سيدي خالد بن الوليد

الكاتب : سلوى الوفائي
التاريخ : ٢ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 6339


سيدي خالد بن الوليد

 لقد وضعوا سيفك في المزاد العلني، و حصانك في معتقلات الأصالة، نستحضر تاريخك، و نبحث فيه عن رجل، و نحن نئنّ بين يدي عجزنا، و تشرذمنا، و في الطرف الأقصى من القارة العربية يشربون القهوة العربية و يجزلون العطاء لشاعر الخليفة، لا سبيل لنا وقد تقطعت بنا السبل، سوى أن نستحضر السادة موتانا لعلّهم يغيثوا الأحياء , فمن يدري لعلنا نحن موتى... احتمال.

 

ما المشكلة حين نستحضر رجالنا في لعبة الحطام و نبكي فقد طفلة ذبحت فوق الأرض الحائرة بين ثقافة الجرذان وثقافة البنفسج؟ لا أملك روحاً أسكبها على ضفاف الموت لإنني مجرد موظفة لدى ربّة عمل تدعى... (الشهادة).‏ يا سيدي، الكلّ يتناحر، ليكسب شبراً من أرضٍ وطأتها قدماك، فهل ضاقت بهم الأرض حتى يسرقوا منّا وقع خطوك فوق هذه الأرض الحزينة؟ من يقنع الأوغاد أن الكون يتسع لهم بعيداً عنّا، من يحجز لهم إقامة دائمة على ذرا المريخ؟ منذ أن نزفت أوردة الأرض نفطاً ونحن نشتري السراب، تلو السراب، تلو السراب.‏ تأمل جيداً، وقل لنا ماذا نفعل في هذا الفائض من السراب الذي يتكدس تحت ثيابنا؟ و هذا المخزون الاحتياطي من الدمع الذي يسكن مآقينا؟‏ (أولئك الذين يستطيعون شراء الكرة الأرضية) يتوّحمون على هويتنا، لا نريد أن ندخل في لعبة القياصرة. لا نريد أن ندخل حرباً الكلّ فيها خاسر إلّا الشهيد، عقولنا المتعبة لا تحتمل كل هذا العناء. ما نبتغيه أن يكون ثمة مكان لأقدامنا -أو لصراخنا- في هذه القرية الكونية التي تضيق علينا، قد وصل صراخنا إلى الله تعالى، لكن مستقبلات الصوت الأرضية عاجزة عن التقاط الإشارة، هل هذه إذاً صرخة موتنا؟ سيدي خالد، في عيوننا قصة أخرى غير قصة المعارك الكبرى، و في جعبتنا سهام غير سهامك، و في وجعنا دمعتين تسابقتا إلى اليرموك فوق أديم أرض تحثنا أن نتعلم فنّ المشي حفاة....يتدلى الصقيع على شرفات القلب، فهل أعرتنا معطفك نستدفأ به؟ سبائك الذهب تحت أقدامنا العارية، من يقوى على وأد الذهب سوى أنامل حريرية كأنامل أخت الشهيدة راما البرغوث، أنثى لعصر يبحث عن فحولة، أنثى تلحد كالرجال، فمن يلحد عار اللحى التي طالت و طالت....و من يضرم النار في عمائم عامت فوق أرواحنا المتعبة حدّ الارتجاف، من غير هذه الأنامل يقدر أن ينسج من الدمع بساط الأمل و وشاح المستقبل؟ إذا كانت حقول النفط عالة علينا، كما نسمع و نرى، لأنّ الآخرين يلاحقوننا بالقاذفات من أجلها، وإذا كنّا أقلّ شأناً، و أكثر جهلاً من أن نعرف كيف نستعملها بمنطق الألف عام قادمة لا بمنطق الألف ليلة وليلة عابرة، فلماذا لا نضرم بها ناراً - و نلقيها عن كاهلنا؟‏ متى تتنفس القبور الصعداء؟ و تغفو سبائك الذهب فيها قريرة؟ أجل، إنّنا قادرون على رمي هذا الحمل عن أكتافنا؟ لكن هل نرمي هذا الوطن؟ لا و ألف لا ....

المصادر: