ثورة يتيمة لا قائد لها

الكاتب : عبد العظيم عرنوس
التاريخ : ٢ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 6785


ثورة يتيمة لا قائد لها

ابتعث الله الثورة السورية لتخرج الشعب من قمقم العبودية إلى فضاء الحرية، ومن دولة الظلم إلى دولة العدل، وجاءت هذه الثورة على أمر قد قُدِر، يحوطها الله ويرعاها، ويسوقها إلى مرساها.. والأمر اللافت للنظر حقا أن هذه الثورة إلى يومنا هذا لا قائد لها، ولا ربَّان يسير بها صوْب وجهتها، ويقوم على شؤونها، ويخطط لها، ويمشي بها ومعه إلى بر الأمان، وشاطئ النجاة..

 

 

والدارس لجميع الثورات القديمة والحديثة يجد لكل منها قائدا علما بارزا يتحدث باسم الثورة، ويؤمن بها، ويبين أهدافها، وينظم أمورها، ويمنع الاضطراب والفوضى، ويقودها نحو مقصدها الذي قامت من أجله..
فالقيادة هي:

عملية التأثير في الآخرين من أجل تحقيق أهداف الأمة.. فوجود القائد إذن ضرورة شرعية وقاعدة اجتماعية، لا يجوز إهمالها وتجاهلها بحال من الأحوال؛ لأن القيادة هي صمام الأمان الذي يضبط أمور الثورة، ويمنعها من حرف مسارها أو إجهاضها.
روى الطبري في تاريخه أن عمرو بن حريث قال لسعيد بن زيد -رضي الله عنه-: أشهدت وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم. قال: فمتى بويع أبو بكر؟ قال: في اليوم الذي مات فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم، كرهوا أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة!
وهذا يدل على الدور الحضاري الرائد لصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإدراكهم للخطر الداهم لو أمضوا بعض يوم بدون قيادة. وفي سنن أبي داود عن نافع عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمّروا أحدهم".
قال نافع: فقلنا لأبي سلمة فأنت أميرنا.. فانظر حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على وجود القائد حتى ولو لثلاثة أفراد في السفر، وأعجب لسرعة استجابتهم لتنفيذ الهدي النبوي.
والثورات في عصرنا الحديث كلها كان لها قادة بارزون، ولعل من أشهرهم عز الدين القسام السوري المولد، أحد قادة الثورة السورية الأولى 1919، المناضل ضد الاحتلال الفرنسي في سوريا، المتشوّق للجهاد في ليبيا ضد الطليان لولا أن منعته السلطات السورية من تحقيق رغبته آنذاك، الرابط بين خطر الكيان الصهيوني والاحتلال الإنكليزي لفلسطين، حيث كان المحرك للجماهير من خلال الإسلام، وتنظيمه لأمور للجهاد، مرورا بالقائد الأمير عبد القادر الجزائري، إلى عبد الكريم الخطابي في المغرب، وصولا إلى القائد الفذ عمر المختار في ليبيا..
وهكذا ندرك فريضة وضرورة وجود قائد للثورة السورية اليتيمة، وهذا هو واجب الوقت، وما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وبقاء الأمر على ما هو عليه خطير جد خطير.. فثورة بدون قائد ملهم بصير قوي أمين قد يكون مصيرها الفشل، فهل يتنادى العقلاء والحكماء لابتعاث القائد المحنَّك الفذ.. أم ستبقى ثورتنا بدون قائد ؟؟!!
يقول الشاطبي -رحمه الله- في "الموافقات": قول الفقهاء في فروض الكفاية: إنها واجب على الكفاية، فإن قام بها البعض سقط الوجوب عن الآخرين، وإن لم يقم بها أحد أثموا جميعا، القادر: لأنه قصَّر، وغير القادر لأنه قصَّر فيما يستطيعه، وهو التفتيش عن القادر وحمله على العمل، وحثه وتشجيعه، وإعانته على القيام به؛ بل إجباره على ذلك.

 

المصدر: رابطة العلماء السوريين

المصادر: