن وإلزام النظام والمليشيات الإيرانية باحترام الاتفاقية، "بحيث نشعر أن هناك إمكانية في الاستمرار في المفاوضات للوصول إلى حل للقضية السورية"، وتابع قائلاً: في حال نجح تثبيت وقف إطلاق النار فإن الخطوة الثانية ستركز على تحسين الحالة الإنسانية في سوريا. مشدداً على أن نجاح هاتين الخطوتين سيحدد استمرار الوفد المفاوض في العملية السياسية من عدمه.
وعبر أبو زيد عن أمله في أن يكون المؤتمر فرصة للمعارضة لتوحيد صفوفها ولملمة شتاتها، حتى تكون مستعدة لمواجهة عسكرية كبيرة وضخمة في حال فشل المؤتمر، محذراً من أن فشل المؤتمر سيفتح مواجهة عسكرية واسعة وشاملة.
خيارات مفتوحة:
من جهته، يرى الكاتب السوري باسل العودات أن روسيا تعطي أهمية كبيرة لهذا المؤتمر، وتسعى بشكل جدّي لعقده وإنجاحه، محذراً في الوقت ذاته من أن الثنائي الإيراني – الروسي سيستغلان المؤتمر لأبعد حد لحرفه عن مساره، ولمحاولة فرضه كتسوية سياسية، بعد أن فشلا في فرط عقده من خلال الاستمرار بخرق وقف إطلاق النار في مناطق عديدة من سوريا. 
وبالرغم من الحشد الإعلامي الواسع الذي تعمل موسكو على تجييشه للمؤتمر، يبقى التوجس هو المسيطر، حيث فشلت كل المؤتمرات التي سبقته في الوصول إلى حل مبدئي، كما أنها عجزت عن إجبار الأسد على الالتزام بكافة القرارات التي صدرت عن تلك المؤتمرات. فيما يبقى الباب مفتوحاً أمام المشاركين في المؤتمر لإثبات جديتهم في الوصول إلى حل، أو تكرار سيناريو المؤتمرات السابقة.

 

 

نور سورية

المصادر: