6 أشهر على حصار الوعر: جوع وقصف وتجار حرب

الكاتب : ريان محمد
التاريخ : ١١ ٢٠١٦ م

المشاهدات : 2714


6 أشهر على حصار الوعر: جوع وقصف وتجار حرب

يعيش عشرات آلاف المدنيين في حي الوعر الحمصي، آخر معاقل المعارضة السورية في مدينة حمص (وسط سورية)، شهرهم السادس من الحصار المطبق الذي يكاد يفقدهم أبسط مقومات الحياة، من مواد غذائية أهمها الخبز، إضافة إلى فقدان الوقود الذي يهدد بتعطيل المستشفيات، في حين أطلقت جهات معارضة عدة مناشدات استغاثة لفك الحصار عن الحي الذي يرى كثيرون أنه أسلوب يندرج ضمن تجارة المناطق المحاصرة.

في هذا السياق، يقول المتحدث باسم "مركز حمص الإعلامي"، محمد السباعي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع في الوعر يتدهور، يومياً، فالقوات النظامية والمليشيات الموالية لها تستهدف المدنيين عبر عربات الشيلكا (قتالية مجنزرة) وقذائف الهاون والدبابات، في حين قطعت القناصات أوصال الحي بسبب استهداف الطرقات الرئيسية والفرعية بالرصاص المتفجر".
أخطر القناصات:
ويوضح أن "أخطر القناصات موجودة في مستشفى حمص الكبير، (الوطني الجديد)، وبرج الغاردينيا، الملقب ببرج الموت، إضافة إلى قناصة الكلية الحربية - المستشفى العسكري، الموجودة بمنطقة الغابة - الجزيرة التاسعة، ومنطقة البساتين، أما عربات الشيلكا فهي موجودة بمنطقة البساتين والجزيرة التاسعة الملاصقة لقرية المزرعة الموالية للنظام".
ويلفت إلى أن الناس "تتجنب الطرقات المرصودة من القناصات، خصوصاً أن الوعر شوارعها طويلة، ما يجعل حمايتها من القناصة أمراً صعباً، وعلى الرغم من ذلك، قامت الفصائل المسلحة المعارضة برفع سواتر ترابية تؤمّن حماية نسبية من رصاص القناصة"، ويضيف أن "من أشهر القذائف التي يُقصف بها الوعر هي الأسطوانات المتفجرة المليئة بمادة الـ"تي أن تي" والسي فور ومواد متفجرة أخرى، وقطع حديدية وخردوات تتحول لشظايا مجرد انفجارها".
محاولات للتقدم:
ويشير السباعي إلى أن "النظام يكرر محاولاته للتقدم في الحي، معتمداً على عنصر المفاجأة، فبمعدل كل 10 أيام تقريباً، يكثف النظام قصفه للجزيرة السابعة في محاولة للسيطرة على أبنية أو أبراج لتضييق مساحة الحي المحاصر، وحين تفشل قوات النظام بالتقدم تقوم بتركيز القصف على هذه النقاط وتهدمها كاملة، كما حدث في برج الرفاعي".
وعن الواقع المعيشي في الحي المحاصر، يقول المتحدث باسم "مركز حمص الإعلامي"، إنّه "في السابق، كانت تصلنا الكهرباء لمدة ساعة واحدة في اليوم، لكن في الأشهر الأخيرة قطعت نهائياً"، ويضيف أنه "كما ظهرت، أخيراً، أزمة المحروقات، التي أصبحت شبه معدومة، حتى في المستشفيات الميدانية والدفاع المدني، لأن منع المحروقات بدأ منذ ثلاث سنوات".
وعن الوضع الغذائي، يقول إنه "مضت ستة أشهر على أهالي حي الوعر، منع النظام خلالها من إدخال الخبز وجميع المواد الغذائية والطبية، فاعتمد السكان على الكميات القليلة التي أُدخلت عبر المنظمات الدولية، واضطر أبناء الوعر إلى طحن الأرز والذرة البيضاء للحصول على الخبز". ويشير إلى أنّ هذا الوضع سيعجّل من نفاد المواد الغذائية الموجودة في المنازل، "في وقت تعيش فيه بعض العائلات على وجبة واحدة باليوم".
تفاقم الوضع:
ويضيف أنّ الوضع تفاقم بعد انقطاع حليب الأطفال منذ 6 أشهر، "ما دفع الأهالي إلى استبداله بطحن الأرز". عسكرياً، توجد في حي الوعر مجموعة من فصائل المعارضة، في مقدمتها حركة أحرار الشام، في حين تغيب القوى السياسية، أمّا المدنية فتكاد لا تذكر"، وفقاً للسباعي.
في السياق ذاته، تقول مصادر من داخل حي الوعر، لـ"العربي الجديد"، إن "المأساة مستمرة، لأن مصالح تجار وأمراء الحرب التقت من جميع الأطراف، إذ تقوم بين بعض الفصائل المسلحة وقوات النظام والمليشيات الموالية لها، تجارة معابر يتم من خلالها إدخال ما تريده هذه الفصائل، وليس ما يحتاجه الناس الذين يعيشون على سلة غذائية واحدة في اليوم، والتي تقدمها المنظمات الدولية بين الحين والآخر".
وتوضح هذه المصادر أن هناك معابر بين الطرفين لا تزال فاعلة، كمعبر المستشفى الوطني، الخاضع لسيطرة كتائب الهدى وقائدها يُعرف بـ"حنيش"، وهو من بدو الوعر، فضلاً عن معبر دوار المهندسين، ويتشارك فيه ما يسمى بـ"هيئة حماية المدنيين"، ويتزعمها أبو حيدر حاكمي، ولواء البراء الذي يتزعمه أبو شعلان، ويضاف إليهما معبر القواس في الوعر القديم، وهو بيد البدو، وأهم ما يدخل عبر هذه المعابر: المحروقات، والدخان، والبطاريات، فضلاً عن غلاء الأسعار لبعض المواد التي تبيعها حواجز هذه الأطراف، وفقاً للمصادر.
وتعتبر أن "النظام هو صاحب مصلحة كبرى في الحصار على أهل الوعر، إذ يحصل على حصة كبيرة من المساعدات الإنسانية التي تدخل عبر مناطقه إلى المناطق المحاصرة، توزع على مواليه ومقاتليه، كما أن الأموال التي تصل إلى المناطق المحاصرة بالقطع الأجنبي، تصب في النهاية بجيبه، إذ تعود الفصائل والمنظمات لشراء المواد من النظام بأسعار مضاعفة"، وتلفت إلى أن "الأموال التي تُجنى من هذه المعابر توزّع على مختلف القيادات ومستوياتها في النظام، ما يجعل المناطق المحاصرة بالنسبة له كالدجاجة التي تبيض ذهباً"، على حدّ تعبيره.
وترى المصادر ذاتها أن "الحل اليوم هو بيد النظام لو امتلك الإرادة والجدية، فيكفيه أن يفتح المعابر أمام الناس، معتمداً على التدقيق بتهريب السلاح حتى يسحب البساط من تحت أمراء وتجار الحرب، إلا أن شبكة معقدة من المصالح المشتركة لن تنتج حلولاً للمناطق المحاصرة خصوصاً، وسورية عموماً".

 

 

 

 

 

العربي الجديد

المصادر: