الفراعنة دائماً يحلمون

الكاتب : حسام كمال النجار
التاريخ : ١٥ ٢٠١٤ م

المشاهدات : 3354


الفراعنة دائماً يحلمون

استيقظ فرعون من نومه فزعاً ينادي في الحراس: يا حراس ائتوني بكل كُهان المعبد من فورهم، ائتوني بكل المنجمين أسرعوا هيا، انطلق الحراس يطلبون من الكُهان والمنجمين المثول أمام فرعون مصر، وفي هذه الأثناء كان فرعون يحدث نفسه بألف تفسير وتفسير لحلمه الغريب لكنه يريد التفسير الصحيح لما رآه وأقلقه، قاطعه أحد جنوده يستأذن دخول الكهان والمنجمين فأشار إليه برأسه أن أدخلهم، دخل الكهان والمنجمون فرمي بـحلمه بين أيديهم وطلب التفسير ليأتيه بأن صبياً ولد وعلى يديه هلاكه وهلاك ملكه.

 

جن جنون فرعون وأمر بقتل جميع المواليد الذكور الذين ولدوا مخافة على ملكه الذي يتمتع به، ويالها من أضحوكة في زمانه، فرعون الذي سيدَّعي أنه إله في أيامه القادمة يخشى من طفل عمره مجرد ساعات في الدنيا!

قَتَل الأطفال ولكن لم يكن يتخيل أن الطفل الذي على يديه هلاكه وهلاك ملكه سوف يُربي بين جدران ذلك القصر الذي رأى فيه حلمه والذي فُسِّر له أيضاً نفس الحلم بين أروقته.

ظن فرعون أنه تخلص من الصبي المطلوب وارتكب كل جريمة استطاع أن يقوم بها من أجل توطيد ملكه وقهر شعبه، سفك الدماء واستحيا النساء واستعبد الرجال ومع إمهال الله له كان يتمادى في فرعنته، حتى أذن الله بنبوة نبيه موسى عليه السلام فما كان منه إلا أنه تعامل مع الأمر كأنه منافسة، قال: هو يدَّعي أنه نبي وأنا ربكم الأعلى، فهكذا حماقة الفراعنة دوماً تدفعهم لاستحقاق لقب فرعون كاملاً دون نقص، وبعد كل الحجج والآيات يأذن الله بهلاكهم وقد أرسل الله لفرعون الكثير من الآيات البينات ولكن ظل فرعون متمسكاً بسلطانِ وعرش فرعنته حتى لو قتل كل من في بلدته وبقى يحكمها وحده وهي فارغة.

وبعد عدة سنين اكتمل فيها نضج فرعون تماماً ووصل لأقصى درجة يمكن أن يوصف بها الفراعنة حيث أنه علا في الأرض، وحان وقت قطافه قطاف عبرة وآية، قضى الله أن يغرقه بوزرائه وجنوده فقد كانوا أدوات ملكه الذي يظلم بهم ويحركهم كالدمى فيتحركون معه أهلكه الله وهو فرعونٌ كامل ولم يكن حينها نصف فرعون.

طويت صفحة فرعون مصر الأشهر ولكن في الأفق فراعنة يسيرون على خطاه لا يحيدون أبداً حتى أنهم يشبهونه في كونهم ينشغلون برؤاهم وأحلامهم، ولكن فراعنة هذا الزمان يختلفون عن فراعنة الأزمان السالفة ففراعنة هذا الزمان حين يرى أحدهم شيئاً في منامه يقوم هو بدور الكاهن أو المنجم ويفسره بنفسه لنفسه وإن أتاه أحد من أجل تفسير هذه الرؤيا فلن يفسرها إلا بأحسن وجه يكون، وإن كان متأكداً أن تفسيرها هذا خاطئاً ففراعنة هذا الزمان لا يقبلون أن يكون تأويل الرؤى هو هلاكهم وملكهم مثل هلاك فرعون الأول وملكه، يريدون أن يسمعون تفسيراً واحداً "مصر أم الدنيا وهتبقى أد الدنيا".


 

المصادر: