دمشق تخسر مقوّمات الحياة

الكاتب : رامي سويد
التاريخ : ٤ ٢٠١٤ م

المشاهدات : 2862


دمشق تخسر مقوّمات الحياة

تتوالى الأزمات في العاصمة السورية دمشق، التي يسيطر عليها النظام، في الأيام الأخيرة، وبدأت تعاني من انقطاع الكهرباء المتواصل عن مناطق واسعة فيها، إثر الاشتباكات المستمرة في حقل الشاعر، شرقي حمص، أحد أهم حقول الغاز، بين تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وقوات النظام السوري.

 


وترافق ذلك مع انقطاع كامل للمياه عن المدينة، بسبب إيقاف قوات المعارضة المسيطرة على نبع الفيجة، الذي يغذي العاصمة، ضخّ المياه، قبل حولى أسبوعين، ولم تنه معاودة ضخ المياه يوم الأربعاء الماضي الأزمة كون هذا الأمر متعلق بمدى تطبيق بنود الاتفاق الذي توصّلت إليه كلّ من قوات النظام وكتائب المعارضة.

والذي يتضمن إنهاء الحملة العسكرية على قرية بسيمة وبلدة عين الفيجة في وادي بردى، مقابل قيام المعارضة بإعادة ضخ مياه نبع الفيجة إلى دمشق.
نقص هائل في إمدادات الكهرباء:
كما تستمر الأزمات المعيشية اليومية، المتعلقة بالازدحام المروري والهجرة وارتفاع الأسعار، وتشهد العاصمة السورية نقصاً هائلاً في إمدادات الكهرباء، ما دفع شركة الكهرباء إلى إقرار برنامج تقنين غير مسبوق، وصلت ساعاته في معظم أحياء العاصمة إلى عشرين ساعة، ليقتصر وصول الكهرباء إلى أحياء رئيسية في دمشق على أربع ساعات في اليوم فقط.
ويعود ذلك إلى توقف إنتاج معظم شركات استخراج الغاز الطبيعي، الذي تعتمد عليه محطات توليد الكهرباء في ريف دمشق، في إنتاج الطاقة الكهربائية، ذلك أن تواصل الاشتباكات في حقل الشاعر، أدّى إلى توقف عمل الشركات المنتجة.

وعلى الرغم من استعادة قوات النظام السيطرة على الحقل، غير أنها لم تتمكن من تشغيله بعد، لنظراً للأضرار الكبيرة التي لحقت به، والذي لم تتمكن فرق الصيانة من معالجتها، بسبب استمرار الاشتباكات.
وانعكس انقطاع الكهرباء في العاصمة سلباً على عمل مؤسسات الدولة والشركات الخاصة وخدمات الانترنت والاتصالات، وباتت جميعها تعاني من انقطاعات متواصلة لأوقات طويلة، الأمر الذي أوقف معظم أسباب الحياة في العاصمة، التي سعى النظام السوري إلى إبقائها خلال السنين الأخيرة، بعيدة قدر الإمكان عن أصداء الحرب الدائرة في محيطها.
ويوضح المهندس سامي نجار، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "النظام السوري لن يكون بمقدوره هذه المرة تجاوز أزمة الكهرباء بسهولة، ذلك أن محطات توليد الطاقة الكهربائية في البلاد تعتمد على الفيول والغاز في عملها، وقد فقد النظام السوري السيطرة على معظم آبار النفط التي تؤمن مادة الفيول في السنتين الأخيرتين.

كما فقد أخيراً السيطرة على أهم منابع الغاز الطبيعي، الأمر الذي جعل إنتاج البلاد من الطاقة الكهربائية يتراجع من تسعة آلاف ميغا إلى أقل من ألف ميغا في الأيام الأخيرة فقط".
وأضاف "كما يواجه النظام السوري مشاكل كبيرة في الفترة الأخيرة في تأمين البديل عن الإنتاج المحلي، إذ تعوّق صعوبات النقل والدفع بالعملة الأجنبية عملية شراء النظام للمشتقات النفطية والغاز الطبيعي من إيران وروسيا".
معاناة سكان العاصمة:
إلى ذلك، يعاني سكان العاصمة السورية من صعوبات كبيرة في تأمين الغاز المنزلي، الذي يعتمدون عليه في الطبخ والتدفئة، بعد انقطاع الغاز من مراكز التوزيع الحكومية، وتضاعف أسعاره في السوق السوداء، كما أسعار باقي المحروقات.

علماً أن المشكلة غير محصورة في العاصمة فقط، بل في مختلف المناطق التي يُسيطر عليها النظام السوري، في مقابل توفر المحروقات، وبأسعار مقبولة نسبياً، في مناطق سيطرة "داعش"، وفي مناطق سيطرة قوات المعارضة السورية.
ولا تقتصر الأزمات على المحروقات، بل فقدت العاصمة إمدادات المياه، السبت الماضي، بعد قطع قوات المعارضة مياه نبع الفيجة، الذي تعتمد عليه العاصمة، رداً على الهجوم الذي تشنه قوات النظام على منطقة وادي بردى، في الشمال الغربي من دمشق.
وفي ظلّ معاناة أحياء العاصمة من نقص شديد في المياه، يوضح الناشط زكريا محي الدين، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "شركة مياه دمشق قامت بالاعتماد على آبار محلية، يتم تشغيلها بمضخات لملء خزانات المياه التي تغذي أحياء العاصمة، إلا أن الآبار تتمتع بقدرات ضخّ منخفضة، قياساً بغزارة مياه نبع الفيجة. كما أن المضخات تعمل على الكهرباء التي تتوفر لأوقات قصيرة يومياً".
وعدا عن نقص المياه والكهرباء والمحروقات، فإن الازدحام المروري بات يضغط بشكل كبير على سكان دمشق، بعد أن نشرت قوات النظام عشرات الحواجز الأمنية والعسكرية في شوارع العاصمة وساحاتها، منذ أكثر من سنتين، فضلاً عن قيامها بإغلاق طرقات رئيسية، تتواجد فيها أفرع استخبارية ومقرات أمنية تابعة لقوات النظام.
وأدّى كل ذلك إلى انتشار زحمة السير في شوارع العاصمة. ومنع هذا الوضع الموظفين وطلاب الجامعات من التوجه إلى أماكن عملهم ودراستهم، بسبب التأخير الكبير الذي يسببه انتظار السيارات في طوابير طويلة، للمرور من نقاط التفتيش العسكرية والأمنية.
وباشر بعض سكان دمشق استخدام الدراجات الهوائية للتنقل داخل العاصمة، بدلاً من استخدام وسائل النقل العامة، التي بات ركوبها يسبّب تأخيراً كبيراً، واحجامهم عن استخدام السيارات الخاصة، التي لا يتوفر الوقود اللازمة لتشغليها أحياناً.
مسارات خاصة:
وقد خصصت بلدية دمشق مسارات خاصة للدراجات الهوائية في شوارع العاصمة، كما قامت بحملة تسويق لاستخدامها بعد أن كانت قد منعت ركوبها مع بداية شهر أيار/مايو الماضي مع تدهور الوضع الأمني في المدينة في حينه.
تتراكم الأزمات في العاصمة السورية، المترافقة مع سماع سكانها لأصوات الاشتباكات والقصف المستمر من قبل قوات النظام السوري على ضواحي دمشق، التي تسيطر عليها قوات المعارضة، ويستمر كل ذلك مع تدفق اللاجئين من ريف دمشق إلى المدينة، التي بات أغلب شبابها خارج البلاد، هرباً من الخدمة الالزامية في قوات النظام.
وبات من تبقى من سكان دمشق في الأيام الأخيرة، يعلم جيداً أن النظام السوري أصبح عاجزاً عن تغطية التراجع المستمر في مستوى الخدمات الأساسية التي يحتاجها السكان، وباتوا يشعرون يومياً بأن الأسوأ لم يأت بعد، مع ظهور علامات الانهيار الكامل للبنية الخدمية في العاصمة السورية، التي حاول النظام السوري تحييدها عن الصراع المستمر في البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات.

 

 


العربي الجديد

المصادر: