"دراسات المنبر" مسابقة بحثية للخطباء السوريين

الكاتب : خليل مبروك
التاريخ : ١٩ ٢٠١٥ م

المشاهدات : 2354


لعل تحرر أئمة وخطباء المساجد في سوريا من عتق الرقيب يُعد واحدا من أهم مكتسبات الثورة، حيث أصبح بإمكانهم مخاطبة الناس في مواضيع تهم الأمة وأبناءها بدلا من خطب تخدم أجندة الحاكم وتكرس جلوسه على الكرسي.

 


أجمع أئمة وباحثون وأكاديميون على أن الثورة السورية المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات قد حررت الخطباء السوريين من قيود الضغط والرقابة، وأطلقت قدراتهم وجعلتهم أكثر قدرة على تلمس هموم المصلين ومحاكاة احتياجاتهم.
جاء ذلك في حفل لتكريم المشاركين بالمسابقة السنوية الأولى لمشروع دراسات المنبر التي نظمتها رابطة خطباء الشام بمدينة إسطنبول التركية، أمس الجمعة، برعاية مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات الإنسانية (راف) في قطر.
ويهدف المشروع -وفق منظميه- إلى تعميق قدرات البحث العلمي لدى الخطباء وتوجيههم وتأهيلهم علمياً ودعوياً وميدانياً بما يلبي احتياجات المواطنين للإرشاد والوعظ الديني.
وقال المدير التنفيذي لرابطة خطباء الشام -التي تأسست عام 2012- إن مشروع دراسات المنبر سيثري المكتبة العربية بالبحوث العلمية المؤصلة، وسيؤدي إلى تحفيز الخطباء على الكتابة والبحث. وأوضح ياسر مقداد أن ثلاثين خطيباً من الداخل السوري والشتات شاركوا في الأبحاث التي قدمت منها عشرون خطة، خضعت 15 منها للتحكيم، وفازت منها عشر بتكريم اللجنة المنظمة للمؤتمر.
ووصف مقداد، بحديثه للجزيرة نت، إقبال الخطباء السوريين على المسابقة بالجيد، وقال إن جميع المتسابقين الفائزين من المناطق المحاصرة، فالفائزون بالمراكز الثلاثة الأولى من الريف الشمالي في حمص الذي يتعرض للقصف يوميا.
وقال أيضا إنه لا يمكن النظر لدور المنبر في المجتمع السوري دون الانتباه لطبيعة الحقبة السابقة التي عانى فيها الخطباء من "التخدير" والحيلولة بينهم وبين ممارستهم لأي دور حقيقي في التغيير والإصلاح، مبينا أن هذه المرحلة تشهد ترميم هذه الحالة.
وأكد أن هذه المسابقة وجدت لتستمر بعد أن لمس الجميع أهمية هذا المشروع وقدرته على النهوض بواقع المنابر في سوريا، مشيرا إلى الإعلان عن إطلاق المسابقة الثانية ضمن ذات المشروع.
وكان الحفل قد شهد حضورا لافتا من رجال والوعظ والإرشاد في سوريا والعلماء السوريين والعرب، الذين تحدثوا عن أهمية إحياء دور منابر المساجد بالمجتمعات العربية وحاجة المجتمع السوري لإرشاداتها في ظل تعدد الرؤى واختلاف الرايات.
وأجمع المتحدثون على ضرورة انتقاء المواضيع البحثية بعناية لتنعكس على أداء الخطباء، مشيدين بالتفاتة مؤسسة راف القطرية لدعم هذا الجانب رغم انشغالها بسد الاحتياجات الإنسانية الناجمة عن استمرار القتال في الداخل السوري.
أما طالب الدكتوراه في الشريعة بجامعة دمشق محمد نور حمدان، فقال للجزيرة نت إن الثورة حررت الخطباء من الضغط الأمني، فباتوا قادرين على النطق بالحق بعيدا عن الضغط السياسي والرقابة الأمنية، الأمر الذي ساهم في ظهور الأفكار الإبداعية التي تثري المنبر وخطبة الجمعة.
وأوضح حمدان، وهو باحث بمركز شامنا للدراسات والأبحاث الشرعية في حلب، أنه فاز ببحثه الذي يحمل عنوان "توظيف خطبة الجمعة في معالجة الاختلالات الفكرية.. خطاب الأنبياء نموذجا" مشيرا إلى أنه اختار الكتابة في الجانب الذي يهتم به.
من جهته، رأى الدكتور جمال الفرا (عضو رابطة خطباء الشام والمحكم بالمسابقة) أن أهمية الدراسات المنبرية تكمن في حاجة المنابر إلى الشخصيات المتميزة من الخطباء القادرين على الارتقاء إلى مستوى نظرة الناس لهم كي يفهموا المجتمع ويعرفوا كيف يخاطبونه.
وأشار الفرا -بحديثه للجزيرة نت- إلى أن الثورة بدأت من المنابر التي "حفزت الناس على الخروج على الظلم والطغيان" مبينا أن ذلك يظهر أهمية دور هذه المنابر وحاجة المجتمعات المسلمة لتفعيلها.
وأوضح أن تخوفات كثيرة كانت تحف بداية المشروع نظرا للانشغال الهائل بالاحتياجات الإنسانية وصب الجهود على النشاط الإغاثي الذي لم يكن أحد يرى أنه يترك مجالاً للاحتياجات الفكرية، لكن "المجازفة تحولت بالعمل والجهد ورعاية أهل العطاء إلى واقع".

 

 

 


الجزيرة نت

المصادر: