وادي بردى..رئة دمشق و روضتها الغناء

الكاتب : أسرة التحرير
التاريخ : ٣١ ٢٠١٧ م

المشاهدات : 8739


وادي بردى..رئة دمشق و روضتها الغناء

الموقع والجغرافيا:
تقع منطقة وادي بردى شمال غربي دمشق في سلسلة جبال لبنان الشرقية، وهي تبدأ من منطقة جديدة يابوس التي تتضمن المعبر البري السوري إلى لبنان عند نقطة المصنع، وتمتد شمالاً حتى سلسلة القلمون الغربي. ويسكن الوادي أكثر من 200 ألف نسمة يعملون في القطاعات السياحية والزراعية والتهريب عبر الحدود اللبنانية.
تتبع منطقة وادي بردى قطاع القلمون في الشمال الغربي للعاصمة السورية دمشق، وهي ذات طبيعة جبلية قاسية وعلى اتصال مباشر مع السلسلة الغربية لجبال لبنان، وتشكل أهم منطقة مصايف وسياحة في ريف دمشق.
ويقع نهر بردى بريف دمشق الغربي، وينبع من الزبداني، ويصب في بحيرة العتيبة قاطعاً 84 كيلومتراً، وتتكون منطقة الوادي من 13 قرية كانت فصائل الثوار تسيطر على تسع منها، وتتوزع قرى الوادي على أربع مناطق إدارية، هي: عين الفيجة، ومضايا، وقدسيا، والزبداني.
التسمية والتاريخ:
ارتبط اسم نهر بردى بمدينة دمشق، وكان للنهر كبير الأثر في حضارة المدينة عبر العصور، كما حظي النهر قديماً باهتمام الشعراء، ومن ذلك ما أورده الشاعر حسان بن ثابت في قوله:
يسقون من ورد البريص عليهم   بردى يصفق بالرحيق السلسل
كما جاء ذكر بردى في أشعار أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته "نكبة دمشق":
سلام من صبا بردى أرق   ودمع لا يكفكف يا دمشق
وذكر نهر بردى في الكثير من المراجع التاريخية لأهميته ويقول المؤرخ (ابن عساكر) إن نهر بردى كان يعرف قديماً باسم نهر باراديوس بمعنى نهر الفردوس، وأطلق عليه الإغريق اسم نهر الذهب.
الطبيعة والمكانة الجمالية:
تعد المنطقة لارتفاعها مركزاً سياحياً، وتشكل الخزان المائي للعاصمة السورية، وتتضمن الأنهار، بينها نهر بردى الذي ينبع في الجبال شمال غربي مدينة دمشق وعلى مقربة من الزبداني، ويسير بين الجبال متعرجاً ناشراً في طريقه الخصب والطبيعة الجميلة، وصولاً إلى منطقة ربوة دمشق، فضلاً عن ذلك، يسير في وادي بردى خط القطار التاريخي الذي يسمى «قطار المصايف»، حيث ينطلق خط القطار من دمشق عبر وادي بردى إلى الحدود اللبنانية وتحديدًا إلى رياق، وكان قد أنشأه العثمانيون في مطلع القرن العشرين، على أن تمتد سكة الحديد إلى حلب عبر الأراضي اللبنانية في البقاع في شرق لبنان، إلى حمص ثم حماه وحلب.
وتشكل منطقة وادي بردى أهم منطقة مصايف وسياحة في ريف دمشق حيث يوجد أعرق المصايف الدمشقية مثل دمّر والهامة وعين الخضرة وعين الفيجة، بجانب الكثير من مناطق السياحة الواقعة ضمن خط سير الوادي، وتتناثر فيها المطاعم ومواقع النزهة والفنادق بين السلاسل الجبلية. وعلى جنبات الوادي بالذات يوجد الكثير من المصايف السورية العريقة وعشرات المطاعم والمقاهي، من المعالم المهمة فيها مصيف بلودان الشهير المتربع على رأس الجبل، إضافة إلى الزبداني وبقّين الشهيرة بمياهها الصحية.
الأهمية الاستراتيجية:
وتحظى منطقة وادي بردى بأهمية كبيرة بالنسبة للنظام، كونها المنطقة الوحيدة التي كانت ماتزال خارج سيطرته، وتصل دمشق بطريق بيروت، إضافة إلى أهمية نبع عين الفيجة الذي يعد مصدر المياه الوحيد لستة ملايين نسمة يقطون مدينة دمشق، وكان يشكل ورقة ضغط كبيرة في يد الثوار، وقد استخدموه أكثر من مرة للضغط عليه لإيقاف القصف على قرى وبلدات الريف الدمشقي، ما دفعه للتجهيز لحملة واسعة لبسط سيطرته عليه.
من أهم قراها:
عين الفيجة:
تقع بلدة عين الفيجة غربي مدينة دمشق وتبعد عنها نحو 24كم، على ارتفاع 860 م عن سطح البحر، ضمن وادي بردى الضيق، وتمتد بين سلاسل جبلية شاهقة: الهوات من الشمال (ارتفاعه 1540م)، والقلعة من الغرب والشمال الغربي (ارتفاعه 1250م)، والقبلي، ذو انحدار شديد، من الجنوب (ارتفاعه 1225م).
تشتهر البلدة بينابيعها ومنها: عين دورة، عين الويات، عين السادات وأهمها نبع الفيجة (ينبع من جبل القلعة) الذي يزود مدينة دمشق بمياه الشرب (وسطي غزارته 8م3/ثا)، وهو الذي أعطى البلدة اسمه.
المنطقة بعد الثورة:
خرجت منطقة وادي بردى عن سيطرة النظام منذ العام الثاني للثورة السورية -التي انطلقت في مارس/آذار 2011- وباتت تحت سيطرة الثوار سكان المنطقة، مما جعلها تتعرض لانتقام كبير من النظام السوري فقصفها بالبراميل المتفجرة، وشدد الحصار عليها واعتقل عدداً من أبنائها على حواجز التفتيش، وهو ما دفع فصائل المعارضة لوقف ضخ المياه إلى العاصمة.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2016 عاودت قوات النظام السوري ومليشيا حزب الله قصفهما القرى السكنية في منطقة وادي بردى، مما أدى لسقوط عشرات الضحايا وإحداث دمار كبير شمل مضخات المياه.
واستهدف القصف نبع عين الفيجة في وادي بردى، مما تسبب في خروجه عن الخدمة، وأدى إلى قطع مياه الشرب عن منطقة الوادي والعاصمة دمشق ومناطق أخرى في ريفها.
التهجير القسري:
تعرضت قرى وادي بردى لحملة قصف وحشية استمرت 38 يوماً، أفرغت خلالها قوات النظام وميلشيات حزب الله جام حقدها الطائفي، وحولت جمال الطبيعة وبهائها إلى ركام وأنقاض، حيث ألقت مروحيات النظام مئات البراميل المتفجرة وقذفت مدفعياته المنصوبة فوق الجبال المطلة على قرى الوادي بآلاف القذائف المدفعية وصواريخ الفيل، فضلاً عن مئات الغارات التي شنها الطيران الحربي بالقذائف الفراغية والارتجاجية والعنقودية.
ولم يهدأ القصف الهستيري طوال 38 يوماً، وطال القصف منشأة مياه نبع عين الفيجة وأخرجها عن الخدمة، بعد أن دمر مضخاتها، كما طال المراكز الحيوية من مشاف ومدارس ومساجد، مما اضطر بلجنة الحي للقبول باتفاق يقضي بتهجير أهالي المنطقة وثوارها إلى إدلب شمالأً.

 

 

المصادر:

مديرية الآثار والمتاحف
ويكيبيديا

 

المصادر: