امسحي الدمعة وقومي يا سورية لتودعي أبطالك

الكاتب : أسامة الخراط
التاريخ : ١٠ ٢٠١٤ م

المشاهدات : 2705


امسحي الدمعة وقومي يا سورية لتودعي أبطالك

في ليلة باردة من شتاء عام 2012 وفي آخر ليالي تلك السنة الثانية من الثورة كنت مقيماً في مقر المجلس الانتقالي الثوري في حلب في منطقة الشيخ نجار.
كان المقر بارداً وغارقاً في الظلام وفجأة جاء أحد الأخوة يدعونا إلى اجتماع عاجل لأن وفداً من قادة المجاهدين يريد لقاء الموجودين من أعضاء المجلس، يومها اجتمع في تلك الغرفة الصغيرة ثلاثة رجال أقمار أصبحوا بعدها ثلاثة شهداء كرام بررة.

 

((الصورة للشهيدين مع الشهيد حجي مارع والشهيد حسان عبود بعدسة الصديق عادل فستق))

 

عندما خرجت لاستقبال الوفد رأيت شابين في الثلاثينات من العمر عرفت الأول واندهشت لرؤيته .. واحترمت الثاني لهيبته ووقاره.

أما الشاب الأول فكان أبو أيمن الحموي وكم كانت فرحتي ودهشتي وأنا أتذكر ذلك الطفل الذي يلعب معنا في مسجد حيّنا، نحفظ القرآن معاً، ونترافق للبيت معاً .. مرت السنوات وكبرنا معاً.. نتقاسم حبّ حلب والذكريات والآلام والأحلام.
ولكنه اليوم يقف أمامي رجلاً قائداً من قادة الثورة يتحمل مسؤولياتٍ ينوء عن حملها كثيرٌ من رجال الحرب المتمرّسين.

أما الثاني فكان الشيخ الجليل أبو يزن الشامي وقد عرّفني على نفسه بأدب راقٍ وتواضع مهيب.

أما الشهيد الثالث الذي شاركنا الاجتماع فكان الأستاذ المحامي محمد أمين عبد اللطيف عضو المجلس الانتقالي والذي استشهد من سنة تقريباً في قصف غادر للمجرم بشار.

ربما لن أستطيع أن أصف لكم مشاعري في ذلك الاجتماع الذي استمر قريباً من الفجر .. فكان مزيجاً من الفرحة والعزة وأنا أرى مثل هؤلاء الشباب يملكون كل هذا الحماس للثورة وكل هذا الشعور بالمسؤولية، وكانوا بحق مثالاً للمجاهد المسلم ..
ربما كانوا يحتاجون يومها لمزيد من وضوح الصورة في أذهانهم حول هذه الدنيا والسنن الكونية التي تحكم الإنسان والمجتمعات والتغيير، ولكنهم بصدق وحق كانوا يطلبون الحق ويبحثون عنه بكل قوة وعزة، ومن قرأ آخر ما كتبوه يعلم كم الشجاعة والإنصاف في نقدهم للأخطاء وطلبهم للحق والخير لسورية وثورتها.

تكررت اللقاءات والمكالمات والأعمال بيننا ومرّت سنوات .. وفي كل مرة أجد نضوجاً أكبر وهمّةً أعلى ومسؤولياتٍ أعظم يتحملونها بكل قوة وأمانة.
رحمك الله أبو أيمن الحموي يا أيها الصديق الغالي.
رحمك الله أبو يزن الشامي يا أيها العالم الصادق.

وفي هذه اللحظات المؤلمة يا أيها العريسان صبّر الله أهلكم .. ولن نحلّل ولن نبحث مَن قتلكم وكيف ولماذا ... بل سنقف بكل احترام لنقرأ الفاتحة على أرواحكم..
وسنمسح الدمعة التي أغرقت عيوننا ونقسم أمامكم غير حانثين بإذن الله.
والله العظيم .. والله ستعود سورية حرة موحّدة كما كنتم تحلمون .. واستشهادكم ليس نهاية ... بل بداية كبيرة جداً لغضبةٍ ستقلب الموازين وتشحذ الهمم لإسقاط المجرمين جميعاً، وكل من شمت بموتكم نقول له: اصبر ... اصبر .. ولا تتعجل قدرك.
فإنّ الله عزيز ذو انتقام.

ورسول الله بشّرنا وقال على لسان ربه: (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب)
أبشروا يا قومي فهؤلاء القادة الستون الذين استشهدوا من حركة أحرار الشام سيكونون باستشهادهم وتضحياتهم .. حافزاً لكل ثوار سورية ونبراساً سيضيء درب الوحدة والانصهار في مشروعٍ واحدٍ قادم ... سيقتلع كل قلاع الظلم والتكبر.
والله أكبر فوق كيد الكائدين.
الله أكبر

 

 

من صفحة الكاتب على فيسبوك

المصادر: