جهاد من الدرجة الثانية

الكاتب : عبد المنعم زين الدين
التاريخ : ٦ ٢٠١٦ م

المشاهدات : 2786


جهاد من الدرجة الثانية

سؤال:
أقاتِلُ .. ولكني لا أعرف ماذا سيؤول إليه شكل الدولة مستقبلاً فهل أنا مجاهد؟ وإذا قُتلتُ على هذا الحال فهل أنا شهيد؟

الجواب:
يحاول الغُلاة أن يشككوا الشباب في سورية بمشروعية جهادهم، إذا لم يتضمن النصّ على ما بعد إسقاط النظام، من شكل الدولة، ودستورها، مع أن التأصيل الفقهي للجهاد في سورية، أنه :"جهادُ دفعٍ، لدفع صيال مجرمٍ باغٍ، صال على النفس والدِّين والعِرض والمال والأرض"، وهو بهذا التأصيل من أشرف أنواع الجهاد، ولا يشترط له أي شرط، من وحدة الفصائل، أو التفاهم على شكل الدولة، أو غير ذلك من الشروط، خاصة إذا كان في مجتمع إسلامي، ثبت تمسكه بدينه، وحرصه على جهاده، ضد احتلال أجنبي، لا يعرف حُرمة للدِّين، ولا للعِرض، ولا للدماء المعصومة.
فمن قال لكم: إن الجهاد لمجرّد الدفاع عن الأهل والعِرض والمال والأرض، لا يُعدُّ جهاداً في سبيل الله؟ ألم يقل نبينا صلى الله عليه وسلم: (( مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ))
ومن قال لكم: إن الجهاد لمجرّد دفع صيال العدوّ، - دون التفكير لما بعده من شكل الدولة ودستورها- هو جهادٌ باطلٌ، أو جهاد من الدرجة الثانية؟ يقول ابن تيمية: ((وأما قتال الدفع: فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحُرمة والدِّين، فواجبٌ إجماعاً، فالعدو الصائل الذي يُفسد الدِّين والدنيا، لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان.)) الفتاوى الكبرى (4\608).
لا نقول ذلك لنشجع على قيام دولة علمانية، تُحارب الدِّين، وتقصيه عن مفاصل الحياة، إنما لكثرة ما نتج عن الخوض في هذه المسائل من خلافات، أعاقتْ وحدة الفصائل، وأثارتْ الضغينة والبغضاء بينهم، وفتحت الباب أمام الانشغال بالمزايدات التي لا نهاية لها، على حساب الانشغال بتوحيد الجهود لتحرير البلاد من المحتل الروسيّ، والإيرانيّ، وتخليص أخواتنا الحرائر من سجون الظالمين، وحجب صواريخ المجرمين، وقنابلهم، وطيرانهم، وبراميلهم، عن أطفال المسلمين ونسائهم وشيوخهم، ووقف نزيف التهجير البشري لأهل السنة من سورية.
فما من مسلم إلا ويتمنى أن تسود شريعة الله في الأرض، وتحكم كل مفاصل الحياة، لكن فرق بين الهدف والاستطاعة، استطاعتنا الآن تتركز على دفع القتل عن أهلنا، ومنع الاعتداء على أعراضنا، وطرد المحتل من بلادنا، ولا يمكن لنا - ونحن بهذه الحالة من عدم التمكين، ومن خذلان الأمة لنا، ووقوفنا منفردين أمام طغيان دول كبرى تستخدم ضدنا كل قوتها- أن نتحدث عن شكل الدولة، ودستورها، وقوانينها، ونحن لمّا نتحرر من الاحتلال بعد.
بالمختصر المفيد: " أسقطوا هذا النظام المجرم وعصابته، واطردوا المحتلّ الإيراني والروسي، ووفّروا الأمن للناس على دمائهم وأعراضهم وأموالهم وديارهم، ثم تنافسوا وتناقشوا وتفاهموا فيما بينكم حول ما تريدون، ولا تختلفوا على توصيف شيء لم تنالوه بعد، واقتسام مناصب لم تحوزوها بعد، فهذا هو الواجب الآن، الذي ينبغي ألا يشغلكم عنه أيّ شيء آخر".

 

 

نور سورية 

المصادر: