مساكن برزة.. بركان يكاد ينفجر في وجه الشبيحة

الكاتب : نيوز سنتر
التاريخ : ٢٨ ٢٠١٢ م

المشاهدات : 4262


مساكن برزة.. بركان يكاد ينفجر في وجه الشبيحة

دمشق تتحضر للمعركة الحاسمة عبر محور يمتد من شمال شرقي إلى جنوبي غربي
لا يمكن لعادل، وهو موظف يقيم  في دمشق، أن يصل إلى مكان عمله في الوقت المحدد. عليه أن يتوقف ويخضع للتفتيش على أكثر من 11 حاجزا أمنيا، قبل أن يصل إلى المكان الذي يقصده.
حال عادل يتشابه مع أحوال مئات الآلاف من الدمشقيين الذين بات عدد كبير منهم يفضلون المكوث في البيت متجنبين التعرض للإذلال والمهانة على حواجز النظام السوري.
وينتشر في شوارع العاصمة عدد كبير من الأمن والشبيحة يقطعون الطرقات بحواجز ثابتة وطيارة، يوقفون الناس، يدققون في هوياتهم الشخصية ويخضعونهم للتفتيش الدقيق.

 


ويقول أحد الناشطين في العاصمة "إنه وعلى الرغم من كثرة الحواجز الأمنية والانتشار الواسع للشبيحة، إضافة إلى اعتلاء القناصة لمعظم أسطح الدوائر الحكومية، فإن القوات المعارضة لا تزال تنجح في اختراق الحصون الأمنية للنظام وإحداث أضرار بها".
وتعيش العاصمة السورية هذه الأيام أوضاعا استثنائية، إذ تعزز القوات النظامية نقاط تمركزها وتواصل قصف المناطق الثائرة، فيما المعارضة تتحضر لمعركة حاسمة تخوّل لها الوصول إلى وسط المدينة.
ويجيب أحد سكان العاصمة دمشق عن سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول الأوضاع الميدانية هناك "لا يوجد مكان آمن في العاصمة. كل الأحياء معرضة إما لاشتباكات مفاجئة بين المعارضة والنظام أو للقصف من قبل طائرات النظام". ويضيف" حتى الأحياء الراقية لم تعد بمنأى عن الحرب الدائرة في المدينة، لقد استهدف منذ مدة حي أبورمانة الراقي المعروف بالتحصينات الأمنية المحيطة به".
وكانت قذيفة هاون قد سقطت الأسبوع الماضي في حي أبو رمانة الراقي شمال شرقي دمشق، ويضم الحي مقار السفارات، كما أنه قريب من مكاتب المقر الرئاسي، مما تسبب في مقتل شخص وإصابة آخرين بجروح، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. ولم يذكر المرصد مصدر القذيفة، إلا أن مصدرا أمنيا في العاصمة السورية أوضح أن مصدرها مجموعة مقاتلة معارضة للنظام. وذكرت مصادر أن القذيفة استهدفت حافلة تابعة لعيادة طبية متنقلة كانت مركونة قرب حديقة المدفع المواجهة لنقابة الأطباء في وسط حي أبو رمانة.
وانتشرت العديد من حواجز الشبيحة في حي مساكن برزة الذي يتوسط عدة أحياء دمشقية ثائرة (القابون، برزة وركن الدين) كمحاولة لقطع الاتصال بين هذه الأحياء وشهد العديد من حالات إطلاق النار مما حول الغليان الصامت في الحي إلى بركان يكاد ينفجر في أي لحظة بعد اختطاف العديد من المارة في الحي التجاري الذي يحتوي خليطاً من سكان الريف والمدنية الذي لجأوا إليه لهدوئه نسبياً فضلاً عن قاطنيه القدامى من الموظفين والعراقيين والصوماليين والنازحين من الجولان.
وتضم دمشق التي يتجاوز عدد سكانها 3 ملايين نسمة نحو 17 حيا، لا تزال كلها في أيدي القوات النظامية، غير أن هناك جيوبا للثوار لا تزال تتمركز في جنوب العاصمة وشرقها.
ويقول أحد الناشطين "إن اتصال المناطق الجنوبية جغرافيا مع مناطق الريف يساعد كثيرا على صمود الثوار فيها، إذ تعتبر مناطق الريف قواعد خلفية للمجموعات المقاتلة، منها تأتي المعونات والمساعدات والأسلحة" ويضيف الناشط "نسعى للوصول إلى وسط العاصمة عبر محور يمتد من شمال شرقي إلى جنوب غربي دمشق"
وتتكون منطقة جنوب دمشق التي تعد معقل المعارضة المسلحة في العاصمة من أحياء الحجر الأسود والتضامن والقدم ويلدا، إضافة إلى مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين.
ويرى الناشط المعارض أن "النظام السوري بات يخشى بشكل جدّي سقوط العاصمة بيد الثوار، لا سيما بعد ما حصل في حلب التي كان يعتبرها حصنه الثاني".
ويؤكد علاء، وهو أحد القاطنين في حي كفرسوسة، أن «المدينة تتحضر لمعركة كبيرة»، مضيفا «كلا الطرفين يحشد قواته وينتظر ساعة الصفر»، موضحا أن النظام يحاصر العاصمة براجمات الصواريخ ويستقدم حافلات من الشبيحة من المحافظات الأخرى.
ويشير علاء إلى أن قوات النظام «تغلق مداخل المدينة في بعض الحالات بحيث تمنع الدخول والخروج منها، وذلك بسبب الخوف من حدوث أي تحوّل مفاجئ».
ويتخوف علاء من حدوث صدامات طائفية بسبب "حالة الاحتقان التي تعيشها دمشق في الوقت الحالي"
وتدور المعارك بين الجيشين الحر والنظامي في مناطق مختلطة طائفية.
ففي حي القابون (شمال شرق) الذي يقطنه سنة وعلويون، تحدث عمليات كر وفر بين الطرفين، وكذلك حي القدم (جنوب) المختلط أيضا بين سنة وأقلية علوية، أما في مناطق عربين وداريا وجرمانا وصحنايا التي تشهد عمليات واسعة منذ أشهر فيتألف نسيجها السكاني من سنة ومسيحيين وعلويين ودروز.
وأكثر الأحياء توترا في العاصمة برزة (شمال)، والقابون، وركن الدين (شمال)، وبساتين المزة (غرب)، وجوبر (شرق)، والقدم (جنوب)، وكفرسوسة (جنوب غرب)، والتضامن (جنوب شرق)، ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين (جنوب).
ويقول أبو أحمد الميداني، وهو قائد إحدى المجموعات التابعة للجيش الحر، إن "المعارضة السورية تعد العدة والخطط الميدانية للتغلغل أكثر في دمشق بهدف خوض المعركة الحاسمة مع نظام الرئيس بشار الأسد".
وكانت العديد من المعلومات قد تقاطعت عن اجتماعات عقدت في تركيا جمعت قيادة "الجيش السوري الحر" وأجهزة استخباراتية وعسكرية من دول عربية وغربية لبحث كل التفاصيل اللوجيستية اللازمة لدعم معركة دمشق، كاشفة أن بعض مجموعات "الجيش الحر" تسلمت صواريخ مضادة للمدرعات وصواريخ "أرض – جو" لإسقاط المروحيات التي يمكن أن تستخدمها قوات الأسد لمنع الثوار من دخول العاصمة.
ويشير أبو أحمد الميداني إلى أن "معركة دمشق ستكون فاصلة وستعجل بإسقاط الأسد، لأن نجاح هذه المعركة في العمق الدمشقي معناه أن القيادات الأساسية في الجيش السوري ستتخذ قرارها النهائي بالانشقاق عن الأسد، كما أن نقل المعارك إلى شوارع دمشق سيؤدي إلى خروج الأسد من دمشق باتجاه مدينة اللاذقية الساحلية، وهذا أمر حيوي على المستوى الرمزي والمعنوي لأنه سيرسل رسالة إلى الداخل السوري والعالم بأن الأسد لم يعد رئيسا لسوريا، مما يعزز فرص إلقاء القبض عليه أو قتله أو هروبه إلى خارج البلاد".

المصادر: